Site icon IMLebanon

«8 آذار» تراكم أرصدتها الإقليمية: الرئاسة لا تكفي

المعركة ضد الإرهاب تستعجل التسويات.. وإيران تترقب «القطاف»

أسماها الوزير نهاد المشنوق «حركة تواصل» وأسمتها النائبة بهية الحريري «مبادرة». لكن خلاف التسمية لم يمنع الاتفاق على أن مبادرة تأييد انتخاب النائب سليمان فرنجية رئيساً «لا تزال موجودة وحية ومستمرة». وهذا تحديداً ما يبدو فرنجية مطمئناً له، بالرغم من أن حلفاءه لم يتعاملوا مع «الجولة الأولى» لترشيحه، على أنه فرصة لن تتكرر، كما كان يتوقع أو يأمل.

حسبها «حزب الله» بشكل مختلف. لم يتفاعل مع تسمية حليفه لا سلباً ولا إيجاباً. حافظ على هدوئه وحسمه في آن: لا تسويات جزئية في لبنان، في الوقت الذي تزحف المنطقة نحو التسويات الكبرى. أن يكون فرنجية رئيساً هو لا شك انتصار كبير لـ «حزب الله»، لكنه انتصار معنوي، فيما هو يريد انتصاراً واضحاً.

بالنسبة لـ «8 آذار»، فإن من يتهم «حزب الله» بربط الرئاسة في لبنان بالتسوية الإقليمية، عليه أن يعرف أن «المستقبل» بدوره لم يسر في تسمية فرنجية، إلا ربطاً بالتسوية الإقليمية التي يريد أن يستبقها ليهرب من ثمنها في لبنان. وهو بهذا المعنى يسلّم، كما «حزب الله»، أن لبنان صار ملفاً على طاولة المنطقة. لكن الفارق أنه ظن أن بإمكانه، بدفع سعودي، تمرير تسوية الرئاسة، قبل أن يضطر لاحقاً إلى دفع ثمن أغلى من تسليم مفاتيح بعبدا إلى «8 آذار»، عبر سليمان فرنجية.

وإذا كان النائب وليد جنبلاط قد ركن إلى الأمر الواقع، مقتنعاً أن التسوية في الوقت الراهن قد أجهضت، ومنتظراً أن تنضج الظروف أكثر، فقد سعى الوزير وائل أبو فاعور إلى تعميم التفاؤل، معتبراً أن المبادرة «لديها فرص عالية من النجاح، وربما تحتاج إلى بعض الوقت والروية».

الوقت المستقطع في لبنان ليس كذلك في الإقليم. هناك بدا أن «الأميركيين قد أطلقوا صافرة انطلاق التسويات في أكثر من بلد، وبالتالي لم يعد أمام اللاعبين الإقليميين، سوى فترة وجيزة للمناورة، قبل أن ينصاعوا للأجندة الأميركية. وهي فترة يأمل كثر أن تستمر إلى حين دخول واشنطن في السباق الانتخابي بعد نحو ستة أشهر، بما يجعلها عاجزة عن اتخاذ القرارات الكبرى.

ذلك بالنسبة لمصدر في «8 آذار» سيؤدي إلى «عكس النتيجة المرجوة سعودياً». إذ يرى أن الإدارة الأميركية بدأت تعد العدة لإيقاف العنف في المنطقة خلال ستة أشهر كحد أقصى، بعدما فرضت التطورات الجديدة، لا سيما منها وصول الإرهاب إلى قلب أوروبا، تسريع عملية محاربة الإرهاب، وهي لن تكون ممكنة في ظل انتشار الفوضى في أكثر من بلد عربي.

ويرى المصدر، الذي زار طهران مؤخراً، أنه لم يعد مقبولاً أن تستمر حرب اليمن بلا أفق، خاصة أنها لم تساهم إلا في استفادة «القاعدة» و«داعش» من الفوضى لتعزيز نفوذهما، بعدما فشلت السعودية في تحقيق أهداف الحرب، مقابل تحول جنوبها إلى هدف للأسلحة الإستراتجية اليمنية.

والأمر نفسه يجري في ليبيا التي دُفع طرفا الأزمة إلى الاتفاق على حكومة وحدة وطنية، وإعطاء الأولوية لمحاربة «داعش».

أما في سوريا، فبعد خمس سنوات على الحرب، وضعت اللبنة الأولى لإيقافها من خلال إجماع أعضاء مجلس الأمن على قرار يضع حداً للصراع، يشدد على أن الشعب السوري هو من سيحدد مستقبل سوريا. وينص على دعوة ممثلي النظام والمعارضة السوريَيْن للمشاركة «على وجه السرعة» في مفاوضات رسمية بشأن مسار الانتقال السياسي، على أن تبدأ تلك المفاوضات في كانون الثاني 2016 «بهدف التوصل إلى تسوية سياسية دائمة للأزمة».

يرى المصدر أن هذا المنحى الدولي يقود إلى تعزيز أوراق إيران في المنطقة، من دون أن تضطر إلى التفاوض مع أحد أو التنازل عن سياستها الإقليمية أو عقد صفقات تثبت دورها في المنطقة.. من دون منة من أحد، وعلى قاعدة الشراكة لا الاشتباك.. والأهم، من دون الحاجة إلى تقديم أوراق اعتمادها للأميركيين، كما فعلت السعودية في إعلانها عن إنشاء «التحالف الإسلامي» لمكافحة الإرهاب.

وبناءً عليه، ماذا ستكون تداعيات المباركة الدولية لنفوذ محوري لإيران في المنطقة، معطوفاً على تثبيت النظام السوري والحوثيين في أي صيغة حكم في اليمن.. على لبنان؟ قبل الإجابة، يستعيد المصدر رفض مبادرة ترشيح فرنجية من قبل «8 آذار»، ليقول: في ظل هذه المتغيرات التي تصب كلها في صالح محور الممانعة، هل يعقل أن يكتفي حلفاء إيران وسوريا في لبنان بوصول فرنجية إلى بعبدا؟ وهل يعقل أن لا يسعوا إلى إيصال مرشحهم الأول؟ وهل يعقل أن لا يجعلوا الرئاسة جزءاً من تسوية شاملة تشمل قانون الانتخاب والحكومة وقيادة الجيش والسياسة الاقتصادية..؟