Site icon IMLebanon

«8 آذار» مرتاحة لـ«نسيم التغيير»: تجاوزنا الهزّة

«أهلاً وسهلاً بالحريري.. من البوابة الدمشقية»

«8 آذار» مرتاحة لـ«نسيم التغيير»: تجاوزنا الهزّة

حتى شهر تشرين الثاني من العام 2015، لم يكن يخيل لأحد من السياسيين والمراقبين أن يكون بصدد نقاش ما إذا كانت قوى «8 آذار» و «14 آذار» لا تزال تحافظ على وحدتها، أو ما اذا كان في إمكان القوة الأساسية فيهما تطويق التصدع الذي طرأ في العلاقة بين القطبين المسيحيين الأساسيين في كل من تلك القوتين.

كان الأمر العام الماضي يسير على ما يرام حتى إطلاق الرئيس سعد الحريري طرحه «الجهنمي» الشهر الماضي بترشيح زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. واذا كان هذا الامر قد أحدث تشققات كبيرة في العلاقة بين القوة الرئيسية في «14 آذار»، أي «تيار المستقبل»، مع المكون المسيحي الأبرز في تحالف «14 آذار» أي زعيم «القوات اللبنانية» سمير جعجع من ناحية، فإنه في «8 آذار» قد أحدث ندوباً كبيرة في العلاقة بين المكونين المسيحيين، أي بين رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون من ناحية، وفرنجية من ناحية أخرى.

لكن المستغرب وما يتوقف عنده المراقبون، يتمثل في أن «الهزّة» الحاصلة اليوم في قوى «8 آذار» قد جاءت في ظل إشراف «حزب الله»، بهيبته المعهودة، على تلك القوى منذ تشكلها في آذار من العام 2005، وتمكنه من رأب هوة خلافات حصلت بين مكونات كبرى في تلك القوى، كما حدث على سبيل المثال في الخلاف بين عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، اذ مرت العلاقة المهتزة بينهما في أكثر من قطوع، تمكن «حزب الله» خلالها من تطويق الخلافات ومنع تفاقمها بآلية بالغة الدقة ممسكاً عصا العلاقة بين هذين القطبين من الوسط.

اليوم، في أواخر العام 2015، تمر العلاقة بين المكوّنين المسيحيين الأساسيين، أي عون وفرنجية، بتصدع حقيقي، يقول قيادي في «8 آذار» إنه جاء نتيجة «التصرف الفردي» من قبل فرنجية في مسعاه الرئاسي.

عندما أعلن الزعيم الشمالي تنسيقه «خطوة خطوة» مع «حزب الله» في الموضوع الرئاسي، فإنه قال «نصف الحقيقة»، على حد تعبير القيادي. لأن فرنجية قد أحاط الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله علماً بزيارته الباريسية، لكنه لم يفاتح الحزب بنيته الترشح لرئاسة الجمهورية، متخطيا بذلك قرارا جامعا كان من المفترض أن يصدر عن القوى الكبرى في «8 آذار» التي كان يجب على زعيم «المردة» الحصول على تفويض رسمي من قبلها قبل الذهاب الى باريس لعقد صفقة مع الحريري، ذلك أن عون هو مرشح تلك القوى للرئاسة.

مع عودة فرنجية من باريس، يقول القيادي، قام الزعيم الشمالي بـ«دعسة ناقصة» أخرى عندما لم يحرص على مهادنة الزعيم المسيحي الأول، ليس فقط على صعيد قوى «8 آذار» أو من يدور في فلكها، بل على الصعيد الوطني العام. وقد شكلت مقابلة فرنجية في برنامج «كلام الناس» تعميقاً لهوة الخلاف مع عون، سواء في العبارات التي انتقاها فرنجية، أو في ذهابه في ترشيحه الى النهاية، وتلميحه الى «خطة ب» لدى «حزب الله» ليس الأخير في واردها، أقله في اللحظة السياسية الحالية.

كان العرض الباريسي من قبل الحريري لفرنجية واضحا: نعطيكم الرئاسة مقابل رئاسة الحكومة. وبينما يعرب القيادي في «8 آذار» عن اعتقاده بأن قبول «حزب الله» برئيس للجمهورية يشترط اسم العماد عون، حتى وان لم يأت هذا الامر في صيغة سلة سياسية شاملة، يلفت النظر الى أن الأحداث الإقليمية الحالية تأتي لمصلحة قوى «8 آذار» التي في إمكانها فرض الرئيس الذي تريد «إذ ما بعد السوخوي ليس كما قبلها».

تقول كواليس «8 آذار» إن مسألة عودة الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة لن تكون «كيفما كان»، وثمة أسئلة على الحريري الإجابة عنها قبل عقد أي صفقة لعودته تتعلق أساسا بطبيعة العلاقة التي ستربطه بدمشق. وتستحضر القيادي في «8 آذار» دعابة على هذا الصعيد: «إذا كان الحريري قد رغب سابقا في العودة عبر مطار دمشق، فإننا نطرح عليه فعليا العودة الى رئاسة الحكومة من البوابة السورية الرسمية، وعندها أهلا وسهلا به».

يبدو أن التسوية الرئاسية مع فرنجية التي سعى اليها الحريري غير قابلة للتحقق، أقله في المرحلة الحالية، لكن، في المقابل، ثمة عمل يقوم به «حزب الله» على خط معالجة آثار الندوب التي ظهرت في العلاقة بين المكونين الأساسيين في قوى «8 آذار»، من دون التقليل من عمق الفجوة التي اتسعت في زمن قياسي لم يتعد الشهرين!

في خلاصة لما جاءت به أواخر العام 2015 من تطورات على قوى «8 آذار»، يشير القيادي الوسطي الى ان تلك القوى قد تخطت أزمتها في أقل قدر من الخسائر، لا بل هو يذهب الى اعتبار ان تلك القوى باتت مرتاحة اليوم الى تماسكها وقدرتها على التعامل مع أي موقف مستجد من قبل الخارج. ويخلص الى وصف حالتها اليوم بـ «المريحة جدا»، خاصة مع «تنسمها لرياح التغيير المقبلة من الإقليم، وخاصة من بلاد الشام».