يتجه الوضع السياسي نحو المزيد من التازم وخصوصاً بعدما أفضت جلسة مجلس النواب الاخيرة لاقرار الموازنة العامة عن ثغرات دستورية والى خلاف سياسي واضح المعالم نتيجة غياب كتل نيابية بارزة مما يؤشر الى أن جلسات الثقة ستكون في غاية الصعوبة على اعتبار أن المعلومات تشير الى أن الحزب التقدمي الاشتراكي والذي شارك في الجلسة العامة تلبية لرغبة الرئيس نبيه بري، سيسحب الثقة عن الحكومة وهذا الامر عينه سوف ينسحب على كل من كتلتي «القوات اللبنانية» والكتائب اضافة الى بعض النواب المستقلين وأبرزهم حليف فريق 8 آذار النائب أسامة سعد.
وفي هذا الاطار، ثمة أجواء عن لقاءات ستحصل في وقت قريب وربما قبل الرابع عشر من آذار المقبل ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري، بين حلفاء الامس لكي يكون هناك الحد الادنى من التواصل والتنسيق لتوحيد المواقف بشأن كيفية التعاطي مع الحكومة الجديدة في المرحلة المقبلة، اذ ستكون مشاركة من هذه القوى في هذه المناسبة، ولكن لم يتضح حتى الساعة اذا كانت ستتم على مستوى الصف الاول او من خلال ممثلين، علما أن ذلك مرتبط بشكل أساسي بمدى التلاقي والتقارب في ما بينهم.
وفي سياق آخر تحدثت المعلومات عن أن موقف «كتلة المستقبل» في جلسة الموازنة، ترك تناقضات هائلة، ان على صعيد المشاركة او تأمين النصاب، الامر الذي لم يقنع جمهورهم الغاضب، حيث نقلت المعلومات عن مقربين من التيار الازرق، ان تظاهرة مجدليون باتجاه دارة الحريري، أتت في اطار الاستنكار لمشاركة النائبة بهية الحريري في هذه الجلسة.
وفي هذا الاطار، فان السؤال المطروح يدور حول موقف هذه الكتلة في جلسة الثقة فيما لو أن الكتلة ستحجب الثقة عن حكومة الرئيس حسان دياب، ولكن وبعد بيان الرئيس سعد الحريري، الذي دافع عن المشاركة في الجلسة العامة، فمن المتوقع أن تكون هناك نية لمنح الثقة، وذلك على اعتبار أن المعلومات نفسها تشير الى أن تبني الرئيس دياب للموازنة هو انتصار للحريري.
ومن هنا، وبالنسبة لمواقف الاحزاب المسيحية ومدى تقاربها لا سيما بين القوات والكتائب خصوصا لجهة مقاطعتهما جلسة الموازنة وعدم المشاركة في الحكومة، فهو متناغم، حيث أن هناك من يحرص على ابقاء التواصل وصولاً الى ما عملت عليه القمة الروحية في بكركي امس، وهو محاولة جمع هذه الاحزاب بما فيهم التيار الوطني الحر، ولكن دون ذلك صعوبات في ظل العهد الحالي، حيث أنه لم يبق من تفاهم معراب شيئاً سوى روحية المصالحة ونبذ احقاد الماضي وهو ما هدف اليه التفاهم، مع العلم، ان انقساماً عميقا وخلافات يستحيل معالجتها في ما تبقى من العهد الحالي، وذلك بالنسبة للخلاف بين القوات والعهد والكتائب والتيار الوطني ومعظم الاحزاب المسيحية بما فيها الاحرار والكتلة الوطنية الذين يسعون الى تحييد الصراع عن مقام الرئاسة.
وفي غضون ذلك، فان القمة الروحية بالامس هدفت الى تحقيق عدة عناوين وفق قريبين من بكركي، ذلك ان البطريرك بشارة الراعي يعبر عن قلق بالغ من الوضع الاجتماعي المتدهور والذي قد يصل الى حافة الانفجار، وهذا ما يجعل الطبقة السياسية مسؤولة عما آلت اليه الامورالمعيشية وهو كان قد حذر من هذا الواقع، اضافة الى أنه يعتبر أن الثورة محقة في مطالبها بمعزل عن بعض المندسين، ولذلك أكد المجتمعون في بكركي على اتخاذ خطوات سريعة من أجل معالجة هذه الظروف الصعبة.