IMLebanon

14 آذار موعد استئناف المفاوضات السورية تاريخ رمزي يحاول استدراك أولى الانتفاضات!

قد يتعيّن على الموفد الدولي الى سوريا ستافان دو مستورا تعديل موعد 14 آذار من أجل بدء مفاوضات حول تسوية سورية بين النظام والمعارضة في جنيف، إذا ما أخذ في الاعتبار هذا التاريخ الذي كان حاسما في تاريخ الرئيس بشار الاسد من حيث انطلاق انتفاضة اللبنانيين ضد وجود قواته في لبنان في 14 آذار 2005، مما اضطره الى انسحابها لاحقا، إذ غالبا ما يتشاءم السياسيون من تواريخ معينة باتت دلالة او رمزا على مرحلة سلبية بالنسبة اليهم. يتوجه الرئيس بشار الاسد بزخم مختلف على خلفية المكاسب التي امنتها له روسيا منذ تدخلها العسكري في ايلول الماضي ما قد يهيئ له ان ثمة ما سيسمح له بقلب المعادلة التي كرسها هذا التاريخ انطلاقا من لبنان وصولا الى سوريا، حيث كان شهر آذار 2011، أي قبل خمس سنوات، هو ما سجل بدء العد العكسي للثورة ضد حكمه وانهيار سيطرته على الاراضي السورية. بعض السياسيين ممن يعتبر قريبا منه يرى ان ما سيتكرس في جنيف خلال الايام المقبلة بعد تثبيت وقف الاعمال العدائية بالحد المقبول وفق تقويم كل من روسيا والولايات المتحدة، هو جلوس النظام والمعارضة الى طاولة المفاوضات، مما سيكرس الثنائية بحيث سيصعب تجاهل أحدهما الآخر، بعدما أنكر النظام طويلا وجود معارضين لحكمه ووصمهم بالارهاب، ولا يمكن ان يتمتع بوضع افضل مما بات عليه في ظل المساعدة التي تلقاها، فيما طالبت المعارضة برحيل الاسد ورفض التحاور معه، على أن يؤدي التفاوض في رأي هؤلاء في نهاية الأمر الى ما قد يشبه اتفاق الطائف اللبناني من حيث تحويل الحرب من الشارع الى الحرب في السياسة على طاولة مجلس الوزراء أو في مجلس النواب، بغض النظر عما إذا كان ذلك يمكن أن يؤدي الى إتاحة الحكم في سوريا أو في العراق الذي سيسري عليه المبدأ نفسه وفقا لهؤلاء. ومع أن هذا الاختصار تبسيطي لمفاوضات لم تبدأ بعد حول حرب لم تعد محلية، بل أصبحت اقليمية ودولية أيضا، فإن التلويح بالفدرلة او بالتقسيم من جانب الولايات المتحدة وروسيا كان كافيا لإثارة المخاوف الايرانية والتركية لجهة المخاوف من كيان كردي مستقل قد يصل الى كل من إيران وتركيا، في حين أن الدول العربية أيضا لا يناسبها إبعاد السنة الى مناطق نائية من دون العاصمة دمشق تحت طائل خسارة سوريا ككل لمصلحة اجزاء غير مفيدة منها.

الجلوس الى طاولة المفاوضات لا يعني انها حتما آيلة الى نتائج قريبة، إذ إن تجربة لبنان أثبتت أن هدنة اسبوعين او ثلاثة لا تسمح ببدء حل سياسي جدي. إنها أقرب الى هدنة المحاربين أو التقاط الانفاس، بحيث أن الرسملة على هذه المدة القصيرة من وقف الاعمال العدائية للبناء عليه ليس سهلا. لكن الدول المعنية تود أن تصدق وان تثبت هذه الهدنة لوقف التداعيات السلبية المهلكة ان من حيث تدفق اللاجئين الذي يكاد يفجر اوروبا او من حيث الارهاب. ولا تسبغ عليها أكثر من طابع الهدنة لخوفها من المفاجآت. وتقول مصادر ديبلوماسية غربية إنها تثق كليا بأن النظام سيسعى الى محاولة استمرار تحقيق مكاسب اضافية على الارض. واقرار نائب وزير الخارجية الايراني حسن عبداللهيان بان جيش الاسد انهك ويحتاج الى ان يعيد هيكلة نفسه، يعني أن أي محاولة من جانبه ترتبط بمدى مساعدة ايران له في مسعاه، بل أكثر، بمساعدة روسيا عبر القصف بطائراتها من الجو لمواقع المعارضة، ربما للضغط عليها أكثر في المفاوضات وتليين مواقفها. ولذلك فإن التحدي هو على روسيا تحديدا التي تتولى تسويق المسار السياسي للحل مع المحور الايراني والنظام، والذي اتفقت عليه مع الولايات المتحدة. وترى هذه المصادر أن روسيا جدية، ولو لم تنكر أنها فاجأتها مرارا. كما تبدي هذه المصادر ثقة بأن النظام سيحاول التملص من أي التزامات تؤدي الى تنازلات حقيقية في السلطة، فتعود الكرة الى ملعب روسيا مجددا من أجل أن تظهر صدقيتها او التزامها الفعلي هذا المسار. ان هذه المصادر ترى أن روسيا التي بلبلت الغرب في مواقفها خلال الاعوام الماضية في شأن حقيقة موقفها من نظام الاسد وما اذا كانت تقبل باستمراره او تؤمن بضرورة رحيله، قد تكون راغبة فعليا وحتى إشعار آخر في السير قدما بمسار سياسي يمكن ان تساهم في تحقيقه راهنا وقبل اي متغيرات قد تطرأ على الادارة الاميركية، بنتيجة الانتخابات المرتقبة في تشرين الثاني المقبل. فإذا قارنت موسكو بين إدارة الرئيس باراك اوباما والمرشحين الرئاسيين، ولا سيما أبرز من لديهم حظوظ من بينهم، أي المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، فمن المرجح أنها ستصطدم بمواقف اقل مرونة وتسليما بالموقف الروسي من ادارة اوباما. وقد ضمنت كلينتون خلال حملتها الانتخابية قبل أيام انتقادات لاستراتيجية ايران وروسيا في دعم الديكتاتور ضد شعبه، علما أن موقفها ليس جديدا، وسبق أن عبرت عنه قبل تخليها عن منصبها في وزارة الخارجية الاميركية، لكن موقفها سيكون مختلفا في حال انتخابها للرئاسة. وهذا يشكل أحد الاسباب للثقة بأن روسيا قد تكون جادة في دفع المسار السياسي، وخصوصا أنها أملت الحل وفق ما يناسب بقاء النظام الى حد كبير وفرص كسبه حظوظا جديدة، مع الإقرار بأن ذلك يذهب ضد اقتناع الغرب وضد اقتناع الدول الخليجية في شكل خاص، مع ما لذلك من تأثير كبير في استمرار عدم التوافق الاقليمي حول سوريا، أي أن الحلول ستبقى صعبة إن لم تكن مستحيلة.