IMLebanon

«لا سلبية» أميركية – إسرائيلية تفتح الباب أمام مناورات لا أمام حل

 

واضح: أوروبا تغامر بمصالحها في لبنان طالما لم تدرك جدية موقف المقاومة

 

اللاسلبية هي السمة التي تسيطر على كل الكلام الأميركي والغربي حيال ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة. واللاسلبية لا تعني، بالضرورة، التعامل الإيجابي حيال طلبات لبنان الواضحة في تثبيت الحقوق وإطلاق عمليات التنقيب والاستخراج. وفي حالة التفاوض المجرّبة، مراراً وتكراراً مع الأميركيين، فإن اللاسلبية تعني عادة مزيداً من المناورات والمماطلة والتشاطر. وفي غالب الأحيان يكون رهان الأميركيين على ضعف الموقف الرسمي الموحّد، وعلى وجود أوراق ضغط على القيادات اللبنانية كافة. ويضاف إلى ذلك وجود أفرقاء سياسيين لبنانيين لا يرغبون في مخاصمة الأميركيين أو إغضابهم، ولا يريدون أي تحصيل للحقوق إذا كان على يد المقاومة.

 

وفق هذا المنطق، يتعامل المسؤولون في لبنان مع الزيارة المرتقبة لـ«الوسيط» عاموس هوكشتين إلى بيروت الأحد المقبل استناداً إلى «خبريات» و«مؤشرات» يجري تداولها على أكثر من مستوى. لكن اللافت أن الجهات الخارجية المعنية بالملف، من الأوروبيين إلى الأمم المتحدة وبعض العواصم العربية، لا تعكس مزاجاً يشير إلى استعداد أميركي – إسرائيلي لتنازل جدي. بل إن بعض الجهات الأوروبية لا تزال تتصرف على أن «تهديدات حزب الله لا تزال في إطارها الكلامي»، رغم أن العدو نفسه أبلغ هذه الجهات الغربية تحسّسه من تطور الأمر، وطلب من الأوروبيين الضغط على لبنان للقبول بـ«حل وسط». و«الحل الوسط» وفق الصيغة الأميركية – الإسرائيلية – الغربية، يكون على شكل «القبول بما يقرره الغرب لنا».

 

ومع أن الموفدين الغربيين الموجودين في لبنان، أو من يأتون سراً، سمعوا مراراً وتكراراً من جهات مسؤولة بأن عدم تثبيت حقوق لبنان بصورة واضحة سيقود إلى تصعيد أكيد من جانب المقاومة، إلا أن الجانب الغربي يتصرف على أساس أن لبنان مردوع بدولته ومقاومته، ويستخدم التهويل الإسرائيلي كأنه حقيقة قائمة. واللافت، هنا، أن الأوروبيين يتجاهلون أنهم سيكونون الخاسر الثالث بعد أميركا وإسرائيل في أي مواجهة محتملة، وأن النفوذ الغربي في لبنان سيتأثر كثيراً، وستجد أوروبا نفسها في موقع أضعف داخلياً. مع الإشارة إلى أن فرنسا (كما ألمانيا) ستجد نفسها معنية بأكثر من دور الوسيط أو المراقب. وستكون مطالبة بموقف واضح يشتمل على توفير ضمانات أكيدة بأن عمل شركاتها في حقول النفط والغاز الخاصة بلبنان سيخضع لاتفاق واضح ودقيق. وربما لا يشعر الفرنسيون بعد بهذا الأمر، نظراً إلى تجربة مريرة معهم نتيجة استماعهم إلى تقديرات للموقف من قوى لبنانية وإقليمية لطالما كانت الأحداث مخالفة لها.

على أن تطوراً لافتاً ظهر في الأيام القليلة الماضية حول جدية التوحّد في المقاربة اللبنانية للمفاوضات وليس التوحد حول المطالب والحقوق. وثمة نقاش جدي حول طبيعة الجهات التي تفاوض الأميركيين أو الأوروبيين حول ملف ترسيم الحدود، خصوصاً بعدما أظهر «الأجانب» في لبنان ما وصفوه بالـ«حيرة» إزاء تباينات في مقاربات المسؤولين اللبنانيين الذين يتولون ملف المفاوضات. وهو ما دفع إلى مشاورات جانبية يفترض بالرئيس ميشال عون – تحديداً – حسمها بما يتناسب مع التوافق الأساسي الذي قام بينه وبين الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ومع حزب الله أيضاً، خصوصاً أنه بات منطقياً أن يتصرف المفاوض اللبناني بطريقة مختلفة بعد تدخل المقاومة، وأن يكون شديد الحرص على استثمار هذا التدخل لتحسين الشروط التفاوضية. علماً بأن الجميع يعرف أن من يريد الوصول إلى حل حقيقي عليه أن يتجاوز مرحلة الخوف من العقوبات الأميركية التي لن تفيد في حماية أحد، لأنه في حال أخطأ المسؤولون في لبنان الحسابات، وقدموا تنازلات غير مقبولة، فإن المقاومة ستقوم بما يتوجب عليها، انطلاقاً من موقفها الأساسي بالتزامها بموقف الحكومة طالما أنه ليس هناك تفريط بالحقوق، لكنها لا تجد نفسها ملزمة بخيارات رسمية تضعف موقع لبنان وتقلص حقوقه سواء في الترسيم والتحديد أو التنقيب والاستخراج.

في لبنان يوجد رجال أقوياء، لكنها صفة لا تشمل كل من بيدهم القرار!