IMLebanon

الاعتداء الإسرائيلي.. كل الاحتمالات واردة ولكن؟

 

لم تعد تركيبة مجلس النواب الجديد تحظى بالأهمية اللازمة، وإنتخابات اللجان غداً ستمر بالتي هي أحسن، دون أدنى إهتمام من اللبنانيين، الذين أصبحت أنظارهم وعقولهم موجهة إلى منطقة الترسيم البحري مع العدو الصهيوني، بعد وصول باخرة سحب الغاز إلى بئر كاريش في المنطقة المتنازع عليها.

 

ليست ساعة للجدال العقيم في الداخل، الذي إستهلك رؤساء وحكومات ومجالس نواب، ولجان عسكرية وفنية في المفاوضات غير المياشرة، ليس دون التوصل إلى نتيجة واضحة مع الجانب الاسرائيلي وحسب، بل ، وهذا الأخطر دون بلْورة موقف لبناني موحد من أخطر القضايا السيادية التي يواجهها لبنان، خاصة في هذه المحنة الإقتصادية والمالية التي يتخبط فيها اللبنانيون بعدما سقطت الاكثرية الساحقة منهم إلى ما تحت خط الفقر.

الإسراع في تأليف الحكومة الجديدة أصبح أكثر من ضرورة، حتى يكون البلد مستعداً لمواجهة شتى الإحتمالات، بما في ذلك إمكانية لجوء العدو إلى الخيار العدواني لفرض سيطرته بالقوة العسكرية على المنطقة المتنازع عليها، والسطو على أجزاء مهمة من الثروة الوطنية اللبنانية في حقول الغاز والنفط.

المستجدات المتوالية في هذه المنطقة البحرية الحساسة، تفرض على الجانب اللبناني إستنفار علاقاته العربية والدولية، واللجوء إلى المحافل الدولية، للدفاع عن حقوقه المشروعة في الثروة النفطية، طالباً تدخل دول مجلس الأمن الدائمة العضوية لوقف التعديات الإسرائيلية، تجنباً لخروج الوضع عن السيطرة، والانزلاق إلى مواجهة عسكرية لا أحد يستطيع التكهن بتطوراتها، ومضاعفاتها على أوضاع المنطقة بكاملها.

الواقع أن ضعف الموقف اللبناني تجلى بوضوح في العجز الرسمي على إنجاز الرد على مقترحات الوسيط الأميركي آموس هوشكاين، والحفاظ على حيوية الجهود المبذولة على أكثر من صعيد، وذلك بسبب الخلافات بين كبار المسؤولين على المسار التفاوضي الواجب إتباعه لتثبيت حقوق لبنان، بما في ذلك مسألة تحديد نقطة التفاوض من الخط ٢٩ كما إعتمدها الفريق العسكري الفني المفاوض، أو الخط ٢٣ كما أعلن الرئيس ميشال عون، دون العودة إلى مجلس الوزراء، ودون طرح التبريرات المقنعة لهذا التنازل المفاجئ.

ورغم دقة المرحلة التي وصلت إليها مسألة الترسيم البحري، وما تتطلبه من إهتمام في سلم الأولويات الداهمة، مازال أهل الحكم يتلهون بالنقاشات الفارغة حول شكل الحكومة الجديدة و«هضامة» رئيسها، على طريقة «الملائكة ذكوراً أم أناثاً»، في حين أن المطلوب هو تشكيل «حكومة طوارئ»، للتصدى للتطورات المفاجئة في الملف الحدودي، فضلاً عن قدرتها على خوض غمار الإصلاحات المستعجلة لإعادة إطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والدول المانحة.

المهم أن تبقى متابعة ومعالجة هذا الملف في إطار الشرعية الدستورية، دون تدخل من أي طرف حزبي أو سياسي، لا سيما حزب الله، وبعيداً عن المزايدات الشعبوية التي تزيد الأمور تفاقماً، وتُضاعف حالة الإرباك والضياع الراهنة في مواقع القرار الرسمي، الذي تتقاذف أطرافه الإتهامات والكيديات.

لبنان ليس قادراً على خوض حرب جديدة مع العدو الإسرائيلي، ولكن وحدة الموقف اللبناني، في جميع مندرجاته الرسمية والسياسية والحزبية، من شأنها أن تبعث برسالة مهمة إلى عواصم القرار حول إصرار اللبنانيين على الدفاع عن حقوقهم في ثرواتهم الطبيعية مجتمعين وموحدين، بعيداً عن تفرد أي طرف، وخاصة حزب الله، بأي قرار له علاقة بملف الترسيم، بما في ذلك قرار الحرب والسلم.

المشكلة الأساس تبقى بهذا الغياب الفادح للدولة اللبنانية في شرح هذه القضية الوطنية العادلة للمجتمع الدولي، وحشد التأييد اللازم من الأشقاء العرب والأصدقاء الأوروبيين، إنطلاقاً من مدى حاجة لبنان، المنهار إقتصادياً ومالياً، لثروته الطبيعية من النفط والغاز، للخروج من كبوته الراهنة، بأسرع وقت ممكن، وبأقل قدر من المساعدات الخارجية، عندما تتوفر له العائدات المالية من ثروته النفطية.

منسوب القلق اللبناني بدأ يرتفع بوتيرة عالية، مع بدء العد العكسي لبدء العدوان الإسرائيلي، في ظل إستمرار واقع إنعدام الوزن في مواقع القرار الرسمي اللبناني، وعدم وضوح الرؤية الوطنية في التعامل مع العدوان الإسرائيلي الجديد.

أيها المسؤولون، يا جهابذة السلطة المتهالكة..،

العدو الإسرائيلي في البحر أمامكم، ومسلسل الإنهيارات المتوالية وراءكم،

وانتم إلى متى تتلهون بصراعاتكم وأنانياتكم وصفقاتكم؟