حين يستعين «السيد» و«الجنرال» بـ«الجمهور»
التقى كل من الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله ورئيس «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون على فكرة اللجوء الى «الجماهير». صحيح ان كلام كل منهما جاء في سياق مختلف وهدف مغاير، الا ان فكرة الاعتماد على «ايدي» و «اقدام» الجمهور لقيت اهتماما كبيرا في اوساط واسعة معارضة للرجلين وتياريهما.
قال العماد عون امام وفود شعبية زارته، بناء على دعوات وتحضيرات منسقة، اننا «نحتاج الى اقدامكم يوما ما لتنزلوا الى الشارع كما نزلتم من قبل الى بعبدا». وقد سبقه السيد نصرالله الى التأكيد ان «أهلنا في بعلبك ـ الهرمل الشرفاء، إن عشائرهم وعائلاتهم وقواهم السياسية وكل فرد فيهم، لن يقبلوا بقاء إرهابي واحد ولا تكفيري واحد في أي جرد من جرود عرسال أو البقاع». وقد سارع كثيرون من اهل المنطقة وعشائرها الى وضع انفسهم في تصرف نصرالله.
قوبل هذان الموقفان بـ «نقزة» في اوساط «14 آذار» التي راحت تحلل تبعات هذه الطروحات وتداعياتها على الاستقرار العام.
يعتبر احد الوزراء ان في «طي الموقفين تلميحات الى تصدع الحكومة وانهاء اعمالها. فكيف يمكن لطرفين اساسيين شركاء في السلطة والحكومة الدعوة الى الاعتراض السياسي عبر حراك شعبي وتظاهرات من جهة، واشراك المواطنين ـ الافراد وتنظيمهم في مواجهة عسكرية من جهة اخرى؟. يضيف «ان في هذين السلوكين ما يؤشر الى اننا ذاهبون الى ايام صعبة».
لا يكتفي مسؤول في «تيار المستقبل» بكلمة «صعبة» لتوصيف تصاعد مواقف عون ونصرالله وصولا الى «الحشد الشعبي». يعتبر ان الموقفين «شديدا الخطورة لانهما باحتكامهما الى الشارع يشرعان الابواب امام تفلت الامور والتصعيد غير المحسوب النتائج. فاذا اخذنا الشق الاسهل، وهو دعوة عون للاستعانة بأقدام الجمهور اعتراضا على التعيينات ورئاسة الجمهورية، فانه يمكن الافتراض بأن من سيلبون الدعوة لن يكونوا كثرا لان الناس لم تعد مستعدة للتضحية من اجل احلام شخصية للزعيم او طموحات لافراد عائلته».
لكن القيادي في «المستقبل» يرى أن «الخطير هو موقف نصرالله ودعوته ابناء بعلبك ـ الهرمل وعشائرها الى الانخراط في مواجهة عسكرية. وهو ما سارع بعض شذاذ الافاق الى الاستفادة منه وترويج صور لهم مدججين بالسلاح واصدار بيانات يبدون فيها الاستعداد للقتال عند اول اشارة». ويتابع «لا ينفع التكاذب ورصانة الخطابات في التعمية على واقع التشنج المذهبي القائم، ليس في لبنان فقط انما على امتداد العالم العربي عموما. فهل يتصور السيد حسن كيف ستكون ردة الفعل على استنفار العشائر وتسليح المواطنين؟ اليس هذا وجها من وجوه التعبئة العامة؟ كيف يمكن ضبط الناس بعد ان شُحنت غرائزها؟ وهل يترك لهم تصنيف من يعتبرونه ارهابيا وتكفيريا؟ وماذا بعد؟ هل سيصنف الوطني وغير الوطني والخائن والعميل؟». يؤكد مسؤول «المستقبل» ان «اللبنانيين اختبروا تفلت السلاح والامن الذاتي وحماية قراهم ومحاربة الغريب، وكانت النتائج مأساوية على الجميع؟».
كلام مشابه يردده احد مستقلي «14 آذار» معتبرا ان «الاحتكام الى الشارع يستنفر شارعا مقابلا. وفي ظرفنا الحالي نحتاج الى اكبر قدر من التمسك بالاستقرار، على هشاشته. لكن تلميح العماد عون بالاستعانة باقدام الجمهور والسيد نصرالله بالاستعانة بايديهم وزنودهم، يتضمن اشارة الى ان الرجلين بلغا مرحلة متقدمة من استسهالهما تفلت الامور وزعزعة وضعنا المتصدع اصلا. فهل نحن ذاهبون الى انفجار ما؟ هل ان شعار الرجلين للمرحلة المقبلة عنوانه اشتدي ازمة لعلك تنفرجي؟ خوفنا كبير ان الازمة اذا اشتدت هذه المرة فلن تكون الا انفجاراً يهدد كل امكانية بحث او تفاؤل بانفراج قريب. فلا التوقيت لصالح البلد والدول منشغلة عنا، والتوتر المذهبي على اشده من المحيط الى الخليج، والثقة تكاد تكون معدومة بين اللبنانيين وفي ظهرانينا ازمات مفتوحة ومليونا لاجئ سوري واقتصاد يتمسك بقشة».