IMLebanon

٢٥ آذار… عن روح النظام!

لعله لم يعد يعني شيئاً استثنائياً للبنانيين ان تكتمل سنة منذ بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية بعدما أمعنت أزمة الفراغ الرئاسي في تطبيع الواقع الداخلي مع هذه الازمة. لكن ما يفترض ان يعني اللبنانيين هنا هو ان الموجات الاولى من الاخطار حققت ما اريد لها من الازمة، ولا فرق بين افراغ عمدي للرئاسة او افراغ بفعل تطورات وصراعات قسرية. وما نعنيه هو الموقع الآخر الذي زحلت اليه الازمة الآن، اي إمكان ان نكون أمام استحالة فعلية لتعويم النظام، نظام الطائف، كلما توغلت الازمة في تشويه الممارسات الدستورية وتعليقها وتعطيلها على ما تجري عليه الامور.

ذلك ان المفهوم السوي والأصولي ( من أصول ) للنصوص الدستورية يبدو كأنه اسقط عمداً الى درجة إلحاق واقع لبنان بواقع دول “طارت” وسقطت في مهب الجحيم العنفي الدموي، كاليمن مثلا حيث يصارع رئيس “شرعي” مخلوع بقوة قاهرة انقلاباً وحرباً مذهبية واقليمية، فلا يبقى من العملية الدستورية سوى هيكل شكلي هزلي يتداعى فوق الدماء. نقول اليمن تحديداً في اسقاط المقارنة التي قد يرفض اللبنانيون مجرد تخيلها بين بلدهم واليمن لأن تداعي الهيكل الدستوري لا يحصل فقط على شلالات الدماء بل يمكن ان يفرض تسللا وبخبث “سلمي” شديد على ما بتنا نخشى تحققه في لبنان. هل ترانا في حاجة الى التذكير بأن مفهوم المهلة الدستورية التي حددت بشهرين لانتخاب رئيس للجمهورية يعني في بعده الحقيقي ان مجمل النظام يضحي في واقع كارثي إن مر الشهران ولم ينتخب رئيس؟ اين هو واقع لبنان الدستوري الآن بعد سنة من بدء مهلة انتهى مفعولها الزمني ويجري التمديد لها تكراراً لإيهام الرأي العام الداخلي والخارجي ان الازمة الرئاسية لا تزال على سكة النظام ولو تمادى الفراغ؟

إننا نعيش واقعياً منذ عشرة اشهر على الاقل في زمن ضرب نظام الطائف في انتظار تسديد رصاصة الرحمة القاتلة تماماً كما يجري “تمويت” النظام بتسميم بطيء بجرعات التطبيع مع الفراغ. وإذا كان بين جهابذة السياسة من يوهم اللبنانيين بأن سوابق الفراغات الرئاسية التي حصلت في حقبات سابقة لم تؤد الى الاجهاز على النظام الدستوري، فاننا نخشى بأن ذلك بات يشكل ذروة الخداع لان الظروف التي يمر بها لبنان الآن كما المنطقة لم تعد تسمح بأي صورة من الصور الواقعية والمنطقية بأي مقارنة من هذا النوع. وليس اقل من خسارة النظام الدستوري برمته بكل ما يشكله ذلك من كوارث ستترتب على الاستخفاف باندثار مفهوم الأصول الدستورية بدءاً بضرب رأس الهرم، ذاك ما ستعنيه ذكرى السنة في ٢٥ آذار ٢٠١٥.