يدور الخلاف بين مكوّنات الحكومة في النقاشات الحاصلة مع رئيس الحكومة تمام سلام حول كيفية ممارسة صلاحية رئيس الجمهورية وحول صلاحيّة الوزير في اتخاذ القرار والتوقيع على المراسيم.
وأكّدت مصادر وزاريّة في أكثر من جهة حزبيّة، أن المشكلة معقّدة بين القانوني والسياسي، ما يُبقي جلسات مجلس الوزراء معطّلة حتى التفاهم على الحل، فيما دعا أحد وزراء فريق «8 آذار» رئيس الحكومة إلى «عدم التأخر أكثر في الدعوة للجلسات، حتى لا تتعطّل أمور البلد أكثر وحتى لا يحمّله أي طرف مسؤولية شخصية في تفاقم التعطيل»، متمنياً عليه «عقد جلسة في أقرب فرصة من أجل البحث في المخارج والعودة إلى التوافق ضمن ضوابط».
ويؤكد وزراء في «التيار الوطني الحر» وفي «حزب الكتائب» أن المشكلة معقّدة إلى درجة كبيرة، ولا يبدو أن هناك حلاً في الافق القريب، لأنّ الطرفين يرفضان، في ظل شغور موقع رئاسة الجمهورية، أي حل أو مخرج يقضي على صلاحية الوزراء جميعاً في الموافقة على القرارات والتوقيع على المراسيم، معتبرين أنّ ذلك يعني انتقاصاً من صلاحية رئيس الجمهورية حتى لو كانت في حالة الحكومة وفي ظل الشغور الرئاسي، صلاحية معنوية.
ويرى هؤلاء أنّ المشكلة تكمن في محاولة التفريق بين كيفية اتخاذ الوزراء للقرار بالنصف زائداً واحداً أو بالثلثين، وبين توقيع المراسيم والالتزام بمهلة ردّ المرسوم أو القانون التي يملكها رئيس الجمهورية، مع أنه في وضع كوضع الحكومة لا يمكن الفصل بين الاثنين. ويلفتون الانتباه إلى أنّ «صلاحية الرئيس تشمل المسألتين ولا تشمل فقط التوقيع الذي يطير بمجرد إصرار مجلس الوزراء او مجلس النواب على المرسوم بعد انقضاء مهلة رده من قبل الرئيس الذي هو، في حالة هذه الحكومة، الوزير مع باقي الوزراء».
لكن مصادر وزارية تؤكد أنه «بعد شغور موقع الرئاسة جرى الاتفاق، في الآلية المعتمدة حالياً وبشكل ضمني، على التوافق بين المكونات السياسية للحكومة وعدم اعتماد التصويت على القرارات في حال الاختلاف، والتوافق الضمني أيضاً على عدم الالتزام بالمهل الدستورية لتوقيع رئيس الجمهورية على المراسيم. بمعنى آخر، إذا حصل التوافق يمرّ القرار، وإذا اعترض وزير أو مكوّن سياسي واحد لأسباب جوهرية لا يمرّ القرار».
وتشدّد على أنّ «هذا التوافق الضمني هو خرق دستوري فاضح للمادة 65، لكنه كان الحل الممكن لتلافي مشكلة ممارسة الصلاحيات الرئاسية، ولكنّه سرعان ما تحوّل إلى مشكلة في تعطيل القرارات لأسباب كيدية أو سياسية أو شخصية، عدا عن أنه جرى التوافق على ألا يكون حق الفيتو معطىً لشخص واحد سواء انتمى او لم ينتمِ لفريق سياسي، وهنا ايضاً حصل خرق للآلية».
ويبدو أن فكرة العودة الى الآلية القديمة، مع ضوابط بعدم التعطيل لأسباب سياسية أو شخصية أو كيديّة، هي المطروحة حتى الآن لدى غالبيّة الوزراء. في حين يرى آخرون أن العودة إلى بنود الدستور التي تُحكم عادة عمل مجلس الوزراء بوجود رئيس الجمهورية هي الأصح قانوناً وسياسياً. وهناك فريق ثالث، من ضمنه الرئيس سلام، يقول إنه لا بد من ضوابط مشددة لمنع التعطيل ولمنع الاعتياد على فكرة شغور الموقع الرئاسي، مثل اعتماد الثلثين زائداً واحداً في الامور العادية بدل النصف زائداً واحداً، والإجماع في الأمور التي كانت تحتاج خلال وجود رئيس الجمهورية إلى الثلثين.
وإذا كانت المشكلة التي يشكو منها الوزراء بتعطيل أحدهم للآخر، فإنّ رئيس الحكومة يشكو أكثر منهم، على اعتبار أنّه الراغب في وقف التعطيل الكيفي والاستنسابي الذي بات يمارسه كل الوزراء، وكلّ لسبب، لذلك يسعى الى إيجاد توافق نهائي وملزم للجميع.
باسيل: الآلية الحالية دستورية
وقد بحث سلام، أمس، هذا الأمر مع وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الذي أوضح بعد اللقاء أن «تكتل الإصلاح والتغيير» هو أساساً «مع تطبيق الآلية المعتمدة حالياً والتي لا تخالف الدستور الذي يتحدث عن التوافق إذا تعذّر اللجوء الى الآليات الأخرى. نحن نعتمد التوافق، لا أن نعتبر أن العمل يسري بشكل عادي في ظل غياب رئيس للجمهورية ونستسهل عملية غيابه».
وأضاف باسيل: «أعتقد أننا ومن خلال روحية التوافق نستطيع خلق انسجام داخل الحكومة، وأي فريق يستطيع ــ ولأسباب غير مقنعة للرأي العام ولا حتى داخل الحكومة ــ أن يكون رافضاً للتوافق فيضع نفسه خارج هذا التوافق، الذي يجب أن يبقى المبدأ المُتبع من دون حق الفيتو التعطيلي لأحد».