«الحريري لن يترك الحوار لأنه ضنين بمصلحة البلد وسلمه الأهلي»
«14 آذار»: ما كشفه جعجع يؤكد أن الاستحقاق الرئاسي في يد الإيرانيّين
مع استمرار تعطيل جلسات انتخاب رئيس الجمهورية وعدم تأمين نصابها بفعل تعمّد غياب نواب «حزب الله» وتكتل «التغيير والإصلاح»، كما حصل أمس، في الجلسة الـ30، حيث تم تحديد موعد جديد في 11 تشرين الثاني المقبل، يتأكد أكثر فأكثر استحالة إحراز أي تقدم على صعيد الاستحقاق الرئاسي، طالما بقي أسير التصلب الإقليمي من جانب الذين يستخدمون هذا الاستحقاق ورقة مساومة في الصراعات الخارجية الدائرة، كما يفعل الإيرانيون المنغمسون في الحرب السورية دفاعاً عن نظام بشار الأسد، بحيث لم يكن مستغرباً عنهم ما كشفه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، من أن إيران قدمت اقتراحاً لمراجع غربية، من أنها مستعدة للإفراج عن انتخابات الرئاسة في لبنان لصالح مرشح لا طعم ولا لون له، إذا وافقت دول غربية وعربية على بقاء الرئيس الأسد على رأس النظام، وهو ما اعتبرته أوساط بارزة في قوى «14 آذار» كما قالت لـ«اللواء»، دليلاً حسياً، على أن الإيرانيين يلعبون بالورقة الرئاسية وهم ليسوا مستعدين للتفريط بها، إذا لم يحصلوا على ما يريدون مقابلها، أي أن ما أشار إليه رئيس «القوات»، يؤكد حقيقة الأمور وكيف أن إيران تأخذ الانتخابات الرئاسية رهينة، بانتظار ما ستحصل عليه على طاولة المفاوضات مع الغرب، وبالتالي لا غرابة أن تعلن استعدادها للإفراج عن الاستحقاق الرئاسي، في حال قبل الغرب ببقاء الأسد على رأس النظام في سوريا، فيما للأسف يقبل فريق لبناني بأن يكون أداة تنفيذ للمشروع الإيراني الذي يريد ضرب المؤسسات وإفراغها من دورها ويستخدم لبنان ساحة لتصفية الحسابات مع القوى الخارجية، مشيرة إلى أن العرض الإيراني الذي تحدث عنه الدكتور جعجع، يعكس بوضوح أن الأزمة الرئاسية طويلة ومعقدة ولم يحن أوان الحل بعد، باعتبار أن لا أفق زمنياً لانتهاء الصراع الدموي في سوريا، بالرغم عما يحكى عن ليونة غربية لبقاء الأسد في السلطة بضعة أشهر، بانتظار إيجاد توافق سياسي يسمح بولوج باب الحل ولو على مراحل.
وشددت الأوساط على أن العنوان العريض للملف الرئاسي بات معلوماً وهو أن إيران وحدها التي تملك مفاتيح قصر بعبدا، ولا تأثير فاعلاً للعرب والغرب، إذ لا يمكن توقع حضور نواب «حزب الله» وتكتل «التغيير والإصلاح»، إلا إذا رفعت إيران القيود عن الانتخابات الرئاسية وحصلت في المقابل على ما تريده في سوريا وغيرها، مؤكدة في الوقت نفسه حرص قوى «14 آذار»، على استمرار جلسات الحوار التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، دفعاً باتجاه حصول توافق حول بند رئاسة الجمهورية، ليصار بعدها إلى الانتقال إلى بقية البنود، بالرغم من الصعوبات الموجودة، جراء تمسك «حزب الله» وحليفه النائب ميشال عون بموقفيهما الرافضين تسهيل إنجاز الانتخابات الرئاسية إذا لم يُنتخب رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» رئيساً للجمهورية، وهذا الأمر بالتأكيد دونه صعوبات كثيرة، لأنه من غير الجائز أن توافق قوى «14 آذار» على مرشح إيران رئيساً للجمهورية، وفي الوقت نفسه فإن «تيار المستقبل» الذي يرفض ممارسات «حزب الله» وأسلوبه الاستعلائي، لا يريد وقف الحوار مع هذا الأخير، لأنه ضنين بمصلحة البلد وسلمه الأهلي، وبالتالي ليس وارداً في الوقت الحاضر الخروج من الحوار مع «حزب الله»، مع أن الأمور لم تحرز تقدماً نوعياً، لكن يبقى هذا الحوار الذي يراوح أفضل من عدمه في ظل الأوضاع المقلقة التي يعيشها البلد.
وتشير الأوساط إلى أن الرئيس سعد الحريري الذي يدرك مع حلفائه في «14 آذار»، أن «حزب الله» ليس بصدد تقديم أي تنازل قد يفضي إلى تسريع انتخاب الرئيس العتيد، لا يريد أن يكون سبباً في أخذ الأمور إلى مزيد من التأزيم في حال انسحب من الحوار مع الحزب، وعليه كان موقفه إلى قيادة «المستقبل»، بالاستمرار في الجلسات الحوارية، حتى يعود المعطلون إلى رشدهم ويتغير موقفهم، ما يسمح بإزالة العقبات من أمام الانتخابات الرئاسية، وصولاً إلى تشكيل حكومة جديدة تتولى إعداد قانون جديد للانتخابات النيابية والعمل على إجراء هذا الاستحقاق فيما بعد، لتستعيد الحياة السياسية دورها ويفعل عمل المؤسسات الدستورية والأمنية.