IMLebanon

14 آذار»: شكراً لـ«حزب الله»!

ربما كان سعد الحريري يفضّل لو أن عودته الى أرض الوطن، كانت ممهدة بإسفلت التوافق الاقليمي أو أقله بدعائم «الريالات الملكية»، ما يسمح له بأن يعيد تدعيم بيته الداخلي أولاً، وتنظيم علاقته بمكونات «قوى 14 آذار» ثانيا، لكنه كان مضطرا لتلقّف الاعتراض السعودي المتزامن مع رجوع الشيخ الى بلده، وبالتالي، استنفار «ألويته الآذارية»، لكأنّ «ثورة الأرز» لا تزال تهزّ الأرض تحت أقدام «قيادييها»، أو كأنّ ذاكرة اللبنانيين «فوّلت» ولم تعد تتسع لأي حدث، حتى لو كان عمره.. أياماً فقط.

هكذا، بدت صورة «الصحوة المتأخرة» لـ «قوى 14 آذار» أقوى من بيانها الختامي الأخير. أن يجتمع هؤلاء تحت عنوان «الوفاء للملكة»، هذا إنجاز بحدّ ذاته، اذ لم يعد سهلاً أن يلتقي «رفيقان» من المعسكر ذاته طالما أنّ البيوت الحزبية والسياسية باتت مشلعة الأبواب والنوافذ.

صحيح أنّ لقاءات «14 آذار» حافظت على وتيرة معينة، لكن لم يعد خافيا على هؤلاء أن ما يجعل نبضها حيا هو «التنفّس الاصطناعي» لا أكثر ولا أقل.

يمكن لمكونات هذا الفريق أن تجمع ما تشاء من شواهد واثباتات «الفتوة» أو شهادات البقاء على قيد الحياة، ولو أنّ السكاكين المرفوعة من كل صوب هي مدمغة ببصمات أهلها. يمكن لهذه القوى أن تستعيد ما تريد من محطات خلافية سابقة تركت ندوبها على جسدها الواهن، ولكن لا يمكنها أن تقنع ناسها، قبل غيرهم أنّ كل شيء على ما يرام، وأنّ ما فرقته المصالح الفؤية يمكن لعطار التفاهمات الكبرى أن يصلحه!

جمع سعد الحريري قبل أسبوع الحلفاء، ليناقشوا في كل شيء الا في خلافاتهم. لكن كيف يمكن لهم أن ينسجوا بمنوال سياسي واحد، اذا كان مشوار «ثورة الأرز» قد أفضى الى إقدام سمير جعجع، أكثر الموارنة راديكالية، على ترشيح ميشال عون لرئاسة الجمهورية، والى تبني زعيم «14 آذار» وعمودها الفقري «تيار المستقبل» ترشيح سليمان فرنجية أحد أبرز رموز «8 آذار» من زمن «الحقبة السورية»؟

يوم قرر «حكيم معراب» ردّ «الصفعة الحريرية»، عبر ترفيع شأن «اعلان النيات» مع «التيار الوطني الحر» وضخ «الأوكسيجين» في ترشيح رئيس «تكتل التغيير» لمنحه «قيمة مسيحية مضافة»، فيصير مرشح «الأكثرية المسيحية» أولا، ظنّ كُثر أن تلك الخطوة، ستكون بمثابة الضربة القاضية لـ «قوى 14 آذار».

اعتقد كثر أنّ الاصطفافات القائمة على رقعة الاصطفافات الداخلية منذ العام 2005، صارت في مهب الريح. لا «قوى 14 آذار» تستطيع الصمود بوجه «تسونامي» الانقلابات الرئاسية التي حوّلت «وحوش الأمس» الى «ملائكة الغد»، ولا «قوى 8 آذار» تستطيع مواجهة هذه المتغيرات من دون التعرض لاهتزاز بنيانها المترنح أصلا.

لكن حتى الآن، لا مؤشرات جدية بامكان صرف هذه «التحولات الرئاسية»، وهو الأمر الذي جعل الكل أصحاب مصلحة في الانضباط ضمن الانقسامات، مع ابقاء خيوط التمايزات مفتوحة، خصوصا أن التصعيد السعودي ينبئ بإطالة الفراغ الرئاسي. وطالما أن معادلة الرئاسة مشروطة بواحد من تلك المتغيرات: اما انضمام الحريري الى قافلة مؤيدي عون، واما انسحاب «الجنرال» لمصلحة فرنجية، فهذا يعني أنّ عداد الشغور سيبقى شغالاً.

من هذه الزاوية، تصبح «قوى 14 آذار» مجتمعة صاحبة مصلحة بابقاء نار خصومتها المشتركة مع «حزب الله» مشتعلة، في انتظار مراجعة جدية لحقيقة الخلاف بين «تيار المستقبل» و «القوات»، وهما القوتان الأكثر تأثيراً ونفوذاً في عمارة «14 آذار».

صحيح أنّ الجميع في «14 آذار» ينام تحت سقف واحد، ولو أنه صار من ورق، ويمكن لأي عاصفة أن تقتلعه، لكن ذكريات الزمن الآذاري الجميل ما زالت تدغدغ ذاكرة الجمهور الآذاري في غياب ما يجمع هؤلاء حاضرا ومستقبلا.