اذا كان الوزير الكتائبي السابق جوزيف الهاشم قد اعلن ذات مرة انه لم يبق من حزب «الكتائب اللبنانية» الا «الآرمة» فإن هذا الكلام ينطبق حفرا وتنزيلا على فريق 14 آذار الذي ذوت قياداته وتبخرت قواعده فقرر الاجتماع من اجل الاجتماع تحت عنوان اطلاق «المجلس الوطني» له في مشهد يطغى عليه الطابع الفولكلوري بعد جهد امينه العام السابق فارس سعيد مدعوما بتنظيرات النائب السابق سمير فرنجية لاحياء العظام وهي رميم وفق الاوساط المواكبة للمتغيرات على الرقعة المحلية.
واذا كان المؤتمر الثامن للفريق المذكور الذي انعقد في «البيال» لاطلاق «المجلس الوطني» مع تفضيله «عدم الالتزام الحزبي المؤطر» وتأليف هيئة تحضيرية تقترح برنامج عمل للمرحلة المقبلة وصياغة نظام داخلي والدعوة الى مؤتمر عام لاقرارها في مهلة شهرين فان دل الامر على شيء فعلى ان فريق 14 آذار «ذاهب الى الحج والناس راجعة». وفي مراجعة لايقاع الفريق المذكور فإن بداية نهايته بدأت اثر مغادرة «التيار الوطني الحر» مركبه ليتراصف مع «حزب الله» في حلف متين اضافة الى النائب وليد جنبلاط الذي تركه الى غير رجعة محاولا التموضع في مربع وسطي رمادي اللون في مرحلة تستدعي الابيض والاسود في لعبة المتغيرات الزلزالية التي تتراقص على موسيقاها المنطقة من ادناها الى اقصاها ناهيك بموقف حزب الكتائب الذي يحسب نفسه في 14 آذار تارة وخارجه تارة اخرى وفق ما تمليه الظروف على الطريقة الجنبلاطية. فالحزب المذكور يلهث لفتح حوار مع «حزب الله» واذا نجح في ذلك سيغادر 14 آذار الى غير رجعة ايضا.
وتضيف الاوساط نفسها ان فريق 14 آذار يرتكز على مكونين رئيسيين هما «القوات اللبنانية» و«تيار المستقبل» اللذين يملكان قواعد شعبية اما بقية المنضوين تحت رايته فيفتقرون الى ذلك كون معظمهم من المستقلين ولا حول لهم ولا قوة على الحلبة السياسية وهؤلاء حصرا ينظرون الى ان قيامة «المجلس الوطني» تمدهم «بماوية» شعبية لذلك سعوا الى حشر مقولة «عدم الالتزام الحزبي المؤطر» في البيان الذي تلي في المؤتمر خشية ان تبتلعهم الاكثرية الممثلة «بالقوات» و«المستقبل» اللذين يختصران الزخم الشعبي للفريق المذكور وبمقدورهما تحريك الشارع عبر الملتزمين في صفوفهما اضافة الى الانصار والمؤيدين الذين يدورون في فلكهما.
وتشير الاوساط الى ان «المجلس الوطني» لحركة 14 آذار ولد ميتا وان الاعلان عن قيامه اتى على خلفية شعورهم بالخسارة وفشلهم في تحقيق طموحات الناس ولا سيما الشرائح الشبابية منهم التي لعبت الدور الابرز في الحشد يوم المليونية المشهورة، حيث يرى هؤلاء انهم في واد بينما قيادات الفريق المذكور وما كان يسمى بالامانة العامة في واد آخر، اضافة الى ان ثمة قناعة راسخة لديهم ان الاعلان عن قيام «المجلس الوطني» تخطاه الزمن بأشواط وان هناك استحقاقات كبيرة يعجز المسمى عن مجاراتها وسط المتغيرات الزلزالية التي تعصف بالمنطقة. فما هو الفرق بين «الامانة العامة» والمولود الجديد على صعيد الممارسة السياسية؟
وتقول الاوساط انه بالاضافة الى ذلك فإن المكونين الرئيسيين للمجلس المذكور اي «القوات» «والمستقبل» لديهما اولويات أهم بكثير من تقطيع الوقت بانشاء المجالس. «فالقوات» التي نجحت في الانتقال من الحالة الميلشاوية الى حزب سياسي معاصر ومتقدم سواء في الطروحات ام في الهيكلية تضع في سلم اولوياتها الوصول الى توافق مع «التيار الوطني الحر» لاعلان «ورقة نوايا» ينكب على صياغتها النائب ابراهيم كنعان ورئيس جهاز الاعلام والتواصل ملحم رياشي لجمع الشمل المسيحي إبان العاصفة التي تدمر المنطقة كما ان «تيار المستقبل» منصرف الى ورشة حوار مع «حزب الله» لتنفيس الاحتقان في الشارع الاسلامي و«القرطبة» على الفتنة السنية – الشيعية التي تجهد الاجهزة الخارجية على اشعالها. وامام هذه الهموم لا وقت لدى الطرفين لاحياء «الامانة العامة» لفريق 14 آذار والباسها ثوبا جديدا باسم «المجلس الوطني» وعلى قاعدة قول السيد المسيح: «مرتا مرتا تفعلين الكثير والمطلوب واحد»، علماً ان «الامانة العامة» لم تفعل شيئا.