تدور الإتصالات السياسية في أكثر من اتجاه محلي وخارجي، وعلم في هذا المجال من مصادر سياسية مطّلعة، أن هذا الأسبوع من شأنه أن يحسم مسار التسوية سلباً أو إيجاباً، وإن كانت حظوظها قائمة لجهة إيصال رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية إلى سدّة الرئاسة الأولى، على اعتبار ان المعطيات تؤكد أن حلّ الملف اللبناني محسوم على الصعيدين الإقليمي والدولي، وأن القرار قد اتّخذ بإقفال الأزمة الرئاسية مهما كانت الظروف. وكشفت المصادر نفسها، أن القائم بالأعمال الأميركي ريتشارد جونز يتابع مسار عملية التسوية عن قرب في ضوء قرار مباشر صادر عن الإدارة الأميركية يقضي بدفع خيار انتخاب فرنجية إلى الأمام، وبالتالي، فإن السفير الأميركي قد تمّ تفويضه بشكل رسمي لإنجاز التسوية الرئاسية ودعم ترشيح النائب فرنجية. وقالت المصادر ذاتها، أن هذا القرار يكشف أن الغطاء الدولي متوفّر، وأن القرار قد اتخذ، وما يجري اليوم من عمليات أخذ وردّ ومشاورات واتصالات ولقاءات، لا يعدو أكثر من كونه عملية تحسين شروط لمرحلة ما بعد الإنتخابات الرئاسية بالنسبة للملفات السياسية المدرجة على جدول الأعمال الذي سيبدأ تنفيذه من خلال التشكيلة الحكومية المقبلة وعملية توزيع الحصص إضافة إلى قانون الإنتخاب. وأضافت أن ما من عوائق إقليمية أيضاً تحول دون سير هذه التسوية قدماً، وبالتالي، فإن حال الإعتراض الحالية محصورة بالوضع المسيحي الداخلي، والذي تتم معالجته على أكثر من مستوى في الكواليس.
وفي هذا السياق، تحدّثت المصادر المطلعة، عن حلحلة قد تًسجّل على صعيد العلاقة ما بين تيار «المستقبل» و«القوات اللبنانية»، على اعتبار أن ما جرى في الساعات الماضية من صدور مذكّرات من جانب الطرفين، أوقفت الحملات، قد أتت بإيعاز مباشر من قبل الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع، مما يدل على أن الرجلين لا يرغبان ب«كسر الجرّة» بينهما، ويكشف أن الحوار مستمر، وأن الإتصالات تجري بشكل يومي بين القيادات في «المستقبل» و«القوات». وانطلاقاً من هذه الصورة، فإن الحلحلة في موضوع التسوية على خط معراب ـ بيت الوسط باتت واردة في ضوء ما يجري تداوله عن لقاء مرتقب وموسّع لقيادات قوى 14 آذار سيصدر عنه بيان موحّد من خلال وثيقة سياسية تحدّدها هذه القوى، وتتركّز على عناوين أساسية سيادية واستقلالية، خصوصاً لجهة إدارة الملف السوري والعلاقة مع دمشق، بمعنى الضمانات العلنية والواضحة بإجماع كافة الفرقاء.
وكشفت المصادر نفسها، أنه على الرغم من المذكّرات الأخيرة، فإن بعض التوتّر لا يزال يشوب العلاقة، وهو ما ظهر من خلال تجنّب السفير السعودي علي عواض عسيري زيارة معراب ولقاء الدكتور جعجع كي لا يتم تأويل هذه الزيارة وتوجيه الإتهام للسعودية بأنها تتدخّل مع القوات لإقناعها بالسير بخيار انتخاب فرنجية، وذلك على الرغم من متانة العلاقة بين السعودية ومعراب.
وأكدت المصادر عينها، أن التسوية الحالية لم تأتِ بمبادرة من الرئيس الحريري أو من النائب وليد جنبلاط أو حتى من الرئيس نبيه بري، بل هي ثمرة اتصالات دولية ـ إقليمية شارك فيها الفاتيكان الأمر الذي أدّى إلى الواقع الحالي، وأكدت أن من لا يسير بهذه التسوية سيقع في المحظور، ذلك أن الحال اليوم في لبنان شبيهة بالوضع الذي سُجّل في أواخر الثمانينات، وأن الساحة المسيحية اليوم أمام تحدي الإنزلاق إلى وضع خطير أمام هذه الهجمة الإرهابية والتكفيرية التي أدّت إلى موجة هجرة مسيحية كارثية من المنطقة. لذلك، اعتبرت المصادر أن القوى التي التقطت كلمة السرّ الدولية والإقليمية تدرك تمام الإدراك أن الحل السياسي سيسلك طريقه مهما كثرت العراقيل، وهذا ما يعلمه علم اليقين بري وجنبلاط.