IMLebanon

14 آ ذار: ايران ستفرض صيغة جديدة تنسف الطائف

                                                                      

في جلسة مسائية عقدت عشية اجتماع الحكومة ، ضمت عددا من السفراء والشخصيات السياسية اللبنانية ، اسر سفير غربي لاحد الموجودين بان جلسة الحكومة التي ستنعقد خلال ساعات ستحمل معها الكثير من الدلالات التي تتخطى الحدود اللبنانية ، بعد بروز مجموعة مؤشرات أخرجتها من بعدها الداخلي لتكون كبداية اختبار إقليمي مبكّر لاتجاهات «ريح ما بعد النووي الإيراني» وانعكاساته المحتملة على الواقع اللبناني، داعيا محدثه الى عدم الاخذ باجواء التهويل والوعيد ، كون الامور مفتوحة على كل الاحتمالات.

غادرت الشخصية اللقاء وهي مذهولة مما سمعت وما فهمت مما بين سطور الكلام ، خاصة ان المعلومات المتوافرة ، كانت تصب كلها في اتجاه التصعيد والتحركات في الشارع ، لا سيما مع ورود تقارير عن استطلاع مجموعة عونية من بينها عسكريون سابقون لمحيط السرايا بحثا عن نقاط ضعف يمكن استخدامها والاستفادة منها في اي عملية اقتحام ، بعدما كانت الايام الماضية شهدت استطلاعا لساحة الشهداء، الامر الذي دفع بقيادة الجيش الى اتخاذ الاجراءات اللازمة وابلاغ المعنيين بانها لن تسمح باي اعتداء على السراي او اي مؤسسة اخرى، من جهة ، واتجاه الرئيس تمام سلام للتلويح بورقة الاستقالة في سياق شعوره بأن ثمة مَن يدفع الأمور في البلاد تدريجاً الى الشلل الكامل، ليصل الامر في التوقيت الذي يلائمه الى المقايضة اقليمياً على الملف اللبناني، في مرحلة مقبلة من «شدّ الحبال»بين مراكز النفوذ الإقليمية المنخرطة في عملية رسم خطوط هجوم – دفاع على وقْع المفاعيل المحتملة للاتفاق النووي في المنطقة.

هكذا دخل الوزراء جلسة لف الغموض مسارها ومصيرها، مكونا انطباعا بأن التعاطي معها سيتم على قاعدة استكشاف حقيقة النيّات الإقليمية في إبقاء الواقع اللبناني تحت مظلة المهادنة التي عبّرت عنها ولادة حكومة الرئيس تمام سلام، ليخرجوا باتفاق لعقد جلسة يوم الثلاثاء مخصصة لبحث ملف النفايات ، وكوة عبر عن فتحها بحذر المؤتمر الصحافي للوزير جبران باسيل، لتصح بذلك قراءة السفير الغربي.

في هذا الاطار ترى اوساط سياسية في 14 آذار، ان الرهان الدولي اليوم، خاصة الغربي، يركز على ضرورة فك ارتباط ازمة لبنان بالازمة السورية، بعدما ربطتها بعض القوى السياسية في الداخل من خلال التزامها بمشاريع اقليمية ومن بينها الازمة السورية وحولت الاستحقاق الى ورقة تستخدم في الكباش الاقليمي، بعد نجاح المساعي التي قامت في هذا الاتجاه مع موسكو، التي وعدت بالتحرك والضغط على الدول المؤثرة ، بالتوازي مع الحراك الفرنسي بالتنسيق مع الفاتيكان والولايات المتحدة الاميركية التي شهدت علاقاتها مع روسيا نقلة نوعية في ما يتصل بالسعي الى ارساء حل للازمة السورية فقد سجلت اكثر من زيارة اميركية الى روسيا في المرحلة الاخيرة، وهو ما عكسه تحرك المبعوث الاممي للازمة السورية ستيفان دو ميستورا والتطورات الميدانية السورية.

عزز هذا التوجه جملة معطيات ومؤشرات لعل ابرزها وبحسب الاوساط:

-الكلام الاميركي الواضح والصريح ، الذي جاء على لسان الرئيس اوباما حول عداء الجمهورية الاسلامية للاميركيين ، ودعمها لحزب الله ، والذي استكمل باعلان وزير خارجيته عن أن واشنطن جادة في سعيها لوضع استراتيجية «لـصدّ التحركات الايرانية غير المشروعة في المنطقة» ، بالتعاون مع حلفائها ، تقوم على ابقاء طهران معزولة بسبب دعمها للإرهاب ولتجارة السلاح ودعمها للحوثيين ولـ «حزب الله»، تزامنا مع اتخاذ وزارة الخزانة الاميركية عقوبات بمسؤولين في حزب الله .

-اعتبار النائب وليد جنبلاط غداة لقائه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند انه ما لم يعط الجانب الإيراني لفابيوس تسهيل الرئاسة في لبنان، واذا تبين ان هناك تشدداً في معالجة الوضع الحكومي ، فان ذلك يعني ان طهران التي تعتبر نفسها خرجت منتصرة من «معاركة فيينا» ، ستعمل على فرض صيغة جديدة تنسف الطائف. الامر الذي دفع ببيك المختارة الى اعادة تموضعه في الصف السعودي، بعدما سمع كلاما واضحا من اكثر من مسؤول دولي حول الثمن الذي سيدفعه الدروز، وهو ما قاده الى استعجال عقد اتفاق مع الرئيس سعد الحريري حول المسائل الاساسية ، بما فيها تراجعه عن تعهداته ومبادراته السابقة تجاه الرابية في مسألة تعيين القادة الامنيين، بحسب مصادر في قوى الثامن من آذار . وفي هذا الاطار برزت الزيارة المفاجئة والسريعة لوزير الصحة الى السعودية موفدا من البيك ، عشية جلسة الحكومة، حيث اشارت بعد التسريبات الى انها تناولت زيارة فابيوس الى طهران والحديث عن الاستعداد لتلقف اي خرق قد يحدث بالاتفاق مع الرئيس بري، خصوصا في حال نجاح الوزير الفرنسي في انتزاع موافقة اسمية على احد المرشحين .

– انتقال المملكة العربية السعودية الى الهجوم ، في محاولة لتجميع أوراق القوة في مختلف ساحات نفوذها، من اليمن وسورية وصولا الى لبنان، في إطار استراتيجيتها الاستباقية لمواجهة المحاولات الايرانية للاستفادة من عائدات الاتفاق مع الغرب لتحسين مواقعها في المنطقة ، وسط الحديث عن مفاوضات من تحت الطاولة، اصر الاميركيون على نفيها على لسان اكثر من مسؤول وفي اكثر من اجراء اتخذ. تحت هذا العنوان تدرج زيارة رئيس حزب القوات اللبنانية للرياض والاستقبال الاستثنائي الذي قوبل به والذي حمل رسالة واضحة بدعم القوى الحليفة في لبنان على قاعدة تمتين الشركة المسيحية – الإسلامية، وتوجيه رسالة طمأنة الى مسيحيي الشرق بما يساعد على خوض المواجهة مع ايران الامر الذي حمله رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب «القوات» ملحم رياشي، موفدا من جعجع ناقلا رسالة من جعجع تؤكد دعم المملكة للحوار المسيحي وتشجيعها للتقارب بين الطرفين.

خلاصة وحيدة خرجت بها جلسة «اللعب على حافة الهاوية» الحكومية، جدول اعمال مثقل بالبنود والملفات الحياتية الضاغطة والاستحقاقات المالية الضرورية وأزمة النفايات المستفحلة، وسط عقم المعالجات وانسداد افق الحلول. ففي بيروت اهتمام بما ستؤول اليه اوضاع الحكومة، التي مددت مهلة السماح المعطاة لها اياما، وفي الرياض اهتمامات من نوع آخر توحي بتطورات دراماتيكية مقبلة. فهل نضجت طبخة الاسماء الرئاسية؟