مرة جديدة ، سيضطر «حزب الله» إلى لعب دور «المصلح» للتقريب بين رئيس «مجلس النواب» نبيه بري ورئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون..في الأصل يتفق الجميع بأن خطوط التواصل بين الأستاذ والجنرال سالكة بصعوبة بالغة وما يجمع الرجلين فقط هو مونة الحليف المشترك.
على هذا الأساس ، ليس ثمة ما يبشر بأن «الكيمياء» بين الاستاذ والجنرال ستتحسن فالأزمة التشريعية المستجدة مرجحة للاستمرار ، لا سيما وأن عون بات وحيدا في مسرح التعيينات الأمنية بعد أن قضت معادلة بري «التوافق أو التمديد» على كل آماله الرئاسية والأمنية وشكلت رسالة غير مباشرة تختصر موقف حلفائه وأصدقائه في قوى 8 اذار اقله في موضوع تعيين قائد جديد للجيش اللبناني.
غير أن نقمة الجنرال على أهل بيته السياسي قبل خصومه أوجدت نوعا من الاستياء والتململ في صفوفهم وإصابت منهم مقتلا في عقر دارهم النيابي … هنا يكثر الهمس في بعض صالونات 8 آذار عن أن الجنرال نسي في لحظة مفصلية واجبه في تحصين هذه القوى وتوحيد صفها وحمايتها حتى من نفسه.
ولكن في المقابل ثمة قائل بأن عون كسر الجرة هذه المرة عن وجه حق، إلا أن عدم إمكانية نكران حقيقة فشل الدولة وأهل السياسة في تغيير الأمور وفصل المسار اللبناني عن مصير ملفات المنطقة من العراق إلى اليمن وسوريا والاتفاق «الإيراني- الأميركي» ، لا يعني بأن لبنان «الشاغر» رئاسيا قادر على استيعاب قفزة عون المتسرعة والمساهمة معه في انهيار السلطتين التشريعية والتنفيذية والمؤسسات الأمنية.
هنا لعل الرسالة الأوضح التي تختصر مطالب المؤيدين لعون في قوى 8 آذار تتلخص بالآتي « على الجنرال تحمل مسؤولياته في هذا الظرف الدقيق والا يعتبر نفسه لاعبا وحيدا على الساحة اللبنانية».
ولكن مهما بلغ حد التباين بين عون وباقي مكونات 8 آذار فإن هناك دوما في أجندة هذه القوى أسبابا تخفيفية جاهزة لتبرير اندفاعات الرجل التي لا تتناسب ابدا مع سياق الأحداث في لبنان أو المنطقة..وبالتالي فان عدة الشغل في المواقف التي يتمسك بها عون لتحصيل مكاسب معينة لن تخسره بطبيعة الحال محبة حلفائه وتحديدا حزب الله، واذا كان عون قد قال صراحة بأنه «سيترك من سيتركه» ،فإن مصادر مقربة من الطرفين استبعدت بان يكون كلام الجنرال موجها للحزب مباشرة محددة إطاره في سياق التعبير عن انزعاج سيد الرابية من مسار الامور ، ومؤكدة في المقابل بأن حزب الله «ما بيزعل من الجنرال» ، فعندما يتكلم الأخير عن تحالف وجودي مع الحزب فهذا يعني بأن علاقة الطرفين ترتفع وتسمو فوق المصالح الآنية.
في الختام ، لا بد من التاكيد بأن الاتجاه الآن ليس لتفجير الوضع مهما تأزمت علاقة أهل البيت الواحد وعلى هذا الأساس فإن العمل في الأيام المقبلة وفقا لأكثر من مصدر قيادي في 8 آذار سيكون باتجاه تدوير الزوايا ومحاولة إيجاد مخرج وترطيب الأمور بين كل مكونات هذا الفريق ، ولكن يبقى السؤال : «هل باستطاعة اي شخص باستثناء الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله التأثير على عون وهل هذا الكلام يعني بأن لقاء الرجلين بات قريبا جدا»؟