مساعٍ لترطيب الأجواء بين بري وسلام دعماً لبقاء الحكومة
«14 آذار»: «حزب الله» يعرقل وأفق التسويات بعيد
عكس اقتصار الوفد اللبناني المرافق لرئيس الحكومة تمام سلام في القمة العربية الـ«27» التي استضافتها موريتانيا على وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، مدى التفكك الذي تعانيه الحكومة، بعدما تخلّف وزراء الخارجية والمال والصحة جبران باسيل وعلي حسن خليل ووائل أبو فاعور بذرائع مختلقة لم تقنع الرئيس سلام، في مؤشر واضح على مدى الوهن الخطير الذي أصاب الجسد الحكومي، بعدما دخل ملف النفط والغاز عاملاً إضافياً زاد من التشرذم الحكومي أكثر فأكثر، في ضوء ما نقل عن الرئيس سلام رغم نفيه، من استياء رداً على تفرد رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل في الإعلان عن التوافق النفطي الذي حصل بينهما، بعيداً من الأخذ برأي الحكومة ورئيسها حيال هذا الموضوع، باعتبار أن ملفاً حيوياً كالنفط والغاز يهم كل اللبنانيين وليس محصوراً بجبهة أو طرف بعينهما.
وبانتظار عودة الرئيس سلام والوزير درباس من موريتانيا، فإن جهوداً تُبذل كما علمت «اللواء»، لإعادة وصل ما انقطع بين رئيسي مجلس النواب والحكومة، دعماً لبقاء الحكومة ولو بالحد الأدنى، سيما وأن دور الرئيس بري أساسي في توفير الدعم السياسي للحكومة، بالرغم من الدعوات لاستقالتها، وهو ما كان يواجهه رئيس المجلس بالرفض، لأنه يعتبر أن بقاء الحكومة ضرورة أساسية في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان.
وسط هذه الأجواء، وفيما تعود اللجان النيابية المشتركة إلى عقد جلسة غداً لاستكمال البحث في قانون الانتخابات النيابية العتيد، لا يبدو سقف التوقعات بالنسبة إلى ثلاثية الحوار في أوائل آب المقبل مرتفعاً، مع استمرار المواقف على حالها، بين فريق يطالب بوضع الانتخابات الرئاسية أولوية على ما عداها، كما تصر على ذلك قوى «14 آذار»، وبين فريق يشدد على إجراء الانتخابات النيابية أولاً، كما هو موقف «حزب الله» وحلفائه، ما يجعل نجاح مبادرة رئيس المجلس أمام طريق مسدود، بانتظار حصول توافق ولو بالحد الأدنى لا يبدو قريباً للخروج من هذه الدوامة.
وترى مصادر نيابية مشاركة في اجتماعات الحوار في «عين التينة»، كما تقول لـ«اللواء»، أن كل ما يجري من حوارات ما هي إلا تقطيع للوقت، ريثما تتظهر ملامح انفراجات إقليمية لم يحن أوانها بعد، من شأنها أن تنعكس على لبنان ويصار إلى الإفراج عن الرئاسة التي لا تزال ورقة مساومة وتفاوض بيد الإيرانيين الذين أوصدوا الأبواب أمام كل المحاولات الفرنسية والأوروبية، لإحداث خرق في جدار الأزمة اللبنانية، ربما يفسح في المجال أمام انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مشددة على أن رفض «حزب الله» انتخاب حليفيه النائب ميشال عون وسليمان فرنجية، لهو دليل واضح على رفض الحزب وفق الأجندة الإيرانية بفك أسر الرئاسة اللبنانية، محاولاً رمي التهم على قوى «14 آذار» وتحميل المملكة العربية السعودية زوراً وبهتاناً مسؤولية عرقلة الاستحقاق الرئاسي في لبنان، وهو ما يعرفه «حزب الله» قبل غيره، انطلاقاً من أن الرياض لا تتدخل في شأن لبناني داخلي، كما أنها لا تضع أي فيتو على أي مرشح وتؤيد ما يتفق عليه اللبنانيون.
وانطلاقاً مما تقدّم، فإن الكرة في ملعب «حزب الله» وحلفائه لاتخاذ القرار الذي يتناسب مع مصلحة لبنان بالدرجة الأولى وليس مع مصالح الآخرين، وبالتالي تسهيل عملية انتخاب الرئيس الجديد، لكي يستقيم عمل المؤسسات وتستعيد الحياة السياسية زخمها، ليُصار فيما بعد إلى إعداد قانون جديد للانتخابات النيابية لإجرائها على أساسه، في إطار تجديد السلطة وفتح صفحة جديدة في العلاقات بين اللبنانيين، أما أن يبقى البلد بلا رئيس وفي ظل هذه الدوامة القاتلة، فإن الأمور بالتأكيد ذاهبة إلى مزيد من التعقيد والتأزم اللذين لن يكونا في مصلحة أحد.