Site icon IMLebanon

14 آذار» ترمي «قنبلة دخانية».. وبكركي تعطّلها

لم تكن الحركة في بكركي، أمس، «بريئة» والبطريرك الماروني لم يقع في «الفخ». يشي بذلك النفي البطريركي الذي لحق مباشرة بالبيان الذي صدر عن المجتمعين. في البيان «غمزة آذارية» إلى مباركة بطريركية لخيار انتخاب الرئيس بنصاب النصف زائداً واحداً. وفي النفي، توضيح أن البطريرك «وافق على أن يطرح النواب ما لديهم على رئيس مجلس النواب ولم يوافق على اعتبار النصف زائداً واحداً نصاباً دستورياً». تقول أوساط كنسية في هذا الاطار «إن البطريرك يعتبر أن هذه القضايا محض تقنيات سياسية كمسألة الدوائر الانتخابية، وبالتالي لا يتخذ أي موقف تجاهها».

معنيون بالملف الرئاسي يعتبرون أن ما جرى في بكركي يبين أن البيان الذي صدر عن المجتمعين (قبل النفي البطريركي) هو «قنبلة دخانية أرادت الاستفادة من منبر بكركي للتورية ولإعلان البراءة من مسؤولية تعطيل إيصال رئيس مسيحي الهوية والشخصية، لأن ما يطلبه هذا الفريق هو رئيس وسطي ولكن لا يمت إلى الشراكة بصلة».

أجواء إيجابية سادت الاجتماع وأدلى كل من النواب بدلوه، كما سمعوا من البطريرك التالي: «الحلّ في البرلمان. اطرحوا ما لديكم على الرئيس نبيه بري وبقية الكتل وناقشوها». وأعرب عن أمله بعقد «اجتماع مسيحي موسع لفريقي 14 و8 آذار لمناقشة كل الطروحات، فبكركي ليست وظيفتها أن تقوم بعمل المؤسسات الدستورية، ولكنها تسير في ما تقرره هذه المؤسسات».

احتشدت المبادرات. ربما هي «مبادرة مضادة» للطرح البرتقالي الذي يجول في هذه الأيام على المرجعيات الوطنية للخروج من المأزق الرئاسي. ترى أوساط «التيار الوطني الحر» أن «المطلوب هو إلغاء ميشال عون ومبادرته من خلال خطة زرقاء تستفيد من منبر بكركي وتحاول التستر خلفه، لكن البطريرك حسم الموقف علناً اذ لم يعد يجدي التستر خلفه بعد اليوم». ويذهب عاملون على خط الرئاسة إلى حد وصف ما حصل بأنه «خطة موبوءة» لفريق فؤاد السنيورة في تيار «المستقبل»، حاولت التسلل عبر شخصيات مسيحية من فريق «14 آذار»، بهدف وضع الكلام في فم البطريرك، لكن بكركي كانت «أذكى» من ذلك. ويضيف هؤلاء: «المطلوب التصعيد لامتصاص مبادرة عون، وأيضاً إلغاء مفاعيل طرح التعيينات الأمنية وقضية عرسال الخميس، لكن تبين أن بذور التفجير منها وفيها، فجاء النفي البطريركي ليفكك القنبلة قبل أن تنفجر».

وكان البطريرك قد تحدّث، خلال اللقاء، عن ضرورة «الاتفاق على مخرج ديموقراطي ينطلق من الدستور الواضح في مواده المختصة بانتخاب رئيس للجمهورية»، معتبراً أنه «عار جديد أن نبدأ عاماً جديداً والفراغ في سدة الرئاسة».

وتابع: «أنتم هنا، مشكورون، للإعراب عن استيائكم المرير من عدم انتخاب رئيس للجمهورية منذ أربعة عشر شهراً، ومن فراغ سدة الرئاسة منذ سنة كاملة ويوم، بسبب أن اثنين وأربعين زميلاً لكم في النيابة يقاطعون الجلسات الثلاث والعشرين التي جرت منعاً لاكتمال النصاب، معتبرين أنهم يريدون رئيساً قوياً يُصنع في لبنان ومن لبنان. وأنتم هنا للبحث عن مخرج لأزمة الفراغ. نحن معكم في الاستياء بوجهيه، وفي البحث عن المخرج، ونحن معهم بالمطلب لا بالوسيلة».

انتهى الاجتماع، فخرج المجتمعون ببيان تلاه النائب بطرس حرب وتم فيه الإعلان عن «تشكيل لجنة من الحضور قوامها فريد مكاري، وبطرس حرب وجورج عدوان ونديم الجميل وعاطف مجدلاني، للتواصل مع رئيس مجلس النواب بالخطوات التي اتفق عليها الحاضرون، واعتبار مجلس النواب في حال انعقاد دائم». إلا أن مكاري أوضح أنه ليس بين أعضاء اللجنة.

وأشار الى «توجّه المجتمعين لتأمين حضور يومي في مجلس النواب لانتخاب رئيس جمهورية واعتبار النصاب الدستوري لانعقاد الجلسات ما بعد الدورة الاولى لانتخاب رئيس للجمهورية هو الأكثرية المطلقة قياساً، على اعتبار النصاب في الدورة الاولى الثلثين لانتخاب الرئيس، لأن انتخاب الرئيس في الدورة المقبلة يتم بالأكثرية المطلقة، أي نصف عدد نواب المجلس زائداً واحداً».

في هذ الأثناء، رأت مصادر مسيحية أن اجتماع نواب «14 آذار» في بكركي، بحضور البطريرك الراعي، أعطى مفعولا عكسيا بالنسبة اليهم، مشيرة الى ان كلمة البطريرك خلال اللقاء ثم نفيه الموافقة على معادلة نصاب النصف + واحداً إنما «جعلا السحر ينقلب على الساحر، وشكلا صفعة سياسية لفريق 14 آذار».

ولفتت المصادر الانتباه الى ان الراعي تبنى في كلمته نظرية الرئيس القوي التي يطرحها العماد ميشال عون، ورفض حصر المسؤولية عن الشغور في المقاطعين لجلسات الانتخاب كما كان يرغب نواب «14 آذار»، معربا عن تأييده لمضمون طرح الفريق المقاطع الداعي الى انتخاب رئيس قوي، وإن اختلف معه حول الوسيلة، «وهذه نقلة نوعية في خطاب سيد بكركي».

ولاحظت المصادر ان نواب «14 آذار» حاولوا توريط الراعي من خلال الإيحاء بموافقته على انتخاب الرئيس استنادا الى نصاب النصف + واحدا، هو الامر الذي تنبه اليه البطريرك الماروني وسارع الى إجهاضه.

وشددت المصادر على ان محاولة اختزال الاستحقاق الرئاسي بالنصاب على حساب الجوهر المتصل بمواصفات الرئيس ودوره، لم تنجح، وبالتالي فقد فشل مسعى «14 آذار» في التلطي بعباءة بكركي لحرف هذا الاستحقاق عن وجهته الأصلية.

واعتبرت المصادر ان الراعي كان منحازا بشكل أو بآخر الى منطق عون عندما تمسك بالميثاق الوطني وصيغة المشاركة، لافتة الانتباه الى انه يلتقي بذلك مع خطاب «التيار الوطني الحر» الذي يدعو الى احترام الشراكة الوطنية والتوازن الإسلامي المسيحي في تكوين السلطة.

ورأت المصادر ان كلام الراعي حول مخالفات دستورية متراكمة أزعج نواب «14 آذار» الذين يتحملون المسؤولية عن معظم هذه المخالفات.

وكشفت المصادر عن ان النائب سامر سعادة تمايز عن معظم النواب الآخرين عبر اعتراضه على الدعوة الى اعتماد نصاب النصف + واحدا لانتخاب الرئيس، موضحة انه حذر من خطورة هذا الطرح الذي من شأنه ان يؤدي الى خسارة المسيحيين حصانة دستورية لهم. وتساءل: ما الذي يمكن ان نفعله في المستقبل اذا توافق 64 نائبا مسلما، وحدهم، على اختيار رئيس للجمهورية مستعينين بنائب مسيحي واحد من أجل تأمين النصاب؟.. كيف لنا ان نعترض حينها إذا وافقنا اليوم على هذه السابقة؟

وفيما أثار كلام سعادة امتعاض النائبين جورج عدوان ونديم الجميل، عُلم ان النائب روبير فاضل اقترح إقفال البلد بالتعاون مع الهيئات الاقتصادية في إطار الضغط لانتخاب رئيس الجمهورية، بينما طرح النائب انطوان زهرا اعتصام النواب في المجلس مداورة وفق دوام متفق عليه.