حملت الساعات الماضية تطوّرات دراماتيكية في الجنوب وفي مزارع شبعا تحديداً، حيث باتت اللعبة مفتوحة على شتى الإحتمالات، ولا يمكن لأحد التكهّن إلى أين ستتّجه الأوضاع على المستوى الأمني بشكل خاص. ولكن في السياسة أيضاً، فإن هنالك تطوّرات برزت على هامش زيارات التعزية إلى الرياض، ومن شأنها أن تسلّط الضوء على الواقع السياسي الراهن، إذ تلفت أوساط سياسية مطّلعة في هذا السياق، إلى دلالات زيارة الوفد الموسّع لقوى 14 آذار، ومشاركة الرئيس ميشال سليمان والنائب السابق إيلي سكاف، واجتماع الكل في دارة الرئيس سعد الحريري. وقد عُلم أن المباحثات التي دارت كانت شاملة، ولم تلامس الإستحقاق الرئاسي سوى بشكل عرضي، كون الأولويات اليوم تتركّز في مكان آخر. وأضافت أن المحصلة من هذه اللقاءات هي التأكيد على التحالف بين هذه المكوّنات السياسية، سيما وأن لقاءات تُعقد بعيداً عن ألأضواء لقيادات هذا الفريق في الأمانة العامة، وذلك في سياق الإعداد لصياغة بيان سياسي لمناسبة ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري وانتفاضة الإستقلال.
وقالت الأوساط نفسها، أن هنالك أجواء تشير إلى خطوات يجري الإعداد لها، تهدف إلى إعادة هيكلة هذه القوى ضمن آلية عمل جديدة تتناسب وتتلاءم مع طبيعة المرحلة الداخلية والإقليمية، في ضوء ما يجري من تغيّرات وتحوّلات وحروب في المنطقة. وبالتالي، فإن لقاء الرئيس الحريري والعماد ميشال عون، قد اتّسم بحفاوة لافتة، وتميّز بالطابع الإجتماعي، حيث ظهر للإعلام من خلال هذا اللقاء، بأن الحوار بين «المستقبل» و«التيار الوطني الحرّ» ما زال قائماً عبر أقنية متعدّدة، خصوصاً من قبل الوزير جبران باسيل ونادر الحريري، إنما ليس حواراً رسمياً، بل هو في إطار استمرار التشاور بين فترة وأخرى وتجنّب الحملات الإعلامية والسياسية بينهما، وهذا ما يحصل في سياق عملية التواصل المستمرة. لكنها كشفت أن لقاء الرياض لم يتناول الإستحقاق الرئاسي، حيث غلب عليه الطابع الإجتماعي الصرف.
في المقابل، فإن اللافت في اللقاءات التي جرت في دارة الرئيس الحريري، أو على هامش التعازي في القصر الملكي، هو زيارة النائب وليد جنبلاط على رأس وفد من «اللقاء الديمقراطي» وبشكل منفرد، وفي غير توقيت الوفود اللبنانية الأخرى، كذلك، فإن النائب جنبلاط لم يلتقِ بالحريري على هامش زيارة التعزية، مع العلم أنه لم يُسجّل أي اجتماع بينهما منذ مدة طويلة. وفي هذا المجال، ذكّرت الأوساط أن رئيس الإشتراكي أيضاً لم يلتقِ رئيس «المستقبل» عندما زار باريس منذ مدة، علماً أن الحريري كان موجوداً يومها في فرنسا، مما يطرح تساؤلات عن العوائق أو الخلافات التي تحول دون حصول أي اجتماع بينهما، مع العلم أنه سُجل للنائب جنبلاط عدة مواقف إيجابية باتجاه الحريري، لكنه انتقد بعض القيادات في «التيار الأزرق»، هذا من دون إغفال وجود التوتّر بين الطرفين في منطقة إقليم الخروب.
من جهة أخرى، عبّرت الأوساط نفسها، عن أن المناخ السياسي الحواري بين «المستقبل» و«حزب الله» يشكّل عاملاً إيجابياً سيخفّف من وطأة التداعيات الأمنية التي جرت في ال24 ساعة الأخيرة في مزارع شبعا، وذلك على المستوى الداخلي، إنما لن يبقى الوضع على ما هو عليه فيما لو تطوّرت الأمور بشكل دراماتيكي، أي إلى مواجهة مفتوحة في الجنوب. وأضافت أن الساعات الماضية شهدت اتصالات عدة شملت عواصم أوروبية وإقليمية لتهدئة الوضع على جبهة الجنوب، وعدم الإنجرار إلى واقع أمني خطير.