“8 آذار” يوم مشؤوم في تاريخي لبنان وسوريا، فهو يوم الإنقلاب، في ذلك اليوم حصل في سوريا إنقلاب عسكري قاده، حزب البعث.
حصل الإنقلاب في سوريا، في لحظة كان البلد قد انفصل فيها عن مصر، ووضع نهاية لأول وحدة إندماجية بين بلدين عربيين، وعمل في ما بين الأعوام (1961- 1963) على إصلاح ما يمكن إصلاحه حيث كانت المؤسسات السورية، شبه معطلة وغير قادرة على الإنتاج كنتيجة هيمنة الأخ الأكبر (الأجهزة الأمنية لجمال عبد الناصر)، على قرار ومقدّرات البلد بما يشبه الإلغاء للشخصية الإعتبارية السورية، لتتحول الوحدة التي كانت حلماً جميلاً الى كابوس، أدى الى هجرة ذوي الكفاءات والقيام بحملة تأميمات أدت الى إنهيار الصناعة والزراعة السوريتين، وجُهز السوريون نفسياً لتقبل أي حل يبعد سطوة الأجهزة الأمنية عنهم، ويعيد إنعاش إقتصادهم، وزراعتهم، ويحمي الملكية الفردية.
ماذا حصل يوم 8 آذار في سوريا؟
في 8 آذار 1963 قامت “ثورة آذار” المجيدة العظيمة المظفرة الى آخر ما هناك من القاب الفخامة التي أطلقت عليها، لإعطائها الأهمية، رغم أن تسميتها الحقيقية هي (إنقلاب)، فهذه الثورة التي يظنها البعض عظيمة هي في الواقع مجرد انقلاب عسكري، دبّر في لحظة تآمر على مصير الشعب السوري، وفي عتمة ليل، وكان السوريون حينها قد إعتادوا أن يناموا على حكومة ليستيقظوا على البلاغ رقم واحد، حيث كانت الإنقلابات نتيجة لحالة الغليان وعدم الإستقرار، والتدخلات الخارجية، فاعتاد السوريون على تلك الأنماط الإنقلابية، وكانوا يعتقدون أن ذاك الإنقلاب سيكون مصيره كمصير الإنقلابات الأخرى، إلا أنه لاحقا تبين أن هذا الإنقلاب قد أسس لمستقبل لم يكن يخطر في بال السوريين.
دبر إنقلاب “8 آذار” مجموعة من الضباط في الجيش هم خليط من بعثيين وناصريين وقوميين عرب ومستقلين، بالتنسيق مع بعض الضباط المسرّحين من الجيش ومنهم حافظ الأسد الذي كان قد سرح بعد استقلال سوريا عن مصر العام 1961، ونقل الى مديرية النقل البحري في وزارة المواصلات.
دوافع الإنقلاب
حرّض الانقلاب العسكري الذي قام به البعثيون في العراق صباح 8 شباط 1963 شهية الانقلاب المتأصلة في الضباط السوريين كما كنت قد أسلفت، فتحالف ضباط بعثيون وناصريون وقوميون عرب ومستقلون ودبروا انقلاب 8 آذار، حيث انطلقت بعض الوحدات العسكرية فجراً من معسكرات القنيطرة والسويداء باتجاه دمشق، وسيطرت على الإذاعة والتلفزيون وأركان الجيش وبعض مقرات الحكومة. وأذاع الانقلابيون بيانهم الأول رقم واحد صباح 8 آذار.
ليل سوريا الطويل
أعلن الإنقلابيون في بيانهم الثاني حال الطوارئ التي بقيت مستمرة في سوريا لعقود طويلة، حتى اضطر بشار الأسد لإلغائها شكلياً العام 2012 تحت ضغط انتفاضة السوريين، أي بعد قرابة نصف قرن، وهي أطول حال طوارئ في التاريخ الحديث، وهي مستمرة عملياً حتى اليوم بطريقة أكثر بطشاً.
نتائج الإنقلاب
“قائدنا الى الأبد”، كان الشعار الأبرز الذي شكل أحد أبرز نتائج الإنقلاب. في سوريا كل من عمره دون النصف قرن لم يعرف سوى حزب البعث في السلطة، و كل سوري عمره دون الأربعة عقود ولد تحت حكم حافظ أسد، وكل سوري عمره دون الـ 13 عاماً ولد تحت حكم بشار الأسد. أي أن معظم شعب سوريا ولد تحت سلطة آل الأسد التي خططت لجعل سوريا محكومة من قبلها الى الأبد وتصوير الأمر وكأنه من رواسخ الأمور.
“نحن محكومون بالأمل”، كما يقول سعد الله ونوس كذلك سوريا، فما من غروب الا ويليه شروق.