IMLebanon

8 آذار»: لقرار سياسي يَستعيد عرسال

 

بعد انتهاء ملفّ «جرود القلمون»، وهروب المسلحين إلى جرود عرسال، تتجمَّع حول لبنان بوادر أزمة سياسية – أمنيّة خطيرة، في حال بقيَ الأداء السياسي مشدوداً نحو مصالح الخارج قفزاً فوقَ مصالح لبنان.

كان واضحاً كلام الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله في خطابه الأخير. تناوَل موضوع عرسال بكثير من الوضوح: «إذا لم تقُم الدولة بواجبها في تحرير البلدة الحدودية وجرودها من المسلّحين والمخاطر التي يُمثّلونها على الأمن اللبناني، فإنّ اللبنانيين الموجودين في البقاع سيضطرّون للدفاع عن أنفسهم وقراهم».

من جهته، وبعد أيام من الصمت ردَّ الرئيس سعد الحريري عبر «تويتر» على كلام نصرالله، قائلاً: « إنّ كلّ المحاولات لزَجّ الجيش في معارك يُحدّد زمانَها ومكانَها «حزب الله» لن تمرّ ونسكت عنها». ما يعني أنّ تيار «المستقبل» لن يسمح للدولة بالقيام بواجبها، الأمرُ الذي يَدفع الأمور نحو مواجهة مؤكّدة في تلك المنطقة، في ضوء قرار «حزب الله» بعدمِ التهاون مع مَن تبَقّى من مسلّحين على الحدود اللبنانية.

شخصية بارزة في قوى «8 آذار» تؤكّد أنّ «حزب الله» ليس في وارد فتح معركة في عرسال أو معها، لكنّه في الوقت عينه لن يسكتَ على استمرار بقاء البلدة الحدودية وجرودها خارجَ سلطة الدولة.

وتقول: «إستطاعَت الحمايات السياسية، والحملات الإعلامية منعَ الدولة من دخول عرسال منذ العام 2011. وساهمَت الضغوط على القرار السياسي في تحويل عرسال «منطقة آمنة» يَدخلها المسلّحون متى شاؤوا لتَزَوّد المازوت والمواد الغذائية ولشِراء السلاح وتجنيد المسلّحين».

وتضيف: «مَضبَطة الاتّهام حيالَ ما شهدَته تلك البلدة طويلة، ليس آخرها ما حصلَ مع النقيب الشهيد بيار بشعلاني، والرقيب الشهيد ابراهيم زهرمان، ولا اجتياح المسلحين البلدةَ في العام الماضي، والهجوم على مواقع الجيش اللبناني، وقتل وجَرح وأَسر عددٍ من عناصرِه وعناصر قوى الأمن الداخلي. كلّ هذا يَبقى ضئيلاً في تصنيف البلدة وتشخيص المخاطر الكامنة داخلها على كلّ الأمن اللبناني».

وتَلفتُ هذه الشخصية إلى «أنّ معظم السيارات المفخّخة التي دخلت إلى لبنان مرَّت عبر عرسال، ولا يزال المسلّحون قادرين على استخدام بعض مخيّمات النازحين للاعتداء على الجيش اللبناني والأراضي اللبنانية.

والأمر بسيط جدّاً ولا يحتاج إلى تعقيدات، فلتقُم الدولة بواجبها، وليَسمح البعض للقرار السياسي أن يكون جريئاً، عندها لن يكون «حزب الله» مَعنيّاً بالأمر، وسيكون أوّلَ المرحّبين بقيام الدولة بوظيفتها ودورها في الحفاظ على أمن الحدود».

وفي هذا السياق، تُعرِب الشخصية نفسُها عن تشاؤمِها حيال «تحرير الجيش» من الضغوط والمساومات في شأن عرسال وجرودها، الأمر الذي يُذكّر بحقبة الاحتلال الإسرائيلي للجنوب اللبناني عام 1978. يومَها تخَلّت الدولة عن واجباتها حيال منطقةٍ لبنانية تعرّضَت للاجتياح، ما اضطرّ «أبناء المنطقة» لتنظيم أعمال عسكرية بغية تحرير قراهم وبلداتهم ومدنِهم.

وبالتالي يَصحّ هذا المَثل على عرسال، فإمّا أن يسمحَ القرار السياسي للدولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية باستعادة هذه المنطقة اللبنانية والسيطرة عليها، وإمّا أن يُنظّم «ابناء المنطقة» الذين ذاقوا الأمَرَّين أعمالاً عسكرية للدفاع عن قراهم».

وتؤكّد أنّ «حزب الله» ليس في وارد عملية عسكرية في جرود عرسال الآن. والسبب معروف، وهو يُراعي الحساسيات الكامنة وراء الموضوع، ولكنّه لن يَسمح باستمرار هذه الحالة طويلاً، وسيَنتظر قرار الدولة ومجلس الوزراء قبل أن يبادرَ إلى أيّ موقف في هذا الشأن.

وفي الأثناء ستُشدّد عناصر المقاومة والجيش السوري في القلمون، الحصارَ على المسلحين، وتُضَيّق عليهم حتى يَستسلموا أو يَخرجوا من تلك المنطقة. وتدعو هذه الشخصية الوازنة في قوى «8 آذار» الدولة إلى حسمِ أمرها في هذا الصَدد، وأن لا تَسمح بتكرار ما حصل في عرسال سابقاً، وبهذا تَسحب فتيلاً خطيراً قد يُشعل البلدَ بأسرِه.