IMLebanon

الثورة فين والحلف الثلاثي فين  

 

أيّ ثورة وأيّ جبهة ثلاثية توقظ خيبات ومرارات 14 آذار،المصابون بطفرة تفاؤل يدّعون أنّ الثورة على وشك الاندلاع مجدّداً حتّى قبل رفع حجر الكورونا،وهذا بالطبع «تهيؤات» ثوروية حالمة من زمن الثورات الرومانسية الحالمة، والمفرطون في التشاؤم ما يزالون يرون أنّ الغالبية من اللبنانيين لا تزال تجلس في البيوت فقد اكتفت من خيبات الأمل، ويتساءلون عن الثورة التي لا تحمل برنامجاً ويحمّلونها مسؤوليّة وضع الحكومة ورئيسها في يدِ حزب الله يقود البلد عبرهما كيف يشاء، مؤكّدين أنّه ليس هناك حتى ما يسمّى بـ»الثنائيّة الشيعيّة»، وأنّ الرئيس نبيه بري لا يزال موجوداً على رأس الرئاسة الثانية لأنّ حزب الله لا يزال يضعه هناك لحاجته إليه كناطق وممثل سياسي له أمام دول العالم، وأنّه متى أطبق الحزب نهائيّاً يده على لبنان لن يعود هناك ضرورة للاختباء وراء المفاوض الوكيل عنه، وأننا سنرى واحداً من «حيطان» حزب الله جالساً مكان الرئيس نبيه بري، وعلى لبنان السلام، وهذا الأمر من وجهة نظرنا لم يعد بعيداً أبداً، بفضل أداء بعض القيادات التي عندما تتحرّك يكون حركها وتصعيد وسعيها لتشكيل الجبهات للوصول إلى غاياتها ومصالحها السياسية الشخصية ومتى ما وصلت إليها استدارت لتطعن ظهور حلفائها والانقلاب عليهم أو التخلّي عنهم في منتصف الطريق، هذا ما رأيناه يحدث ويتكرّر على مدار الخمسة عشر عاماً الماضية، والبعض يستعدّ لإعادة تكرار السيناريو ظنّاً منه أنّ النساء تنسى أو أنّه لا يزال بمقدوره استغباءهم حتى لا نقول كلمة أخرى!!

 

أيّ ثورة يستطيع اللبنانيّون أن يثقوا أنّها ستقودهم إلى الغاية المنشودة بالخلاص من الذين أوصلوا البلاد إلى هذه الحالة الكئيبة، أي ثورة في وقت «العهد القوي» خائف من استعادتها لنشاطها ووطأة الخوف دفعته لشنّ حملة استباقيّة، العهد القوي لا يستطيع أن يحتمل مشهد الثوار في الساحات والشوارع، أمّا الحكومة فحدّث ولا حرج، نحن أمام نوع لم يعرفه اللبنانيّون من رؤساء الحكومات الذين حفظوا كراماتهم وماء وجوههم ومقام الرئاسة الثالثة فاستقالوا تاركين الكرسي من أجل البلد، حسّان دياب تجربة من نوع آخر، لن يستقيل حتى لو انطبقت سماء البلد على أرضه وانسحق لبنان بينهما، فالرّجل لم تبلغ أحلامه يوماً عتبة السراي الحكومي فكيف بكرسيّها؟!

 

أي جبهة ثلاثيّة أو حلف ثلاثي، فوق أو تحت الطاولة، لا يتطابق المشهد مع الثورة وهتافها الذي يرفض الجميع، ومن المفيد هنا التذكير أنّ مكوّنات هذه الثورة تمثّل الجتمع المدني وبقايا اليسار والشيوعيّين الضائعين منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، واللبنانيين الذين كانوا مصدقّين أن الثورة تجاوزت الطوائف حتى اندلع أمامهم مشهد السُنّة «السلفيين على مستقبليين» الغاضبين لتطيير رئيس الحكومة السُنيّ، ومشهد الهمج الهائجين في الشوارع يصرخون بالناس «شيعة..شيعة» ظنّاً منهم أن الكلمة بحدّ ذاتها تسبب الرّعب فكان أن أثارت الاشمئزاز، هؤلاء اللبنانيون وهم كثر أصيبوا بخيبات متتالية خصوصاً مع انقسام آرائهم بين من يريد أن يبقى في الشارع ومن يريد أن يخرج منه لإعطاء فرصة للحكومة، ثورة بعدّة رؤوس لن تصل البلاد إلا إلى الفوضى أو إلى الحرب الأهليّة وهذا أخوف ما نخافة لأننا رأينا كيف انزلق لبنان عام 1975 في بئر الحرب الأهليّة المجنونة…

 

ليس سرّاً أن العلاقة طعمها مرٌّ جداً بين معراب وبيت الوسط الذي أعطاها دائماً من طرف اللسان حلاوة وعند الجدّ اكتشفت أنّ حلاوة بيت الوسط خدّاعة وليس هناك من داعٍ لتحريك هذه المرارات، أمّا وليد بيك فحدّث ولا حرج عن انقلاباته، منذ اشتياقه إلى البوريفاج وتصريحه منه إلى حنينه إلى الشام في آب العام 2009 مباشرة بعد الانتخابات النيابية، البيك يملأ الدنيا صراخاً عندما يريد حصّته!

 

في البلد قضايا أهم بكثير من الغايات السياسيّة الشخصيّة لبعض القيادات، الناس تدرك أن الجوع يقرع أبوابها بعنف ويسرق منها «شقا عمرها» فيما سياسي هنا يهدّ الدنيا من أجل مصالحه وآخر لا يزال يظنّ أنّ لا قيامة للبلد إلا به، هذه حكايات «بايخة» لن تجد في قطعان هؤلاء من «يهوبر» لها هذه المرّة!