Site icon IMLebanon

«8 آذار» تنتظر بـ «انضباط».. رياح التفاهم الإقليمي

طفت على السطح في الآونة الأخيرة ملاحظات على أداء معظم قوى «8 آذار» بسبب ما يعتبره البعض غياب الرؤية الموحدة عن تلك القوى، وعدم توحدها وراء مواقف هامة حيال المسائل المطروحة على الساحة.

وقد كان آخر ما بدا جلياً على هذا الصعيد هو الكيفية التي قارب بها هذا المحور مسألة التمديد للقادة الأمنيين الذي عارضه العماد ميشال عون بشدة، ولكنه مر برغم ذلك، بموافقة، أو أقله، غض نظر، من قبل حلفاء عون، وفي مقدمتهم «حزب الله».

كما بات من الواضح أن تلك القوى ليست مجمعة على رؤية موحدة حيال كيفية مقاربة المرحلة المقبلة أيضا. ففي الوقت الذي يبدو فيه أن عون ماض في خياراته متسلحاً بحيثية شعبية ومطالب يرى أنها محقة، ظهر عدم حماسة على باقي القوى لذلك المسار، من دون أن يتطور هذا الاختلاف الى خلاف بين الطرفين.

يرى قيادي في «8 آذار»، يراقب مسار الأمور، ان «حزب الله»، الطرف الأقوى في تلك القوى، يضبط «ميدانيا» الاتجاه الذي تذهب اليه مواقف «8 آذار» و «الجنرال»، ويمنع تطورها كي لا تصبح خلافا عميقا واستراتيجيا، لكن من الصعب على الحزب، المنشغل في قضايا أشمل وأهم، ان يمنع تلك الخلافات من الحدوث، وهو ما يفسر ان ذلك المحور يظهر ضعيفا «في الشكل» لدى مقاربة قضاياه، بينما هو قوي «في المضمون» ومنضبط. ويشير الى ان عون قد غرد خارج السرب أكثر من مرة، وهو يمتلك حيثية خاصة تدفعه الى اتخاذ مواقف بمفرده، لكنه لا يحيد عن الخط في «المحطات الاستراتيجية»، ولن يذهب الى النهاية في معركته مع الحكومة، اذ انه يعرف تماما الحدود التي من الممكن لأي لاعب في هذا المحور الذهاب اليها، خاصة مع خيار الشارع الذي لا توافقه عليه القوى في «8 آذار»، «لأن التجربة الأولى لم تكن ناجحة».

عند تناول القيادي للخلاف المتصاعد بين عون والرئيس نبيه بري، فهو يرى ان الخلاف المتعلق بالخيارات المتباعدة منذ فترة بين الرجلين التي أضفت حساسيات على العلاقة، وحتى بالطبيعة الشخصية لكل منهما، لن يذهب الى نقطة اللاعودة، واذا كان «حزب الله» على علاقة ثابتة لا تتزعزع مع بري، فإنه، في المقابل، لن يفرّط على الإطلاق في تفاهمه مع «الجنرال» في ظل حاجة متبادلة لهذا التفاهم بين الطرفين.

من هنا، فإن مواقف بري، الذي يلمح البعض الى أنه لا يؤيد منذ البداية خيار عون رئيسا، لن تبتعد، كما يراهن البعض، لتصب في خانة قوى «14 آذار»، إلا انه يملك خصوصية تجعله مؤهلا لأداء دور أكثر براغماتية من غيره، بما يمتلك من خصائص ودهاء سياسي. ويسأل هؤلاء: اذا كان بري قد انضم الى المعسكر الآخر في معركة رئاسة الجمهورية، فلمَ لا نزال غير قادرين على انتخاب الرئيس؟

إذاً، تبدو «8 آذار» كالائتلاف «المضبوط بالاستراتيجية». ائتلاف سيمتلك الرؤية المنسجمة.. في الوقت المناسب.

على ان هذا الائتلاف، حتى مع اتفاقه على مرشح واحد للرئاسة، يهمس البعض انه لن يكون غير سليمان فرنجية، لن يكون بمقدوره فرض مرشحه على الاجندة الإقليمية من دون توافق اللاعبين الكبار على طبيعة هذا الرئيس.

إقليميا، ثمة قرار بتحييد لبنان عن انفجار المنطقة، اذ لا مصلحة لأي من اللاعبين الدوليين والاقليميين في تفجر لبنان، حسب القيادي. من هنا، فإن لبنان، المستقر، هو غيره لبنان المتفجر في بداية الحرب الأهلية حين كان ثمة مصلحة في إحراق لبنان، بينما ساد نوع من الاستقرار المحيط الإقليمي.

هل يعني هذا الامر انه في الإمكان التوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية؟

يبدو الامر بعيد المنال، وسيبقى لبنان في حال الفراغ مدة ليست بقصيرة، لكن، مع ذلك، فإن بارقة من الأمل تلوح في الأفق في ظل الانفتاح الأميركي ـ الإيراني.

يشير القيادي الى ان إيران قد تمكنت من تحقيق نصر هام جدا في مفاوضاتها النووية، ولكنها لن تتصرف في المنطقة العربية على أساس من الهيمنة، بل ان توجه طهران اليوم سيكون منصبا على إصلاح العلاقات مع المحيط العربي.

وبينما تكابر السعودية في رفض نتائج الاتفاق الأميركي ـ الإيراني، فهي لن ترفض أي انفتاح إيراني عليها، وسيكون أمام اللاعبين الإقليميين مهمة مواجهة الإرهاب التكفيري الذي من غير الممكن صده بعيدا عن تفاهم إقليمي إيراني ـ سعودي ـ سوري ـ مصري، يمليه تقاطع المصالح اليوم أمام التهديد الأكبر لشعوب تلك الدول، حسب القيادي.

وبينما يترقب اللبنانيون نتائج هذا التفاهم لكي يتبلور ويترجم على الأرض، يشير القيادي الى ان هذا التفاهم الإقليمي، في حال حصوله، سيترجم في لبنان حلا رئاسيا «تسوويا» يرضي الأطراف الكبرى كافة.