لا صوت يعلو فوق صوت العاصفة المناخية التي «هزت» الكيان اللبناني جغرافياً ومناخياً وكشفت حجم الاهمال والفساد وقلة المسؤولية في التلزيمات والبنى التحتية كما كشفت حجم التغطية السياسية لكبار المرتكبين في ملف الطرق وصيانة الجسور والصرف الصحي وفق ما تؤكد اوساط سياسية في 8 آذار. وتشير الاوساط الى ان العاصفة المناخية الهوجاء تقابلها عاصفة لا مبالاة وتعنت اهوج وتصلب من الرئيس المكلف سعد الحريري في رفض الاقتراحات التي قدمت وتقدم للتخفيف من عدم اقراره بالهزيمة النيابية وبتقلص حجم كتلته وبرفضه الواقع الجديد انه لم يعد ممثلاً حصرياً للسنة وانه ليس الناطق باسمهم حصراً بعد انتخابات 2018 النيابية الاخيرة.
وتشير الاوساط الى ان المعنيين بالتشكيل في تحالف حركة امل وحزب الله و8 آذار وصلوا الى قناعة مفادها بأن التشكيل معقد وان الامور ليست سهلة وان لا حلول يمكن ان تنجح في حل عقدة التأليف عما قريب في ظل استمرار الذهنية نفسها عند الحريري وفي مقابل تشدد رئيس التيار الوطني الحر ووزير الخارجية جبران باسيل واصراره على تموضع الوزير السني السادس في تكتله وتصويته الى جانبه بغض النظر عن اسم الوزير او لاي فريق انتمى!
في المقابل يرى الثنائي الشيعي انه من حق اللقاء التشاوري ان يتمثل بوزير من حصته وان يصوت الى جانبه ويمثله وان على الرئيس المكلف ان يمثله من حصته كونه لا يحق له بعد نتيجة الانتخابات ان يتمثل بستة وزراء سنة وكون كتلته النيابية المؤلفة من 18 نائباً لا يحق لها ان تتمثل بأكثر من 4 وزراء وفق المعادلة التي ارستها مفاوضات التشكيل وخصوصاً بين الثلاثي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف والوزير باسيل اي لكل كتلة نيابية من 4 نواب وزير اي انه يحق للحريري بأربعة وزراء ونصف اي خمسة وزراء كحد اقصى.
وتؤكد الاوساط ان المشكلة والعقدة ليست بين تحالف امل وحزب الله وباسيل او بين حزب الله وباسيل بل اساس المشكلة عند الحريري فتصلب الحريري ومكابرته اجبرت عون على الذهاب الى التنازل من حصته عن الوزير السني. فلو ان الحريري اتبع المنطق والحق الطبيعي للنواب السنة العشرة من خارج تكتله فإن من حق النواب السنة المستقلين عنه بوزير على الاقل وكانت انتهت المشكلة منذ بدايتها. وترى الاوساط ان الاشتباك الاخير بين حزب الله وباسيل انتهت مفاعيله سريعاً وهو نتيجة «عرضية» لرصاص الاشتباك الطائش حكومياً ولاستمرار تعنت الحريري. اي ان الاشتباك حصل بفعل تخلي الحريري عن مسؤولياته في التأليف والاعتكاف غير المعلن ورمي الكرة في ملعب عون وباسيل وحزب الله واللقاء التشاوري وحيّد نفسه عن تداعيات اي خلاف او تفاوض بينما هو اصل المشكلة ولا يحق له ان يتفرج او يعتكف ويدع الآخرين «يقّلعون» شوكهم بأيديهم.
وتشير الاوساط الى ان حجم المأزق وتصلب الجميع وتعنت الحريري وعدم وضوح الصورة دولياً واقليمياً وخصوصاً في سوريا تجعل من جميع القوى وخصوصاً تحالف عون وامل وحزب الله متمسكين بالتسوية الرئاسية وبإستمرار تكليف الحريري لتشكيل الحكومة لان اي مغامرة من شأنها قلب الطاولة ان تعقد المشهد وان تفتح الوضع اللبناني على خيارات صعبة وغير مضمونة النتائج. وتقول الاوساط ان «العقلاء» في فريقنا يرون ان استمرار الخلاف الحكومي يلزمه تكثيف الحوار واعادة تفعيل المبادرات المتوقفة ولكن ببنود وعقلية منفتحة على الحلول وليس التصلب غير المجدي والذي يضيع الوقت.
ومع استمرار اضاعة الوقت، فمن الواضح ان الخاسر الاكبر هو البلد والاقتصاد والفريق القائم على السلطة والعهد المكون من عون والحريري وبطبيعة الحال داعمي العهد اي حزب الله وحركة امل وبما ان الوضع الاقتصادي ضاغط فلا بد من ترشيد الانفاق والذهاب الى اقرار الموازنة في جلسة استثنائية لمجلس النواب وفي ظل حكومة تصريف الاعمال وهو امر قيد البحث من الرؤساء الثلاثة والقوى الاساسية وقد تعقد الجلسة بعد انعقاد قمة بيروت الاقتصادية التي ستكون في وقتها مع تسليم الجميع بصعوبة عودة سوريا الى الجامعة العربية راهناً وبالتالي دعوتها لحضور القمة.