لم يكن ينقص المشهد الداخلي المعقد من تهديدات «جبهة النصرة» و«داعش» الى ملف عرسال المتفجر الى العسكريين المحتجزين لدى المجموعات الارهابية الى الملف الرئاسي المترنح على وطأة التجاذبات السياسية والمجلس النيابي المعطل عن التشريع حتى اشعار آخر، إلا إطلالة سراج الدين زريقات مهدداً ومتوعداً حزب الله وقيادة الجيش والمسيحيين بالعقاب ودفع الثمن ملوحاً باحتلال بيروت في ساعات، الأمر الذي يطرح علامات استفهام تقول مصادر سياسية ويثير الشكوك حول قدرات النصرة واخواتها وحول انشغالات السلطة السياسية التي لا تتفق حول اي ملف وهي تختلف ان اتفقت على جنس الملائكة. فالقوى السياسية غير قادرة على حسم اي ملف، او على التوافق على اي بند او مشروع مهما بلغت الاثمان ومهما كانت الاخطار المحدقة بالوطن والتي تتهدد مصيره.
وهذا ما حصل في ملف الرئاسة، تضيف المصادر التي لن تبصر النور في المدى المنظور ولن يجلس على كرسي بعبدا الرئيس الماروني المنتظر طالما استمر الموارنة الذين لا يأبهون لتهديدات الزرقاوي الذي سماهم بالاسم «عون وجعجع والجميل»، وفي ملف العسكريين الموقوفين الذين يدفعون مع اهاليهم الثمن الاكبر من اعصابهم وحياة ابنائهم المذبوحين او الذين ينتظرون المصير الاسود على ايدي «داعش» و«النصرة»، فيما 14 آذار تكاد تقارب قناعتها قناعة «النصرة» بأن حزب الله هو المسؤول عن مصير العسكريين المشؤوم، او حتى ملف التشريع وفتح ابواب المجلس لفتح ثغرة او نافذة في الجدار المغلق منذ عدة اشهر على وقع تجاذبات 8 و14 آذار وربط مصير العودة الى التشريع بالانتخابات الرئاسية، فالقسم الاكبر من 14 آذار يصر على عدم الرجوع الى المجلس قبل الانتخابات الرئاسية، الى ان برزت مؤخراً محاولات جديدة من شأنها تليين المشهد السياسي واعادة ضخ الدم في شرايين المجلس المتوقف على ايقاعات الخلافات الكثيرة والملفات الساخنة.
فالواضح كما تقول المصادر ان اتفاقاً انجز ويتم وضع اللمسات الاخيرة عليه بين رئيس المجلس النيابي ومكونات اساسية من الفريق السيادي في 14 آذار، وكان من بوادر هذا التقارب الاتصالات التي حصلت بين القوات ورئاسة المجلس من اجل الدفع للمشاركة في عقد جلسة تشريعية تعقد قريباً بدون ان يعني ذلك ان القوات تخلت عن قناعاتها او تسير بعكس خيارات بكركي او حلفائها الآذاريين، خصوصاً وان ثمة اطرافاً اساسيين وفي مقدمهم بكركي وبعض المكونات المسيحية يرفضون العودة الى المجلس قبل انتخاب رئيس للجمهورية.
وقد بدا واضحاً في الساعات الماضية تضيف المصادر ان ثمة توجهاً لدى «القوات» يلاقيه فيه «تيار المستقبل» من اجل فك الارتباط القائم بين التشريع وملف الرئاسة، خصوصاً ان اصحاب هذا التوجه يتمسكون بنظرية انه لم يعد جائزاً في ظل المشاكل والمخاوف الراهنة من انفجار الوضع في عرسال وفي اكثر من منطقة لبنانية وبعد ان بدأت القاعدة بتهديد بيروت، ان يستمر تعطيل المؤسسات، خصوصاً ان لا شيء يبشر بحل قريب لملف رئاسة الجمهورية.
فالعودة الى المجلس للتشريع اصبحت شبه حاصلة تقريباً حيث ثمة شبه اتفاق في ملف سلسلة الرتب والرواتب لعرضها واقرارها في الهيئة العامة، ولاقرار اليوروبوند والموازنة العامة وتبقى الخلافات حول عناوين عديدة من الضريبة على القيمة المضافة ودرجات الاساتذة.