IMLebanon

«14 آذار».. ليس زمن الكلام الكبير

بينما كان السكون يُخلي الفضاء لصوت القذائف المتبادلة بين «حزب الله» والعدو الإسرائيلي، كان سمير جعجع ومن دون رفاقه من قوى «14 آذار»، أول من تبرّع بتحميل «حزب الله» مسؤولية ما يحصل في الجنوب.

وفيما كانت صفارات الإنذار تدوي في شمال فلسطين المحتلة وتخلي المدارس من طلابها، كان «حكيم معراب» يستثمر لحظة «الرعب الإقليمية» التي تترقب الثواني و «عقارب» القصف المتبادل على الحدود، ليلقي بقاذفاته على الحوار «الفتيّ» بين «حزب الله» و «تيار المستقبل» وينعى نتائجه…

طبعاً، هي الفرصة المنتظرة بالنسبة للرجل، مذ جلوس الخصمين على طاولة مستديرة، ليصوّب بندقيته ناحية مائدة عين التينة، ويفرغ المبادرة الحوارية من مضمونها، ليُحرج بالنتيجة حليفه الأزرق أمام جمهوره، على قاعدة أنّ ما يقوم به هو تنازل في الملعب الخاسر، ولا طائل منه.

لم يجد جعجع له رفيقاً سوى الرئيس ميشال سليمان الذي استعجل التنبيه من «جرّ لبنان إلى خرق القرار 1701 وبالتالي إلى معارك تستفيد منها إسرائيل من جهة للعبث بالاستقرار اللبناني النسبي الناتج من الحوار الداخلي»، فيما اكتفى وليد جنبلاط بحفنة من الكلمات عبر «الأثير التويتري» مبدياً خشيته من «مرحلة اضطراب كبيرة».

ومع ذلك هو يعرف جيداً أنّ ردّ «حزب الله» على اعتداء القنيطرة، من مزارع شبعا، لن يكون عقبة أمام المسار الحواري، ولن يضع العصي في دواليبه. فحين قرر الفريقان رفع الرايات البيضاء للبحث عن مساحة مشتركة تجمعهما، فعلا ذلك بعدما جرى التوافق على تحييد «وقود التوتر» عن بقعة زيتهما.

وهكذا وضعا جانباً، ولو مؤقتاً، كل المسائل الخلافية التي تشعل المنابر والأزقة، ومنها المشاركة في الاقتتال السوري وسلاح «حزب الله»، حيث تدخل عملية شبعا ضمن هذه الخانة، لا غيرها. وهنا المقاربة واحدة بين أبناء الصف الآذاري، ولا خلاف حولها، سواء بالنظرة إلى سلاح «الحزب» أو بالنسبة لتجاوزه الحدود اللبنانية تجاه سوريا، حتى لو راح «الزرق» باتجاه خطوة أمامية تجلسهم على مائدة عين التينة.

ولهذا كان تصويب جعجع على فاعلية هذا الحوار حيث يفترض، بنظر قوى «14 آذار»، أنّ تعكس جلسات النقاش المسائية رغبة «حزب الله» بتكريس التهدئة على الساحة الداخلية، بالتعاون مع «المستقبل» الذي اختار الجلوس إلى طاولة واحدة معه بهدف التخفيف من التوتر وحالات التشنج. وإذ بالضاحية الجنوبية، وفق قوى «14 آذار»، تجرّ لبنان إلى حرب جديدة، في أداء ينمّ عن ازدواجية في الخطاب وفي الفعل…

في المقابل، فإنّ الفريق «الأزرق» كان خلال ساعات «التوتر الناري»، غائباً عن السمع.. بانتظار التئام «الصفّ» في حضرة «أستاذ» الكتلة النيابية، الرئيس فؤاد السنيورة، ليكون هناك موقف معبّر عن المجموعة.

ولكن، في هذه الأثناء، من تسنى له الوقوف أمام الميكروفونات، تجاوز مشهد الاشتباك على الحدود الجنوبية لقضايا أكثر إلحاحاً، كمسألة مسببات العنف التي تطرق إليها النائب خالد ضاهر بعد لقائه المفتي عبد اللطيف دريان، حيث جال في الفلسفة الاجتماعية للعنف والأسباب الكامنة من خلفه، من دون أن يأتي على ذكر الأحداث الحاصلة في الجنوب، لا سلباً ولا إيجاباً.

ومع ذلك، سيكون صعباً على قوى «14 آذار» أن تستنفر كل أجنحتها وقادتها في مشهد تعبوي يوقظ جماهيرها من سباتها، لشحذ السكاكين بوجه «حزب الله»، بعد وضع الشارات الحمراء حول الأعناق، كما كانت تفعل عند المحطات المفصلية.

ففي زمن البحث عن توليفات تفاهمية تقي الساحة الداخلية من الغرق في مستنقع التوتر المذهبي، يصبح من غير المرغوب فيه اعتماد الخطاب التصعيدي ورفع سقوف غير محسوبة النتائج.