Site icon IMLebanon

8 آذار: لاستلهام تجارب حزب الله في مُفاوضات إطلاق الأسرى

مع مرور أكثر من مئة وخمسة وعشرين يوما على اختطاف الجنود اللبنانيين إلى جرود عرسال، وبقاء الإعتصام المستمر للأهالي في ساحة رياض الصلح، تشير مصادر مطلعة على هذا الملف ان القضية تزداد تعقيدا، في ظل الإستعمال السياسي للآلام والمعاناة، ومع غياب المرجعية الضامنة والسلطة القوية القادرة على الحسم في المواضيع الخلافية، مع تعثر خلية الأزمة، وغياب القدرة على الإتفاق على مفاوض واحد.

مصادر في 8 آذار أكدت على مجموعة من المبادىء التي يجب أن تبنى عليها شروط التفاوض، مشيرة إلى أن الجماعات المسلحة تتحمل جزءا من المسؤولية، كما تتحمل الحكومة اللبنانية جزءا آخر.

وتشرح المصادر أن للتفاوض عناصر أربعة، هي الموقف التفاوضي، وأطراف التفاوض، والقضية التفاوضية، والهدف التفاوضي، معتبرة أن هناك عدم وضوح في كل العناصر الأربعة، ففي أطراف التفاوض، وخصوصا منها المفترض أن تكون أطرافاً مباشرة، لأنها المعنية مباشرة بالملف، هناك من الجانب اللبناني خلية الأزمة – المأزومة أصلا – بعد أن سحب منها ممثل التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، كما أن هناك تكليفا معنويا لرئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط الذي يطالب بتكليف وزير الصحة وائل أبو فاعور بمتابعة الملف، «لأنه يعمل عليه منذ فترة» كما سبق وذكر، كما أن هناك من أهالي العسكريين المخطوفين من يطالب بتكليف «هيئة العلماء المسلمين»، التي أصلا تقدم المبادرة تلو المبادرة، وتحاول أن تضطلع بدور الوسيط المحايد.

أما من ناحية المسلحين، تقول المصادر، حتى الآن، لا تعرف بالضبط هوية المسؤول عن التفاوض، أو حتى هوية الخاطفين، فبعض المعلومات الصحافية تؤكد أن المسؤول المباشر عن ملف العسكريين المخطوفين هو زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي، خصوصا بعد أن اعتقلت القوى الأمنية طليقته أو زوجته بتهمة الإرهاب. في حين تشير معلومات أخرى أن المخطوفين محتجزون عند «النصرة» و«داعش»، فهل تم «تقاسم» المخطوفين بين التنظيمين؟ وما دور مصطفى الحجيري «أبو طاقية» الذي «استضاف» العسكريين المخطوفين في أول ساعات الإختطاف؟

وضربت المصادر الخبيرة مثلا في تجربة حزب الله في تحرير الجندي الأسير لدى الجيش السوري الحر عماد عياد، الذي تم اسره في احد منازل القلمون بعد اصابته في احدى المعارك في سوريا، فشرحت أن والده، لبنان عياد، تلقى اتصالا من «جبهة النصرة»، وضعت فيه عدة شروط للإبقاء على حياة إبنه، من بينها أن يقوم الوالد بالمشاركة في الإعتصام والتظاهر، إلا أن الوالد وبثقة كبيرة رد بالقول «ابني استشهد أول مبارح وعم استقبل التهاني بشهادتو»، ثم أقدم على إقفال الخط»، هنا، تقول المصادر ، زاد الوالد من الموقف التفاوضي والقدرة التفاوضية للحزب، وكرسه الممثل الوحيد لمصالحه، ما أجبر الخصم على حصرية التفاوض، دون الدخول في المزايدات والسجالات.

واشارت المصادر الى إن الخاطفين حاولوا بداية مساومة حزب الله، مطالبين بإطلاق العشرات من السجون السورية فرفض الحزب، كما طلبوا ملايين الدولارات ثمنا لإطلاق فرفض الحزب أيضا، إلى أن تمكن مقاتلوه بعملية نوعية من أسر جنديين كبار من «الحر» واستمر التفاوض ليفضي في النهاية إلى صفقة عياد مقابل اثنين من الحر .

وميزت المصادر بين تجربة والد عياد، وتجربة الأهالي الآخرين، معتبرة أن ما لم ينجح «الجيش السوري الحر» فيه من التلاعب بمشاعر الوالد وجعله ورقة ضغط على المفاوض، الذي هو في هذه الحال حزب الله، ينجح فيه المسلحون حتى الآن، وميزة الصمت الإعلامي والسرية التي رافقت جميع مراحل التفاوض بين الحزب والحر، ليست موجودة، باعتبار أن هناك حرصا على الإعلان عن الأشياء قبل حصولها حتى في ملف العسكريين.

وشرحت المصادر أن منطلق الحل يجب أن يكون من خلال الإتفاق على وحدة المفاوض، ما يرفع من «القوة التفاوضية» لديه، ويقطع الطريق أمام قيام المسلحين بالإلتفاف عليه، ومحاولة عقد إتفاقات جانبية، منتقدة ما اقترحه البعض بأن يتولى «كل زعيم طائفة المفاوضة عن العسكريين الذين ينتمون إلى مذهبه، لأن ذلك ضرب نهائي لمؤسسة الجيش، وتكريس الهوية الطائفية للمؤسسة العسكرية، في حين أن وحدة الجيش هي خط أحمر.

وأبدت المصادر مخاوفها من أن تكون الجماعات المسلحة لا تنوي فعليا الإفراج عن العسكريين، متسائلة عن ثمن الطلبات التموينية التي تطلبها الجماعات المسلحة، ومؤكدة أن فكرة استعمال التهديد بالقتل للحصول على التموين والوقود هي ابتزاز صريح لا يجب أن يقبل به الطرف اللبناني بدون الثمن المناسب، مفسرة أن كلام اللواء عباس ابراهيم «لن أفاوض والسيف على رقاب العسكريين» كتطبيق لهذا الأمر، ومشيرة إلى أن وحدة الهدف شرط أساسي لنجاح مشروع الحل.

ولم تستبعد المصادر بعض «الصفقات الصغيرة» التي قد تشمل إطلاق بعض المعتقلين الذين لم تتغمس أيديهم في دماء اللبنانيين، ولم يتورطوا بجرائم إرهابية، مقابل الإفراج عن بعض العسكريين، كما إمكانية الفصل بين الحوار مع النصرة والحوار مع داعش.