تتزايد يوماً بعد يوم مؤشّرات الإرتياح على الساحة الداخلية مع تراجع منسوب الإحتقان المذهبي، ومن الشوارع على الأقل، عبر رفع الشعارات «المذهبية» من مناطق العاصمة وطرابلس وصيدا. لكن مشهد الشارع لم ينسحب حتى الساعة على الخطاب السياسي لدى الفريقين المتحاورين في عين التينة ، إذ أن الخلافات عميقة بين تيار «المستقبل» و«حزب الله»، ولن تزول مع زوال الأعلام الحزبية من المشهد العام، كما يعتبر مصدر نيابي في فريق 14 آذار، ومراقب عن كثب لتطوّرات الحوار الجاري بين الفريقين. وبحسب هذا المصدر، فإن هذه الإجراءات الإيجابية والمبدئية، باتت ضرورية وملحّة مع تزايد الإحتقانات في المنطقة وتصاعد موجة إرهاب تنظيم «داعش»، ولكنه وجد أنها ليست كافية، خاصة في اللحظة الإقليمية، كما الداخلية، وذلك مع تقدّم الإهتمام بالتطوّرات الميدانية على جبهة الزبداني وجرود عرسال من جهة، وتكرار التهديدات الإسرائيلية للبنان بحرب «أكيدة» في المرحلة المقبلة. فتغيير قواعد الإشتباك الذي تسعى إليه إسرائيل، كما قوى إقليمية في المنطقة، لم يعد يقتصر على الحدود الجنوبية اللبنانية، بل امتدّ إلى مناطق وحدود إقليمية جديدة، كما أضاف المصدر النيابي نفسه، والذي أكد أن الوقوف بوجه عاصفة تغيير الحدود الإقليمية، يفترض الإتفاق على أكثر من نزع صورة لزعيم حزبي، وأن هذا الأمر يشكّل بداية مشجّعة.
فالوضع الأمني الخطير والنار السورية التي تحاصر لبنان، تدفع نحو تسريع النقاش السياسي الداخلي ورفع مستوى الإتفاقات المرتقبة بين «حزب الله» و«المستقبل» إلى تحديد السبل الكفيلة بترسيخ دعائم الأمن والإستقرار وحماية اللبنانيين من مخاطر الأتون السوري الذي يهدّد الحدود اللبنانية. وأضاف أن النوايا جدّية لدى الطرفين، ولكن الخطوات العملية «هزيلة» لعدة أسباب أبرزها أن الحوار لا يستهدف سوى تنفيس الإحتقان المذهبي أولاً، وأن التوافق على تهدئة الشارع لا يشمل القواعد الشعبية حتى الساعة في المناطق المرشّحة لأن تشهد توتّراً بين الطرفين ثانياً، ولأن العقدة الأساسية في الأزمة السياسية العامة ما زالت عصيّة أو مستبعدة من الحوار، وهي الإستحقاق الرئاسي ثالثاً، وبالتالي، «استبعاد» الشريك المسيحي عن الحوار، وإن كان فريقا هذا الحوار يرفضان إبرام أي اتفاق أو تسوية ذات طابع رئاسي بمعزل عن حلفائهما المسيحيين رابعاً.
وفي هذا السياق، قال المصدر النيابي ذاته، أن الملف الأمني يحتل الأولوية لدى كل القوى السياسية من دون استثناء، ولكنه لا يُعالَج بالشكل المفيد في حوار «حزب الله» ـ «المستقبل»، فالوصول إلى تسوية في القضايا الأمنية العالقة، يتطلّب مشاركة كافة مكوّنات 8 و 14 آذار لأنه يفترض بحثاً معمّقاً في أسباب وموجبات التدهور الأمني الداخلي وتأخير تنفيذ الخطة الأمنية من دون أية استثناءات وفي كل المناطق. وأكد أن التسوية الأمنية و«إزالة المحميات»، هي السبيل الوحيد لإقفال كل الثغرات التي من الممكن أن يتسلّل من خلالها الإرهاب الإقليمي إلى الساحة الداخلية لتخريب الإستقرار.
وإذ توقّع المصدر نفسه، أن تطرّق جلسة الحوار المقبلة إلى كافة تفاصيل الخطة الأمنية، أكد أن الخطر الإرهابي بات على الأبواب وعلى الحدود اللبنانية الشرقية والجنوبية، ولم تعد تكفي النوايا الإيجابية فقط لمواجهته أو حتى إعلان الخطابات الداعمة للجيش، لأن المطلوب يتخطّى الكلام والشعارات إلى الدعم العملي والميداني من خلال تحصين الجيش ورفع الغطاء عن كل من يعمل على عرقلة دوره، أو حتى التشكيك به، وذلك بصرف النظر عن الجهة التي تقوم بذلك.