IMLebanon

14 آذار… لا صوت يعلو فوق أصوات «السبهانيّين»

  

مع كل اشتباك بين حزب الله والعدو الإسرائيلي كان فريق 14 آذار وأركانه يتداعون لتحميل الحزب مسؤولية أي تصعيد. لكن نبرتهم تعليقاً على حادثة الضاحية الأخيرة أتت مختلفة. ليسَ من باب الإنصاف، وإنما نتيجة لسنوات كثيرة من الهزائم جعلتهم غير قادرين على أن يكونوا رأس حربة في مواجهة مشروع المقاومة

 

ليسَ تفصيلاً حال معظم القوى في ما كان يُسمى فريق الرابع عشر من آذار، والذي ظهر في مشهد التعليق على الاعتداء الإسرائيلي الأخير في الضاحية الجنوبية. باستثناء قلّة قليلة من الشخصيات المعروفة بكونها من فريق «السبهانيين»، لم تخرُج بيانات قوى هذا الفريق الأساسية عن إطار الموقف اللبناني الرسمي الموحّد من الحدث الذي باغت اللبنانيين فجرَ الأحد الماضي. بيانات أجمعت على إدانة ما فعله العدو، من دون الذهاب الى تحميل الحزب أي مسؤولية، مع التأكيد على ضرورة التضامن الداخلي في وجه أي اعتداء. تغلّب ذلك على ما عداه من شعارات رُفعت سابقاً حول السلاح غير الشرعي، وإن حاول البعض تجميلها بالحديث عن «قرار السلم والحرب بيد الدولة».

لا شكّ في أن هذه المواقف «غير المألوفة» تغذّت بفعل عوامل خارجية، استطاعت تغيير المعادلة في الساحة اللبنانية ونسفت الانقسام الحاد الذي أنتج زمن 8 و14 آذار. بعدَ 14 عاماً، انعدم الفرق بين المعادلتين: اختارت قوى 14 آذار في لبنان «أبغض الحلال» وذهب كلّ منها في حال سبيله بحثاً عن قوتها السياسي اليومي، حتى بات من الصعب جمع قياداتها في صورة واحدة. فيما كانت قوى «المقاومة» (رغم خلافاتها التكتيكية في ملفات داخلية) تزيد كل يوم حجراً في جدار علاقتها الاستراتيجية، وتزيده متانة مع كل انتصار يتحقق في سوريا والعراق، وصولاً الى اليمن.

التحوّل الأساسي في مواقِف قوى 14 آذار (سابقاً)، هو موقف رئيس الحكومة سعد الحريري الذي وصل الى حدّ الاشتباك مع وزراء القوات على طاولة مجلس الوزراء بعد مطالبتهم بمناقشة الاستراتيجية الدفاعية وحصر السلاح بيد الدولة. عندها انتفض الحريري قائلاً إن ما جرى هو اعتداء إسرائيلي موصوف. وفي ظل الاعتداء الإسرائيلي، لا يُمكن الحديث عن استراتيجية دفاعية. موقف الحريري هذا يتكامل مع نشاط دبلوماسي أطلقه، يهدف الى تحصين الساحة الداخلية، بخلاف ما كان الوضع أيام حرب تموز 2006. وهذا التغير يعود الى عاملين أساسيين: الأول هو انتصار الحزب في لبنان وعدم انهزام المحور الذي ينتمي إليه في المنطقة، والعامل الثاني، هزيمة المشروع الآخر وتراجع الرئيس الحريري، وصولاً الى حالة الوهن بعد رهانات خائبة على حلفائه المُفترضين في الخارج والداخل. وجدَ الحريري أن لا مناص من وضع اليد بيد حزب الله للحفاظ على التسوية، وبالتالي موقعه ودوره وحيثيته. وهذا ما يترجمه في مواقفه، سواء عبر القنوات الدبلوماسية أو عبر المواقف التي يطلقها والاتصالات التي يجريها.

 

الاعتداء الإسرائيلي أعاد تسليط الضوء على تقهقر فريق 14 آذار بعد التسوية

 

ليلة الضاحية الاستثنائية (الاعتداء الإسرائيلي فجر الأحد الماضي)، شكلت اختباراً عسيراً مرّ به الآذاريون، أعاد تسليط الضوء على تقهقر فريقهم الذي تحوّل «رئيسه»، سعد الحريري، من رأس حربة في مشروع مواجهة حزب الله، الى شريك للحزب في التسوية الرئاسية. أمام هذا الواقع، اشتد عود حلفاء الحزب، أما «حلفاء» الحريري فقد قضت التسوية على حيويتهم، ما انعكس «اعتدالاً» في مواقفهم الأخيرة. اعتبر النائب السابق وليد جنبلاط أن «الوحدة الوطنية هي أفضل طريقة لمواجهة الاعتداء الإسرائيلي»، فيما اكتفى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ــــ غير القادر على المواجهة وحيداً ــــ بالتعبير عن «تعاطفه الكامل مع أهلنا في الضاحية الجنوبية»، مستنكراً «الاختراقات الإسرائيلية المتكرّرة لسمائنا واللجوء إلى طائرات مسيّرة مفخخة ضد أهداف في لبنان». الصوت الأعلى ضد المقاومة، ويكاد يكون الوحيد، حتى الآن، هو لـ«السبهانيين».