Site icon IMLebanon

رسائل مُبطّنة من “حزب الله” إلى الأميركيين: أمن الجنوب تأمّن!

 

راهن كُثر على أنّ إنجاز ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل سيمنح لبنان قسطاً من الإستقرار وسيبدأ بعدها بمعالجة أزماته السياسية والأمنية والإقتصادية ما سينعكس إيجاباً على مسألة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية. مضى نحو 40 يوماً والبلاد تعيش الفراغ الرئاسي، فقد ترك الرئيس ميشال عون كرسي بعبدا ولم تنجح الأزمة الإقتصادية والإجتماعية المتفاقمة في حث النواب على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ولا أدى اتفاق الترسيم البحري مع العدّو إلى حلحلة في الملف الرئاسي.

 

وباتت جميع المعطيات ظاهرة للعيان. إذ إن أزمة لبنان مرتبطة بالتوترات الداخلية والمتاريس التي ترتفع بين جميع الافرقاء وبالصراع الإقليمي والدولي الذي يتفجّر على ارض لبنان لذلك فإنّ كل الرهانات سقطت.

 

لكن ما هو لافت للأنظار أن «حزب الله» الذي يُهاجَم يومياً، يُعتبر من القوى التي تتعامل بواقعية مع الواقع اللبناني، فـ»الحزب» يعلم جيداً أنه لا يستطيع فرض إيقاعه على الواقع اللبناني إلّا من خلال استخدام أذرع له من كل الطوائف، لذلك فهو بأمس الحاجة إلى الغطاء المسيحي الذي يؤمّنه «التيار الوطني الحرّ» وكذلك يحتاج إلى الرئيس نبيه برّي وحركة «امل» لأنّها تستطيع التواصل مع كل أفرقاء الداخل ولديها علاقات جيدة مع المحيط العربي والغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية. وبما أن لـ»حزب الله» أجنحة في كل مكان، فإنّه يستخدم هذه الأجنحة التي تتكوّن بغالبيتها الساحقة من شيعة «أمل» وشخصيات مسيحية من أجل إيصال رسائل إلى الأميركيين بطريقة غير مباشرة.

 

وفي السياق، فقد علمت «نداء الوطن» أنّ اجتماعاً حصل منذ أيام ضمّ نائباً من حركة «أمل» وبعض الشخصيات منها من يدور في فلك «الحزب» وآخرون مع جهات أميركية، وحاول خلالها النائب «الحركي» الذي كان ينطق بلسان «حزب الله» الترويج لفكرة أنّ توقيع إتفاق ترسيم الحدود يعني إرسال توجيه تطمين الى أنّ الحدود البحرية والبريّة الجنوبية ستعيش الأمان والإستقرار وأن كل الحروب السابقة ستنتهي وسيبدأ عصر استخراج النفط والغاز من الجنوب اللبناني والشمال الإسرائيلي وأنّ «الحزب» لن يقدم على افتعال أي حرب، لذلك فإنّ المشكلة الجنوبيّة قد حُلّت مع توقيع إتفاق الترسيم.

 

ومن جهته، يحاول نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب الذي يُنسّق خطواته مع «حزب الله» في هذا الملف الترويج في المجالس الخاصة عندما يجتمع مع الأميركيين بأنّ زمن الحروب قد ولّى وبأنّ المنطقة الجنوبية لن تشهد أي حرب لأن اتفاق الترسيم أنهى فتيل الحروب التي اشتعلت سابقاً ومن الممكن أن تشتعل مستقبلاً وأنّ «حزب الله» ملتزم بأمن المنطقة الجنوبية ولن يُشعل أي حرب.

 

ولا يقتصر الأمر على بو صعب والنائب المنتمي إلى حركة «أمل»، بل يعمل «حزب الله» عبر عدّة قنوات، ويستعين بشخصيات مسيحية بشكل خاص من أجل توجيه رسائله إلى الأميركيين والإيحاء بأنّ ما بعد مرحلة الترسيم ليس كما قبلها، واهتمامات «الحزب» قد تتغيّر، وقصد بعضهم واشنطن لإيصال هذا الكلام.

 

وإذا كان الترسيم قد أرسى نوعاً من الراحة، إلا أنّ هذا الملف على أهميته لم يسحب فتيل التوتير حسبما تشير أوساط دبلوماسية سمعت هذه النظرية لأنّ مشكلة «حزب الله» وسلاحه لم تكن مرتبطة بترسيم الحدود البحرية. ويشرح المصدر الدبلوماسي بالقول إنّ «حزب الله» نشأ بعد «الثورة الاسلامية» في إيران وضرب المقاومة الوطنية التي شكّلت أحزاب اليسار عمودها الفقري من ثمّ ضرب حركة «أمل» وسيطر على الساحة الجنوبية، لذلك فإنّ أهداف «الحزب» كبيرة جداً.

 

ويلفت إلى أنّ «حزب الله» يمثّل قاعدة ايرانية على البحر المتوسط ومن الصعب التخلي عنها من دون مقابل، ومن جهة ثانية فإنّ قتاله في اليمن وتهديد أمن الخليج وكذلك في سوريا والعراق غير مرتبط بقضية الترسيم، كذلك فإنّ إفتعاله الحروب ومنها «حرب تموز» لم يكن له علاقة بترسيم الحدود البحرية، لذلك ستبقى مشكلة «الحزب» موجودة إلى أن يأتي الحلّ الإقليمي، وما الترسيم إلّا ملف عابر أرادت إسرائيل حلّه فتعامل «الحزب» والجهات الإقليمية الداعمة له بإيجابية معه وكان لإسرائيل ما أرادت.