IMLebanon

8 آذار تخسر.. وسطيّة الراعي واعتدال الحريري  

لا وسطية البطريرك الماروني بشاره الراعي وانفتاحه على الجميع في 8 و14 اذار، ولا اعتدال سعد الحريري ومد اليد ووقوفه الى جانب الجيش ضد الاصوليين من ابناء مذهبه، ودعواته المتتالية الى الحوار مع من هو على خصومة وعداء معهم، نفعت حتى الان في زحزحة قوى 8 آذار عن مواقفهم المتشددة حيال القضايا التي تكاد تأخذ البلد الى حالة، لن يعود ينفع في تصحيحها شيىء على الاطلاق، حيث تتحول البلاد الى ساحة كبيرة من انعدام الامن والاستقرار ومن قوافل الجائعين والبائسين والمشردين، ولا يستبعد ان تسقط القوانين وتداس، وتصبح شريعة الغاب هي القانون والدستور، وحصول وقوع هذه الحالة لن يطول، ففي العشرين من هذا الشهر، وهو موعد فاصل بين حياة لبنان وموته، لان الامور اذا تابعت سيرها التعطيلي حتى ذلك التاريخ، فان لبنان سيكون من دون رئيس، ومن دون مجلس نيابي، وبالتالي من دون حكومة، لانها ستسقط مع مجلس النواب، وقد يتنطح البعض الذي يتعمد تخفيف الفراغ على اللبنانيين للقول، ولكن الحكومة تبقى ولو لتصريف الاعمال، والجواب ان تصريف الاعمال يعني الموت البطيء للدولة، ولكن حتى هذه الحالة معرضة ايضا للسقوط والفراغ، قياسا على التوتر القائم بين 8 و14 آذار من جهة على العديد من القضايا، وبين السنة والشيعة في ضوء الخلاف المذهبي الذي يلف العالم الاسلامي اولا، وفي ضوء قتال حزب الله في سوريا من جهة ثانية، الذي ازداد عمقا وعنفا، بعد استخدام التكفيريين السنة هذا التدخل ذريعة ليصبوا غضبهم ونارهم على لبنان وجيشه، متهمين الجيش اللبناني بالتعامل المختلف معهم، وعدم الاقتراب من حزب الله وسلاحه، وهذا من شأنه ان يخلق لدى الاكثرية السنية الملتزمة بالاعتدال والدولة «ضغطا كبيرا قد يخلق جماعات ارهابية»، على حد قول الدكتور سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية، الذي دعا الحزب الى الانسحاب من سوريا، لانه الطريق الوحيد لخلاص لبنان من واقعه الحالي.

في العودة الى مواقف البطريرك الراعي والرئيس الحريري، فان الراعي عبر عن غضب كبير امام ابناء الجالية اللبنانية الكبيرة في اوستراليا، مستخدما كلمات وعبارات تعكس هذا الغضب وخيبة الامل التي تحققت عنده ليس من الفريق المسيحي المشارك في خطة تعطيل انتخاب رئيس فحسب بل من افرقاء اخرين مسلمين ساهموا وسهلوا في استمرار الفراغ الرئاسي، لغاية في انفسهم، هي الوصول في نهاية الامر الى فرض مؤتمر تأسيسي تنتج عنه مثالثة قاتلة للمسيحيين، لانها تتشكل من الشيعة والسنة والمسيحيين، معتبرا موقفهم هذا «انتهاك للميثاق والصيغة»، واصفا التعطيل المتعمد بانه «قمة الانحطاط في عملية بتر رأس الدولة»، ولذلك فان دعوات قوى 8 آذار الى خصومهم السياسيين للتفاهم والحوار والشراكة، خسرت حليفا لها، كان دائم الوعظ والدعوة، الى «الشركة والمحبة» بمثل ما فرملت سياسة الحوار والاعتدال والمشاركة ووضع الخلافات جانبا، التي اعلنها في اكثر من مناسبة سعد الحريري، وكان آخرها بعد انتهاء معارك مدينة طرابلس المأسوية وسقوط شهداء من الجيش والمدنيين، ووقفة الحريري الى جانب الجيش، ظالما كان ام مظلوما، وقد اوضح وزير الداخلية بصراحة ان الحريري في مبادرته التاريخية، دعا الى الحوار مع حزب الله، دون التوقف امام اي خلاف بينهما، حماية للبنان ولسلامته وصيغة العيش المشترك بين ابنائه، وقد تلقف العديد من القيادات هذه المبادرة واشادوا بها وفي مقدمهم الرئيس نبيه بري، والرئيس امين الجميل والدكتور سمير جعجع والنائب سليمان فرنجيه، والنائب وليدجنبلاط، وغيرهم من القيادات المسؤولة والشخصيات الوطنية التي اعتبرتها بابا واسعا يمكن سلوكه لتهدئة الاوضاع، لكن حزب الله وقيادات حليفة اخرى تجاهلته اولا، ثم بدأوا يرسمون حوله علامات استفهام مشككة، قبل ان ينفجر السجال العنيف الدائر اليوم، بين وزراء ونواب وقيادات من الطرفين، وكانت النتيجة ان البلد خسر ايضا فرصة لتنفس الصعداء كان يمكن ان تحصل وذهبت مع الريح.