بعد قرار المملكة العربية السعودية إعادة النظر في علاقاتها مع لبنان ووقف الهبة العسكرية له، المقدرّة بثلاثة مليارات لتسليح الجيش، وإيقاف ما تبقى من مساعدة بمليار دولار أميركي لقوى الأمن الداخلي، اتت المفاجأة صاعقة على رؤؤس المسؤولين اللبنانيين في هذا التوقيت بالذات، حيث يعاني لبنان فشلاً ذريعاً في كل ملفاته وابرزها في الاطار الرئاسي . وقد عزت الرياض قرارها هذا الى موقف وزارة الخارجية اللبنانية الذي لا ينسجم مع العلاقات الأخوية مع السعودية التي وقفت دائماً الى جانب لبنان، إضافة الى ان قرارها جاء بعد ايام قليلة على خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي هاجم فيه السعودية بسبب احتمال تدخلها البرّي في سوريا، فضلاً عن عدم تضامن بيروت مع الرياض في المحافل الدولية، من ناحية عدم إدانة إيران على خلفية التعدّي على البعثة الدبلوماسية السعودية في طهران.
الى ذلك ابدت مصادر سياسية في فريق 14 آذار تخوفها الشديد من ان يطال هذا القرار، الدعم المالي للدولة المتمثل بودائع في مصرف لبنان، إضافة الى طرد اللبنانيين العاملين في السعودية ودول الخليج، خصوصاً من له علاقة سياسية بحزب الله، في حين ان العملية هذه قد بدأت عبر دولة الإمارات العربية المتحدة، التي قررت في الساعات الماضية إبعاد عشرين لبنانياً، معظمهم من آل عواضة من بلدتي الخيام وبعلبك، وسط مخاوف من ارتفاع هذا العدد خلال الايام المقبلة.
ورأت المصادر المذكورة أن القرار السعودي سيؤثر ايضاً في القرار الإقليمي – الدولي، بالحفاظ على أمن لبنان واستقراره، والذي كانت الهبة السعودية إحدى اهم مرتكزاته، معتبرة أن التطورات هذه أعادت الملف الرئاسي الى نقطة الصفر لان التعقيدات ستزداد كثيرا،ً على الرغم من الحراك الذي يقوم بع الرئيس سعد الحريري لإحداث خرق إيجابي ضمنه، إلا ان الوقائع تؤكد أن الدرب الرئاسي بات وعراً جداً، لان فتح أي ثغرة سيؤدي على الفور الى إقفالها، من قبل مَن يجهد لمواصلة الفراغ الرئاسي وإبقاء الوضع على ما هو عليه، وكل هذا يؤكد أن جلسة الثاني من آذار المقبل، ستكون كسابقاتها من ناحية عدم توافر النصاب القانوني لانتخاب رئيس، أي سنشهد صورة ضبابية جداً من الان فصاعداً، وهي مرشحة للاستمرار طويلاً في انتظار حصول معجزة .
واشارت المصادر الى ان خروج لبنان عن الإجماع العربي كلّفه الكثير، املة ان يتم تصحيح الوضع في أسرع وقت، لان الرياض قوبلت بموقف لبناني مناهض لها على المنابر العربية والإقليمية، واصفة وزارة الخارجية اللبنانية بالوزارة المُصادرة من حزب الله ، مما يستدعي على الفور إصدار بيان توضيحي من الحكومة من قبيل التراجع عن موقف الوزير جبران باسيل، لإعادة الامور الى نصابها، وعندئذ ستتراجع السعودية بالتأكيد عن قرارها، ناقلة انزعاج رئيس الحكومة تمام سلام مما آلت اليه الأمور مع المملكة، وشددت على ضرورة الطلب من حزب الله التوقف عن مهاجمتها، مذكرّة بأن كل دول العالم استنكرت الاعتداء على السفارة السعودية في ايران، بما فيها الحكومة الايرانية ، باستثناء لبنان وهذا بحدّ ذاته غير مقبول البتة.