Site icon IMLebanon

ليس اتفاقاً بين دولتين ولا يحتاج إلى مجلس نواب وتوقيع رئيس

 

إتفاق الحدود البحرية من الوجهة القانونية إعتراف بما تضمّنه المقترح الأميركي

 

 

متخطياّ كل العقبات ومرجئاً كل ما من شأنه ان يؤخر توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية، دوّن لبنان ملاحظاته على نص الورقة الاميركية المتعلقة بالاتفاق على الحدود البحرية وسيسلمها الى الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين اليوم او غداً على ابعد تقدير. الملاحظات ليست جوهرية لكنها تزيل أي التباس في فهم المفاهيم او توضيح الاحداثيات المنصوص عنها. عين لبنان على اسرائيل واليد على قلب من سهر الليالي وتضرع لنجاح الاتفاق خشية اي قرار او تراجع من قبل اسرائيل، وقد نقلت صحيفة معاريف عن المحكمة العليا في إسرائيل عزمها على النظر في اتفاق الغاز مع لبنان يوم 27 تشرين الأول الجاري، في حين اعتبر رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو انه وفي حال نجح في الانتخابات فهو وحزبه سيعتبران ان «الاتفاق مع حزب الله غير قانوني ولا يلزم حكومة اليمين القوية التي سنؤلفها»، أما الامتحان الصعب فسيكون في حال عرض الاتفاق على التصويت في الكنيست.

 

من الناحية القانونية في لبنان يحتاج الاتفاق الى توضيحات بشأن آلية التعاطي القانونية معه من ناحية التوقيع المطلوب عليه وابلاغ الامم المتحدة بالاحداثيات الجديدة. العام 2011 كان لبنان ارسل رسالة الى الامم المتحدة يبلغها فيها بحدوده على اساس الخط 23 ويقول انه قابل للتغيير في حال استجدت معطيات. يومها أُحيل المرسوم من مجلس الوزراء الى مجلس النواب لاقراره ثم بعث به رئيس الجمهورية. فهل ينطبق مثل هذا الامر على اتفاق اليوم؟ والسؤال الآخر من سيضمن او من هي الجهة التي ستكفل تطبيق بنوده من الدول الموقعة؟

 

قد يفي ما قاله نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب بالغرض وبوصف طبيعة ما حصل «لا نعترف بالعدوّ الإسرائيلي وبالتالي لا نوقّع على معاهدة أو على اتفاق معه، والوسيط الأميركي كان حريصاً من هذه الناحية وهناك ترتيبات للتوقيع».

 

عرف لبنان كيف يتعاطى بعناية فائقة من الناحية القانونية. راعى مسألتي «حزب الله» بالنسبة للعلاقة مع اسرائيل والتطبيع وتجنب الخلاف في ما يتصل بالشروط القانونية للتوقيع. لذلك حرص رئيس الجمهورية ومنذ البداية على التشديد على مسألة مهمة وهي التأكيد وارسال الرسائل حيث يجب، من أنه اتفاق وليس تطبيعاً ولن يكون معاهدة ولا يسري عليه مفعول المادة 52 من الدستور التي تقول: «يتولى رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وابرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة ولا تصبح مبرمة الا بعد موافقة مجلس الوزراء، وتطلع الحكومة مجلس النواب عليها حينما تمكنها من ذلك مصلحة البلاد وسلامة الدولة»، أما المعاهدات التي تنطوي على شروط تتعلق بمالية الدولة والمعاهدات التجارية وسائر المعاهدات التي لا يجوز فسخها سنة فسنة، فلا يمكن ابرامها الا بعد موافقة مجلس النواب».

 

لو كانت معاهدة لاضطر رئيس الجمهورية الى التفاوض بمشاركة رئيس الحكومة وعرضها على مجلس الوزراء ثم مجلس النواب للمصادقة عليها، لكن عون اكد انها ليست معاهدة ولا يلزمها مجلس وزراء ولا مجلس نواب. وما سيحصل هو التوقيع على اتفاق عسكري من قبل وفد تقني وعسكري ومدنيين على انه اتفاقية «اعتراف بحسن النوايا».

 

بعض الحقوقيين اعتبر ان لا صفة قانونية للاتفاق وسيقوم لبنان بارسال رسالة بشأنه الى الامم المتحدة تنص على حدود لبنان المنصوص عليها في الاتفاق، اي المنطقة 23 وقانا كاملة والاحداثيات التي لها علاقة بالـB1 والبحر. على ان النقطة التي لا تزال فضفاضة تلك المتعلقة بالعوامات والتي طلب لبنان ازالتها من الاتفاق تجنباً للعرقلة وتسهيلاً للتوصل الى اتفاق بأسرع وقت ممكن. وهنا حصل تقاطع اميركي اسرائيلي لبناني لعب «حزب الله» على وتره مستفيداً من الحرب الروسية الاوكرانية وحاجة الاوروبيين الى النفط والغاز فكانت الفرصة سانحة لابرام ورقة الاتفاق.

 

مصادر اخرى معنية بما تم التوصل اليه أوضحت ان كل تلك التفاصيل متفق عليها مسبقاً وتمّ الاتفاق بشأنها مع الوسيط الاميركي ووردت ضمناً في الاتفاق، موضحة ان المقترح الاميركي «ليس اتفاقاً بين دولتين، بل هو اعتراف من جانب كل دولة بما تضمنه المقترح الاميركي، وهذا لا يحتاج لا الى مجلس نواب ولا الى توقيع رئيس الجمهورية. واذا ما ارادت اسرائيل رفع التوقيع الاداري من موظف اداري الى موقع سياسي كرئيس حكومة او وزير مال او غيره فلكل حادث حديث، وقد لا يجد لبنان مشكلة في توقيع على هذا النحو لان التوقيع سيكون توقيعاً افرادياً أي لا يلتقيان وكل جهة توقّع ورقتها». المصادر تؤكد ايضا ان «التوقيع سيكون ذا جانب تقني اداري ولا بعد سياسياً له ابداً لانه ليس اتفاق سلام بين دولتين ولا معاهدة تحت مفاعيل المادة 52 من الدستور، بل هو اعتراف فردي من قبل كل دولة على انفراد واقرار وقبول بما تضمنه المقترح الاميركي وهذا الاعتراف يتم ابلاغ الامم المتحدة به، اي ان لبنان يوافق على كذا وكذا وتقول اسرائيل بالمقابل الصيغة ذاتها ويتم ارساله الى الامم المتحدة، اي انهما موقفان يتطابقان ولكن لا يلتقيان، اي لا يوضع على الورقة ذاتها توقيعان اسرائيلي ولبناني وكل جهة توقّع ورقتها».

 

وتتابع المصادر الشرح: «حين توافق اسرائيل على الملاحظات يذهب لبنان على رأس وفد يتم تحديده الى الناقورة، ورئيس الوفد يوقع الاتفاق وتتبلغه الامم المتحدة كرسالة ترسلها وزارة الخارجية وليس من قِبل أي من الرؤساء».

 

ولكن من يراقب تنفيذ هذا الاتفاق ويضمن التزام الاطراف المعنية ببنوده؟

 

«لا جهة قانونية ملزمة بذلك وقانون البحار غير ساري المفعول هنا لكون اسرائيل لم تلتزم التوقيع عليه، ولذا فان المنطقي ان الجانب الاميركي الذي أدار عملية التفاوض ووضع الاتفاق سيكون الراعي الرسمي لتنفيذه والمشرف المباشر الى جانب الفرنسيين. مواكبو الاتفاق والعالمون بخفاياه رأوا في الاتفاق شبيهاً بتفاهم نيسان «مائي» وهو شكلاً ينطبق عليه مثل هذا التوصيف، بالنظر لما يحتويه من مقدمة سياسية واستعراض مراحل تاريخية واحداثيات وبنود. فضلاً عن دور الامم المتحدة التي ستكون العين الساهرة على تنفيذه، لكن حكماً ليس قوات «اليونيفيل» العاملة في الجنوب والتي يرفض «حزب الله» حكماً وجود أي دور لها في عملية المراقبة البحرية للحدود .