Site icon IMLebanon

14 آذار: عون وحلفاء سوريا وراء رفض خطة شهيب

لم يشهد تاريخ الحياة السياسية في لبنان سابقة كتلك التي تتواصل فصولها منذ قرابة العام والنصف رئاسيا، وما يقارب العام تشريعيا ونحو الشهرين حكوميا، حيث يحكم الشلل المؤسسات بنسب متفاوتة، وسط محاولة طاولة الحوار احياء ما امكن منها، في مشهد يكاد يكون اشبه بنحيب جماعي، حيث تخوض الطبقة السياسية حروبها فوق ما تبقى من انقاض دولة وسلامة وطنية.

فالاتصالات الجارية لاستئناف الاجراءات الخاصة بوضع خطة النفايات موضع التنفيذ، ما زالت مستمرة دون جدوى عملية حتى تاريخه بحسب مصادر متابعة، بعدما جرت مواجهة خطة النفايات برفضٍ واسع في المناطق المحددة لاعتماد مطامر صحية فيها، والتي أُتبعت بتحركات جديدة لجماعات الاحتجاج المدني استهدفت «الزيتونة باي»، ارتسمت ملامح دفعٍ للأمور نحو مزيد من التعقيد والتصعيد، أثارت تساؤلاتٍ قلقة حول مسار التطورات، وما اذا كان ما يجري نتاج حمى الاحتجاجات التي تُسقِط كل ما تتخذه الحكومة من قرارات، ام ان هناك ما يتجاوز ذلك للدفع بالوضع نحو ذروات تصعيدية لأهداف سياسية أبعد، وسط الارباك الكبير حيال ما يمكن فعله لإعادة احتواء الرفض لخطة شهيب، والذي برز مع عدم بلورة اي اتجاه بعد لدعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد لإعادة مناقشة الموقف من الخطة المعطَّلة.

مصادر في 14 آذار، اكدت ان «الصبغة» السياسية التي تعتري الاحتجاجات على خطة شهيّب، تبدو واضحة في ظل وجود أطراف يقومون بدفْع الاعتراضات «من الخلف»، لافتة الى ان فريق العماد ميشال عون يبدو في خلفية المشهد الرافض خريطة الطريق التي وضعتها الحكومة لحل ملف النفايات ولا سيما عبر التحركات على الأرض التي تحصل في عكار وبرج حمود، فيما لا يخفى وجود دور لموالين للنظام السوري في الحال الاحتجاجية التي برزت في البقاع ضد إنشاء مطمر في منطقة المصنع،

ولفتت المصادر نفسها الى انه إذا تفاقمت الاعتراضات ولم ينجح وزير الزراعة عبر الاتصالات واللقاءات التي أطلقها في احتوائها، فهذا يعني ان ما يجري هو مجرّد «رأس جبل جليد» يطلّ على عناوين التأزّم الداخلية والاقليمية، معتبرة انه ما لم تسهم القوى السياسية في الثامن من آذار في تفكيك لغم النفايات، الذي تفرّعت منه حركات احتجاجية في أكثر من ملف طالت المنطقة المعروفة «بالزيتونة باي»، فهذا سيكون مؤشراً ايضاً الى محاولات مضمرة لنقل الوضع اللبناني الى مرحلة أكبر من التأزم ربطاً بمقتضيات التطورات في سوريا خصوصاً.

ورغم كل المبذول من محاولات، يظهر ان البلاد القابعة على حافة كارثة وطنية كبرى لا تبدو متجهة نحو حلول وشيكة، مع تأكيد المصادر على اجواء الاتصالات بان هامش المناورة امام القوى السياسية المتلطية خلف الحراك الشعبي، والتي نجحت في احتواء التحركات الاخيرة وتجييرها لصالحها، سواء عبر «تحالف مسؤولين» سابقين يحاولون تصفية حساباتهم مع الحكومة في الشارع مستعجلين تفجير الوضع ودافعين نحو الصدام، او تلك المشاركة في الحكومة والتي تراجعت عن تعهداتها، كاشفة ان المهلة المعطاة «للحل السلمي» انتهت مساء امس، على ان يكون اليوم يوم آخر حيث ستعطى الاوامر للقوى الامنية لتنفيذ قرار الحكومة «بالقوة» مع تخطي الازمة كل الخطوط الحمراء وتحولها الى كارثة تنذر بتداعيات خطيرة على الصحة والسلامة العامتين، في ظل التغير المناخي المرتقب وبدء تساقط الامطار، رغم تعويلها على سلسلة لقاءات يجريها الوزير شهيّب وفريق العمل الذي يعاونه، كما بالنسبة إلى الاجتماع المقرّر في ساحة النجمة على مستوى لجنة البيئة النيابية بحضور الخبراء والمعنيين وربّما ممثلين عن الهيئات المشاركة في الحراك المدني لبَتّ هذه الإجراءات الضامنة لفَهم الخطة وتنفيذها بما تقرّر على المستويين القريب والبعيد، خاصة مع نجاح الاتصالات الجارية مبدئيا في تحقيق خرق خصوصاً في ما يتعلق بالبقاع وعكار، لكنها متعثرة بالنسبة الى برج حمود.

واشارت المصادر ان رئيس الحكومة لن يدعو الى اي جلسة جديدة لمجلس الوزراء لبحث هذا الملف من جديد، اقله قبل مرور ثلاث محطات يفترض ان تبين اتّجاهات الريح، الاولى جولة الحوار الجديدة المقررة بين المستقبل وحزب الله اليوم، التي سيطلب خلالها التيار الازرق، بحسب مصادره، جوابا واضحا من الحزب في موضوع تحريضه على استهداف وسط بيروت و«سوليدير» من جانب جماعات متظاهرة، وكتابة شعارات مسيئة على ضريح الرئيس الحريري ورفاقه، بعدما صدرت تصريحات علنية وواضحة من نواب ومسؤولين في الحزب، تحرّض على الشركة والرئيس الشهيد، من منطلق البحث في تداعيات التحركات الاحتجاجية، او بعضها، على الاستقرار الداخلي، الثانية، التئام هيئة الحوار الأربعاء، والثالثة تتعلق بالتسريبات حول قرار اتخذ على مستوى رئيس الحكومة تمام سلام والقوى السياسية القريبة منه، وبالتنسيق مع رئيس مجلس النواب، بعدم الدعوة إلى أي جلسة لمجلس الوزراء قبل إحالة العميد شامل روكز إلى التقاعد خلال الاسابيع المقبلة، بهدف سحب ورقة التعطيل هذه من يد رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون.

النفايات في الشارع تتزايد،والحركة الاعتراضية بين مد وجزر المصالح السياسية، فيما الكارثة التي يتحدث عنها الجميع ويترقبها اصبحت قاب قوسين او ادنى. فهل يتحرك رئيس الحكومة ويحسم الامر؟ ام ان مشكلة النفايات ليست سوى راس جبل جليد ما يخطط للبنان؟