IMLebanon

8 آذار وخدمة “الفوضى الخلَّاقة”

عشر سنوات مرت على تصريح وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس عن “الفوضى الخلاقة”، يوم أدلت بحديث إلى صحيفة “الواشنطن بوست” في نيسان 2005، تحدثت فيه عن الفوضى التي يمكن أن يستولدها التدخل الأميركي في الشرق الأوسط. قدمت رايس الفرضية القائمة عليها النظرية، وهي “أن الوضع الحالي ليس مستقراً، وأن الفوضى التي تنتجها عملية التحول الديموقراطي في البداية، هي فوضى خلاقة، ربما تنتج في النهاية، وضعاً أفضل من الذي يعيشه بعض البلدان حاليا”.

ويبدو واضحاً ان عدوى الفوضى الخلاقة وصلت إلينا متأخرة، وكل الذين ادعوا في وقت سابق محاربتهم كل السياسات الأميركية الهادفة الى زرع الفوضى والشقاق، مقدمة لشرق اوسط جديد، وجدوا انفسهم اليوم ينفذون تلك السياسة، بل ينصاعون لها، مكتفين بالفوضى، من دون امكان انتاج “وضع أفضل”.

ما يحصل حالياً في لبنان لدى الفريق المعادي لأميركا والرافض سياساتها، اي فريق 8 آذار تحديداً، يؤكد بما لا يقبل الشك ان الولايات المتحدة الأميركية لا تطمئن من دون هذا الفريق. فالنظام السوري العنيد، الذي كان يغطي هذا الفريق واصبح “حزب الله” يغطيه، وفر أماناً لحدود إسرائيل حليفة أميركا، نحو اربعين عاما، لم يطلق فيها الجيش السوري رصاصة في الجولان على إسرائيل. والنظام الايراني، الراعي أيضاً لهذا الفريق، تفاوض مع الولايات المتحدة، وانجز اتفاقاً نووياً، لا بد سينسحب على الكثير من القضايا والملفات.

أما في الداخل، فنعيش في فوضى كلية، ابتدع أصحابها في الساعات الأخيرة حلاً لدفع رواتب العسكريين كان ممكناً الاتفاق عليه قبل أيام، ومن دون إثارة الفوضى والبلبلة.

والفريق ذاته، ابتدع مطمراً للنفايات، كان ممكناً إيجاده قبل شهر أو شهرين بدل خلق فوضى النفايات، وجعل البلاد تغرق في الأوساخ والأمراض.

والفريق إياه، يعطل انتخاب رئيس للجمهورية فيقاطع معظمه جلسات الانتخاب، ويشترط انتخاب مرشح واحد أحد، ضارباً عرض الحائط بكل الأسس الديموقراطية التي قام عليها لبنان.

وقسم من هذا الفريق يعطل الحكومة حاليا، ولا يحضر الجلسات الا بشروط تعجيزية، بعدما عطلها مراراً ارضاء لهذا الصهر او ذاك.

والفريق نفسه لا يساعد في رسم سياسة دفاع استراتيجية، ولا في تطبيق الخطط الأمنية، ولا في القبض على عصابات الخطف وسرقة السيارات، ولا في تعطيل صناعة الكبتاغون، ولا في الحد من ترويج المخدرات، ولا في ازالة التعليق عن شبكة الكهرباء…

هذا الفريق يخلق فوضى ليست خلاقة في شيء، لانها لا تنتج حالاً أفضل مما نحن فيه اليوم، لكنه يساهم في نشر فوضى يقول في ادبياته انها تخدم أميركا وإسرائيل وانه يحاربها، فإذ به يطبقها ولا يجد من يسائله في بلد اللامحاسبة الذي تتحلل مؤسساته يوماً بعد آخر.