IMLebanon

المعارضة التقليدية «تُخلّص» السلــطة

 

تُواجه السلطة الحالية جبهات معارضة وناقمة عدة، وأخرى يُعمل على إحيائها أو إنشائها، سياسياً وشعبياً. إلّا أنّ الجبهات المعارضة الراهنة أو التقليدية، لن تؤتي النتائج المرجوّة على صعيد الحلّ السياسي – النقدي – المالي – الإقتصادي للأزمة الراهنة، بحسب متابعين، بل إنّ أيّ جبهة تتطلّب تغيير المطالب.

 

ترى مصادر سياسية معارضة أنّ «فريق 8 آذار غير موحّد ومنقسم، والأهمّ أنّ هذا الفريق أصبح أمام اللبنانيين جميعاً المسؤول عن فشل الحكومة، لأنّه الذي يقف خلفها، وهو مَن أفشلها، وسيتحمّل مسؤولية الكارثة المالية التي وصل اليها لبنان».

 

وتعتبر أنّ «إحياء جبهة 14 آذار سيؤدي الى شدّ عصب قوى 8 آذار في مقابل قوى 14 آذار، وبالتالي ستقع المَلامة على الوضع المتردّي على هذا الإنقسام، فيما أنّ العهد الحالي وفريق 8 آذار لا يُمكنهما الآن تحميل المسؤولية لأيّ جهة أخرى لأنّ هذا الفريق لا شريك له في الحُكم، وهو الآمر الناهي، انطلاقاً من الأكثرية النيابية والوزارية التي يتمتع بها. وبالتالي، هو يتحمّل مسؤولية الكارثة التي حلّت بلبنان».

 

إنطلاقاً من هذا الواقع، ترى هذه المصادر «أنّه يجب ترك هذا الفريق والعهد يتخبّطان بالوضع الذي هما فيه، وعدم منحهما حبل نجاة سياسي من خلال إحياء التحالفات القديمة التقليدية».

 

وإنّ إعادة إحياء جبهة 14 آذار، تحول دونه مجموعة عوامل، ومن بينها افتقادها للدعم الخارجي، تحديداً الإقليمي – العربي – السعودي. على رغم ذلك، ترى مصادر سياسية معارضة أخرى أنّ «هناك ضرورة لتعاون الجهات المعارضة كلّها بعضها مع بعض لتكوين معارضة فاعلة، واضحة ومحددة الأهداف».

 

وتقول: «نحن لسنا مثل «حزب الله» ولا نعمل وفق دعم إيران وقراراتها وأهدافها ومصالحها، نحن مجموعة لبنانية معارضة على أساس سياسي – إقتصادي وتعمل بحسب هذه الطريقة، حتى لو أننا لا نحظى بأيّ دعم إقليمي أو خارجي». وتعتبر أنّ «المساعدة أو الدعم هما لاحقان، وإذا حصلا لن يقتصرا على السعودية فقط، فهذه العلاقة تشهد «طلعات ونزلات» وترتبط بسياسة كلّ ملك، وإذا تكوّنت معارضة حقيقية على عنوان سياسي واضح فقد تتمكّن من أن تحظى بدعم للبنان من أكثر من دولة حليفة، إن من الدول الغربية أو العربية والخليجية.. فهذا الدعم يتخطّى العلاقة مع دولة واحدة». وتجزم هذه المصادر أنّ أيّ معارضة لا يُمكن أن تستثني مجموعات الحراك الشعبي.

 

لكن هذا الحراك قائم منذ «انتفاضة 17 تشرين» أقلّه، على وضع كلّ القوى السياسية في دفّة واحدة، معترضاً عليها كلّها، ومطالباً بعدم تولّيها أيّ مسؤولية في السلطة أو الحكم، ورافضاً التعاون معها، لأنها تتحمّل مسؤولية إفشال الدولة والإنهيار الذي يواجهه لبنان على الصعد كلّها. طريقة العمل هذه، لم تؤتِ أيّ نتيجة، حسب الجهات السياسية المعارضة، فكان الأجدى بهذا الحراك، أقلّه التعاون مع كتل نيابية «على القطعة» لترجمة مطالبه، لا سيما منها تلك التي تقع في إطار المحاسبة، وذلك تشريعاً وقوانين وضغطاً على الحكومة لاتخاذ القرارات المطلوبة في هذا الإطار.

 

ويعتبر معارضون أنّ «كلّ احتلال يوصِل الشعب أن ينزل الى الشارع ليطالب بلقمة العيش، بدلاً من المطالبة بالسيادة. وتاريخياً وفي كلّ دول العالم، لا دولة تعيش تحت الإحتلال، تكون مزدهرة اقتصادياً. وبالتالي، إنّ كلّ ما يقوم به المنتفضون لن يؤتي أي نتيجة اذا لم يقولوا إنّ مشكلتنا الفعلية هي في هَيمنة «حزب الله» على قرار الدولة».

 

وتقول: «لا يُمكن استهداف القطاع المصرفي وحاكم مصرف لبنان، والمطالبة بإعادة الأموال التي خرجت شرعياً، من دون المطالبة بالدولارات التي هُرّبت الى سوريا والتي تفوق المليار دولار، ولا يُمسّ بالصرافين الذين يحرّكهم «حزب الله».

 

وترى «أننا وصلنا الى مرحلة لن ينفع فيها حتى استعادة الودائع، التي إذا أعيدت الى المصارف، سيهجم المودعون لسحبها كلّها»، معتبرةً أنّ «المشكلة تكمن في الثقة المفقودة».

 

إنطلاقاً من هذه المعطيات، تجمع غالبية القوى السياسية المعارضة على أنّ جبهة المعارضة الوحيدة الفاعلة، يجب أن تكون سياسية – شعبية، وأن تتمحور على إعادة لبنان الى محيطه العربي وموقعه لدى الغرب، بلا أيّ تسويات داخلية سلطوية أو محاصصاتية، ويكون هدفها الضغط على السلطة والعهد و«حزب الله» لتغيير النهج السياسي والأداء الإداري بغية الوصول الى الحلّ الإقتصادي، إذ إنّ جزءاً أساسياً من الأزمة هو سياسي، وبالتالي إنّ الجزء الأساس من الحلّ هو سياسي.

 

وتؤكّد مصادر معارضة أنّ «الإحتجاجات الشعبية إذا ظلّت عناوينها متركّزة على المطالب المعيشية أو التعدي على الأملاك الخاصة ومهاجمة المصارف، فلا يتوقع أحد أنّها ستخرج لبنان وشعبه من أزماتهما، وإذا لم يتوجّه المنتفضون الى مَكمن المشكلة، عليهم أن يعتادوا العيش في بلد لا يُمكنه الاستيراد وضُرب قطاعه السياحي… وسيُصبح لبنان مثل فنزويلا وإيران، وعليهم أن يتكيّفوا مع هذا الواقع».

 

وإنّ تغيير اتجاه الحراك وتعاونه مع قوى سياسية معارضة سبق أن تولّت الحكم في السنوات الأخيرة أو منذ أوائل تسعينات القرن الماضي، لا يعني، بحسب المصادر نفسها، تَبرئة أيّ من هذه القوى، بل يكون التعاون ظرفياً وآنياً لتحرير لبنان من سبب مشكلته الأساسية، ثمّ تحويل الحراك الى أهداف أخرى تُعتبر أجزاء ثانوية من المشكلة.

 

وتشير الى أنّ الإنتفاضة الشعبية تمكّنت من إخراج غالبية القوى السياسية من السلطة ومن إسقاط الحكومة السابقة، إلّا أنها لم تتمكّن من إسقاط «حزب الله» أو القوى التي يدعمها، وعلى رغم ذلك تفاقمت الأزمة. وهذه إشارة عملية أساسية إلى مَكمن المشكلة وحلّها. وخلاف ذلك، ستظلّ أيّ حركة احتجاجية سياسية أو شعبية تدور في حلقة مفرغة.