Site icon IMLebanon

ترسيم الحدود البحرية ومصلحة واشنطن…

 

بينما يركّز كبار المسؤولين والحكومة والمجلس النيابي والخبراء الاقتصاديون على استكشاف الحلول التي تحول دون الانهيار المالي – الاقتصادي، وبينما يغلب التخبط على المواقف السياسية من المعالجات المفترضة للمأزق اللبناني، يسعى بعض القوى السياسية إلى سبر غور مواقف العواصم الغربية والعربية حيال إمكان تقديم المساعدة المالية التي تحول دون هذا الانهيار.

 

هناك شبه إجماع داخلي على الحاجة إلى قرارات تمنع الانهيار في المرحلة الأولى القريبة المدى، والتي تشمل حسم الموقف من عدم تسديد قيمة الدين المستحق في 9 آذار بعد التفاوض مع الدائنين، على إعادة هيكلة هذا الاستحقاق والاستحقاقات التي ستليه في نيسان وحزيران وصولاً إلى آخر السنة. وما تجمع عليه المؤسسات المالية وجوب أن تقترن إعادة الهيكلة مع تصور للحكومة وعدت بإنجازه قبل نهاية الشهر الجاري، (وإذا تعذر قبل 9 آذار المقبل)، يوضح مستقبل المالية العامة في السنوات المقبلة، حتى يطمئن الدائنون إلى أن تأجيل تسديد مستحقاتهم يتم مع ضمانات بأنهم سيسترجعون أموالهم لاحقاً.

 

أما المرحلة الثانية فهي المتعلقة بالإصلاحات، ومعالجات الأزمة والتي سمتها الحكومة خطة النهوض البعيدة المدى، والتي حدد خطواتها البيان الوزاري زمنياً بأنها تتراوح بين 100 يوم و3 سنوات.

 

في الحالتين ليس لدى أي من فرقاء الحكومة أو الذين خارجها في صفوف المعارضة، أي شك بأن الخروج من الأزمة مستحيل من دون المساعدة المالية الخارجية. وهذه المساعدة بالإضافة إلى رهنها ببدء الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة في شكل ملموس، مشروطة بجملة خطوات سياسية أيضاً. لم يعد مرضياً للدول الغربية أن تردد الحكومة في بياناتها التزامها النأي بالنفس عن أزمات وحروب المنطقة، بل تطلب أن ينفذها لبنان عملياً. وأبرزها الإقبال على ترسيم الحدود البحرية والبرية مع إسرائيل، بعد أن تجمد إطلاقها منذ أن قبلت واشنطن لعب دور المسهّل السنة الماضية. فترسيم الحدود يسمح للبنان بأن يسرع عملية التنقيب عن النفط في مياهه الجنوبية، بعد التوصل إلى حل للنزاع مع إسرائيل على قسم من البلوكين الرقم 8 و9 قبالة الناقورة. فواشنطن تعتبر أن معالجة النزاع تخفض احتمالات الصدام العسكري بين لبنان و”حزب الله”، إلى قرابة الصفر، لمصلحة تكريس الهدوء في الجنوب، ما يضمن أمن إسرائيل. ويفتح باب الترسيم مع سوريا.

 

تقول الرواية إن شركة “إيني” الإيطالية النفطية والتي هي الثالثة في الكونسورسيوم الذي يفترض أن يبدأ غداً التنقيب عن النفط والغاز في البلوك الرقم 4 قبالة المسافة الممتدة من شمال بيروت إلى ما بعد البترون، دعت قبل بضعة أشهر، شخصيات لبنانية معنية بقضية حفظ حقوق لبنان في المنطقة الاقتصادية الخالصة إلى زيارتها في روما، حيث طرحت أسئلة عليهم: لماذا تترددون في التفاوض مع إسرائيل حول مسألة ترسيم الحدود في وقت يشكل ذلك فرصة ذهبية لكم”؟

 

من يرددون هذه المعطيات أوضحوا أن الشخصيات اللبنانية التي استضافتها الشركة الإيطالية فهمت من المسؤولين فيها أنهم يشجعون على تسريع التفاوض وأن “هناك فرصة ذهبية لمصلحة لبنان لأن الولايات المتحدة الأميركية ليست بعيدة عن أخذ مصالحه ومطالبه في الاعتبار في هذه المرحلة. تضيف الرواية أن واشنطن في سباق مع روسيا في المنطقة حول تقاسم النفوذ على الثروة الغازية في شرق البحر الأبيض المتوسط، لا سيما خطوط أنابيب نقل الغاز إلى أوروبا. وينقل عن هذه الشخصيات أن الجانب الأميركي يخشى من أن تضع موسكو قدمها في لبنان عبر مشاركتها في الكونسورسيوم الحالي (عبر شراكة نوفاتيك مع توتال الفرنسية وإيني) في التنقيب في البلوكين 4 و9، ثم عبر دورة التراخيص المقبلة في شأن البلوكات الأخرى، التي ستشارك فيها شركات أميركية هذه المرة…

 

إستئناف التفاوض سيكون بنداً رئيساً خلال زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي للشرق الاوسط ديفيد شينكر المقبلة.