شهد الصراع في لبنان والمنطقة العربية في الأسابيع الأخيرة تطورات مهمة، سياسية وميدانية وعسكرية، دفعت بهذا الصراع الى الحد الأقصى من المواجهة المكشوفة، لا سيما من قبل السعودية وبعض دول الخليج من جهة، والمحور الآخر الذي يضم ايران و «حزب الله» والحكومة السورية وحلفائهم من جهة أخرى.
ويلفت قيادي في قوى «8 آذار» النظر الى ان ذلك يتطلب اعادة النظر في اشكال المواجهة من اجل حماية قوى المقاومة ووحدة الدول العربية، والرد على كل المشاريع الهادفة لتفكيك المنطقة او التطبيع مع إسرائيل وإنهاء القضية الفلسطينية بشكل نهائي. ويشير الى ان هذا الامر يتم من خلال بناء مشروع عربي متكامل قائم على اساس دعم المقاومة ووحدة الدول العربية ورفض أي مشروع تقسيمي، مع التأكيد على أولوية الصراع مع العدو ودعم الانتفاضة الفلسطينية الجديدة، مع الاخذ بالاعتبار حجم ردود الفعل الرافضة لقرارات السعودية ودول الخليج والمدافعة عن المقاومة وكذلك ما يجري من تطورات في اليمن وسوريا والعراق.
يرى ذلك القيادي أن الصراعات دخلت في المنطقة مرحلة جديدة بعد الاتفاق الروسي ـ الاميركي على وقف اطلاق النار في سوريا، مع بقاء الرئيس بشار الاسد وتبني الدعوة الى المفاوضات بين الحكومة السورية وقوى المعارضة تمهيدا للحوار حول مستقبل النظام السياسي واجراء انتخابات نيابية ورئاسية جديدة.
في المقابل، دخلت الأوضاع في العراق في طور جديد من الصراع ضد تنظيم «داعش» من خلال التعاون بين الجيش العراقي و «الحشد الشعبي» وقوات العشائر مما قد يعيد زمام الامور الى الحكومة العراقية.
واما في اليمن، فلم تنجح كل المحاولات التي قامت بها السعودية والحلفاء للسيطرة على المناطق اليمنية، في حين تشهد مناطق الجنوب صراعات قوية بين مختلف الاطراف المتواجدة هناك. وكل هذه التطورات تؤكد سقوط المشروع السعودي ـ التركي الهادف الى تغيير الأوضاع في المنطقة لصالح هاتين الدولتين، وبدء مرحلة جديدة ستكون الأولوية فيها لمواجهة «داعش» و «جبهة النصرة» من اجل تحديد خريطة التحالفات المستقبلية.
يتوقع القيادي في «8 آذار» ان تشهد منطقة تدمر ومحافظة الرقة في سوريا تطورات عسكرية في اطار مواجهة «داعش»، وهي ترى أن هناك تنافساً في بدء المعركة ما بين الجيش السوري وحلفائه من جهة، وبين التحالف الدولي والسعودية وتركيا والدول العربية المؤيدة لهم من جهة اخرى، كما ان المعركة العسكرية ضد «داعش» في الأنبار والموصل ستشهد تطورات مهمة في المرحلة المقبلة.
لكن القيادي يشير الى وجود اشكالية كبرى بشأن الدور الكردي مستقبلا في ظل الخوف من تحول الاكراد الى قوة مؤثرة في دول المنطقة، مما يعرضها الى مخاطر التقسيم والشرذمة في حال لم يتم التفاهم مع الاكراد على حماية وحدة دول المنطقة وعدم الذهاب نحو مشروع تقسيمي جديد.
وعلى ضوء هذه المعطيات ومن خلال اعادة مراجعة كل المرحلة الماضية لا سيما بعد الثورات الشعبية العربية وتجربة الاسلاميين في الحكم، يدعو القيادي الى اعادة الاعتبار الى المشروع العربي الديموقراطي الوحدوي الذي يجمع كل القوى الداعمة لخيار المقاومة ووحدة الدول العربية والرافضة لكل اشكال الصراعات الطائفية والمذهبية.