يعتقد كثر من المناضلين أنّ أمام «مجموعة الرفاق» من «14 آذار» مهلة قصيرة حتى 14 شباط المقبل لإثبات الحدّ الأدنى من تضامنها. وكان النقاش يدور حول تصريحات عدد من «الرفاق الإفتراضيّين» التي تؤكّد أنّ العلاقات الشخصية بين قادتها على ما يرام ولن يؤثر فيها ما حصل لأنّ ما شهدته معراب مثلاً لا يستهدف أحداً. فمَن هو المستهدَف إذاً؟ أي كيف؟!
بدا النقاش هادئاً بين مجموعة «المناضلين» من رموز «14 آذار» ومحازبين من اطراف أساسية شكلت رؤوسَ حربة على مدى السنوات الإحدى عشرة التي تعبرها المجموعة في 14 شباط المقبل «على طريق العبور نحو الدولة»، كما يصرّ على القول أحد هؤلاء، مضيفاً: «كنا على ما يرام عندما جمعتنا المصائب التي توالت علينا واحدة تلو الأخرى. وعبرنا إستحقاقات كثيرة خطيرة وداهمة كان يمكن أن تودّي بنا وتُهدّد وحدتنا.
وعلى رغم ذلك فقد عبرنا معاً سلسلة من المحطات الأساسية ونجحنا في إخفاء خلافات كثيرة حسمت ضمن الجدران الأربعة. وطوينا سلسلة من الصفحات كان يمكن أن تكون سوداء «وبلعنا» أخطاءَ بعضنا و«جرائم» البعض الآخر، ولجأنا الى اكثر من وسيلة واعتمدنا «الكذب» أحياناً على خلفية «أنّ الغايات تُبرّر الوسائل» مهما كانت ملتوية وصعبة».
لم يعترض كثر على هذه القراءة الجريئة التي أجراها «المناضل العتيق». لكنّ الخلاف وقع عندما بدأ البحث في المحطات التي شكلت سبباً لما آلت اليه أوضاع المجموعة التي بلغت في فترة قياسية لا تزيد على أسابيع قليلة مرحلة «الهرم السياسي» من دون المرور بمراحل العمر الطبيعية فتجاوزت بسرعة نكسات العمر الطويل وما عاشت أيام الشيب والشيخوخة.
رفض أحد المشاركين في حلقة النقاش الحديث عن الإنتقال السريع من فترة الشباب الى الهِرم. وتحدّث عن فترات صعبة ومحطات عبرتها المجموعة وشهدت خلالها مظهراً من مظاهر التعب والشيخوخة، وتحديداً عندما تجاوزت نزاع الأقطاب عندما احتدم حول «الأحجام» فانقلبت الصورة لفترة لتأخذ شكلاً جديداً من أشكال النزاع ظهر واضحاً بين ممثلي الأحزاب التقليدية التي كانت تتحكم بالقرارات السياسية فارتدّوا بدهاء ليحوّلوا معركتهم البينية مع المستقلين من ممثلي المجتمع المدني.
ويضيف: «لم يكن ذلك صعباً على مَن أتقنوا الألاعيب السياسية بحِرفيّة عالية، فقد قدّم بعض المستقلين من هؤلاء وممثلي الحراك المدني نماذج تخالف صفاته التي يجب أن يحتفظ بها.
فشكلت ممارساتهم هدايا على أطباق من ذهب، وتحديداً عندما ظهر عشق البعض منهم للسياسة التقليدية في أكثر من مناسبة، فسقطت تجربة التعاون بين الحزبيين والكوادر والوجوه ـ الرموز، كذلك سقطت تجربة «المجلس الوطني» وجُمِّدت أعمال الأمانة العامة وانفخت الدفّ وتفرّق العشاق». لم يُجمع المشاركون على أنّ هذه القراءة وحيدة، ولا وجه من وجوه الأزمة يختلف عنها.
فقال إحدهم «إنّ السباق الى السلطة والمال كان من الأسباب الوجيهة، خصوصاً أنّ البعض تمكن من الخروج من عباءة آخرين وتجاوز الخطوط الحمر». وردّ آخر «أنّ تداعيات الأزمة السورية ومفاعيل النزاع المذهبي السنّي ـ الشيعي الذي اجتاح العالمَين العربي والإسلامي كان لا بدّ له من أن يفعل فعله في جسم المجموعة كما فعلت بالبلد والدول المجاورة».
وقال: «رغب البعض من دون إستشارة رفاقه أن يمدّ أطرافه الى الداخل السوري وراح البعض الآخر ينادي بالحياد لإبعاد النار السورية من هشيم الداخل اللبناني، فوقعت الواقعة من جديد وتمادى الطرفان في مواقفهما الى درجة تزايدت فيها الإنشقاقات فانعكست على ما كان يُسمى الأداء الموحَّد للمجموعة، وتمايز البعض عن البعض الآخر وظهرت التداعيات في محطات عدة».
ووسط إجماع المتحاورين على إضافة هذا السبب الى ما سبقه، انبرى أحدهم قائلاً: «إنّ الإستحقاق الرئاسي كان سبباً وجيهاً ليعكس سريعاً مظهراً من مظاهر الخلاف. فتلاحقت الإنقلابات بما حملته من مفاجآت وعبّرت عنها المواقف الكيدية ما بين الداخل والخارج الى أن وصلنا الى ما نحن عليه».
لم يكن سهلاً المضي في نقاش من هذا النوع، فكان قرارٌ بوقف النقاش على أن يُستأنف في وقت لاحق. وما كان لافتاً أنّ أحدهم سأل عن شكل ومضمون الإحتفال المنتظَر بالذكرى الحادية عشرة لـ 14 شباط بعيداً من حراك حقوقيّي 14 آذار وطلابها الموحَّد بعد إطلاق ميشال سماحة، فمَن سيلتقي على المنصة نفسها؟ ومَن سيكون خطيباً؟
وما هي العناوين السياسية الموحَّدة؟ ومَن سيكون حاضراً في الصفوف الأمامية؟ وكيف سيترجم القادة والأقطاب علاقات الودّ في ما بينهم في ظلّ الرهانات والمعادلات المتنازعة والمتناقضة تحت سقف واحد؟
وقبل الإجابة على سيل الأسئلة هذه اعتبر أحدهم أنّ رعاة قوى 8 آذار كانوا أذكى من 14 منه. فقد ألغوا إحتفالاتهم بهذه الذكرى منذ سنوات لتجنّب ما وصل اليه الفريق الآخر.