IMLebanon

التحدّي الكبير

 

 

الآن، وقد أُنجزت الإجراءات كلها في مسألة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين، يبدأ العمل الكبير الذي يجب أن ينطلق به لبنان للاستفادة من هذه الثروة التي تحبل بها الأرض اللبنانية تحت أعماق البحار في مياهنا الإقليمية والاقتصادية، هذه الثروة التي نعرب، سلفاً، عن قلقنا بشأنها قياساً إلى تجاربنا مع الطبقة السياسية الفاسدة، التي اكتوينا بتجاوزاتها وسرقاتها، وهي من دون أدنى شك بلا أي شفقة أو رحمة على الإطلاق، ومصلحة لبنان العليا واللبنانيين على… دينتها!

 

وبقدْر ما نقلق نرى أن زوال هذا القلق يتوقف على سلسلة إجراءات يتحتم القيام بها ولو في ظلال الشغور الرئاسي، وحتى في غياب حكومة سويّة:

 

أولًا – لا بد من إنشاء الصندوق السيادي، حتى من قبل المباشرة في التنقيب عن الغاز والنفط، وإلّا نخشى أن يكون مردود إنجاز الترسيم سراباً في سراب.

 

ثانياً – يُفترَض وضع الشركات المشاركة في عملية الاستثمار أمام مسؤولياتها القانونية والبدء في التنقيب والاستثمار فوراً، أقله للدافعَين الآتيَين:

 

1- إن الكيان العبري جاهز لاستخراج خيرات آباره في وقت قصير.

 

2- إن العالم يتجه إلى الطاقة البديلة، خصوصاً من الشمس والهواء. والمسألة قضية سنوات… فإذا لم نُسارع إلى استثمار نفطنا وغازنا في أقرب وقت ممكن، فسنصل متأخرين كثيراً عن الركب، فيفوتنا القطار!

 

ثالثاً – يجب الاستفادة القصوى من ظروف حرب أوكرانيا، ووقف إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، وإلا فلن نتمكن من إيجاد الأسواق المفترض تصدير إنتاجنا إليها، إضافة إلى مخاطر تقصيرنا في التأخير والتوصل إلى الإنجاز الكبير…

 

رابعاً – الكف عن التفكير بتحويل الثروة التي ستُستخرج إلى تسديد الديون المتراكمة على لبنان جراء الفساد اللامحدود. لذلك يجب في هذا السياق أمران:

 

أولهما – المبادرة، بأسرع وقت ممكن، إلى وضع برامج تنفيذية للاستفادة من انضمام لبنان إلى عضوية نادي الدول المنتجة بتعزيز المرافق والقطاعات الزراعية والصناعية والسياحية إلخ… ليس عشوائياً إنما في إطار مخطّط واضح المعالم، مع دراسات جدية للجدوى الاقتصادية (…).

 

وثانيهما – سحب المال المنهوب من سالبيه… وإبعاد هؤلاء اللصوص والناهبين من الاستفادة من الثروة الطبيعية التي أخذ «يشط ريقهم» عليها حتى من قبل أن تطلع من ظلمة الأعماق إلى نور الشمس…

 

فهل نثبت أننا أهل لهذه المهمة؟!. ذلك هو السؤال الامتحان.

 

وعسانا نتعظ بمن سبقنا، في المنطقة وخارجها، على طريق التنقيب والاستخراج والاستثمار، وقد تعلموا من أخطائهم العديدة، فنعتبر بتجربتهم كما وصلت إليه اليوم لا كما انطلقت في مضمار كان لا يزال مجهولًا…

 

وعسانا نبلغ المراد، لا سيما في اقتناع من يعنيهم الأمر بأن هذه الثروة الدفينة هي أيضاً حق صراح للأجيال القادمة…

 

وإلّا فحذار أن نصبح مثل بلدان تعوم على بحار من النفط وشعبها «يشحد الرغيف».