IMLebanon

هل يُفضي التوافق على الخط الأزرق البحري الى توقيع إتفاقيّة الترسيم في غضون أسابيع أم يُؤجّلها ؟!

الجيش درس إحداثيّات هوكشتاين وقدّم رسمه.. ولبنان يتمسّك بالخط 23 وبالنقطة B1 وبحقل «قانا» كاملاً

يبدو أنّ الوعد بإنجاز «إتفاقية الترسيم البحري» ماضٍ في طريقه، على ما يطمح الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة بين لبنان والعدو الإسرائيلي لترسيم الحدود البحرية الجنوبية آموس هوكشتاين، ما يجعله يسعى لأن يُتمّم توقيع الإتفاقية بعد عودة الوفدين الى طاولة الناقورة برعاية أممية قبل أواخر أيلول الجاري. وخلافاً لما كان متوقّعاً بأنّ الأميركي و»الإسرائيلي» يُفضّلان انتظار نتائج الإنتخابات «الإسرائيلية» النيابية والإنتخابات الأميركية النصفية (منتصف الولاية الرئاسية) في تشرين الثاني المقبل، فاجأ هوكشتاين الجميع خلال زيارته الأخيرة الى لبنان في 9 أيلول الجاري بنفي الربط بين الإتفاقية والإنتخابات، ومبدياً استعجاله لتوقيع الإتفاق في غضون أسابيع، سيما وأنّه «يتطلّب المزيد من العمل»، على ما أعلن.

وبعد جولة هوكشتاين الأخيرة على لبنان والمنطقة، بات يُحكى عن قرب اتمام الاتفاق غير المباشر بين لبنان والعدو الإسرائيلي، على ما أكّدت مصادر سياسية متابعة، إذ يبدو أنّ الحسابات التي أجراها مع رئيس الوزراء «الإسرائيلي» يائير لابيد، أظهرت لهما أنّ توقيع الإتفاقية خلال أيلول الجاري أو تشرين الأول المقبل، أي قبل الإنتخابات المرتقبة في كلّ من البلدين، أفضل من ترك الأمر للحكومة المقبلة التي قد يرأسها بنيامين نتنياهو مجدّداً، والذي لا تؤيِّد الولايات المتحدة وجوده على رأس الحكومة التي ستلي الانتخابات المقبلة. ومن وجهة نظرهما أنّه طالما أنّ المفاوضات بين لبنان والعدو الإسرائيلي التي قام بها هوكشتاين طوال الأشهر الماضية تفضي الى الإتفاق على بعض النقاط، فلماذا لا يتمّ استكمالها توصّلاً الى خواتيم سعيدة، بدلاً من انتظار من سيخلف من، مع أرجحية إعادة المفاوضات الى نقطة الصفر.

في المقابل، يبدو لبنان مستعجلاً أيضاً لتوقيع هذه الإتفاقية كونها ستُتيح لشركة «توتال» العودة قريباً الى لبنان وبدء عمليات التنقيب والإستخراج من البلوك 9 أي من حقل «قانا»، على ما أضافت المصادر، بالتزامن مع بدء سفينة «إنرجين» بإنتاج الغاز من حقل «كاريش»، الأمر الذي من شأنه أن يُساهم في تحسين الوضع الإقتصادي في البلاد خلال السنوات المقبلة. كما ستُسجّل كإنجاز حصل في عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وإن كان البعض يرى أنّه يقوم بتطبيق المراسيم المتخذة في مجلس النوّاب. وكان جرى التنبيه من قبل رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، كما من الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله بأنّ لبنان مستعد للمفاوضات غير المباشرة، غير أنّ الوقت ليس مفتوحاً، أي أنّه لا يُمكن التأجيل الى أجلٍ غير مسمّى.، الأمر الذي جعل الأميركي و»الإسرائيلي» يُسرّعان خطوات التفاوض بهدف التوصّل قريباً الى اتفاق.

وبناءً على ذلك، طلب هوكشتاين من المسؤولين اللبنانيين، على ما عقّبت المصادر نفسها، رسم الخط الذين يُوافق عليه لبنان، بعد أن سلّمهم إحداثيات «خط العوّامات» البحرية، وعددها ستّ، على ما يريده هو و»الإسرائيلي». وقد أخذ لبنان هذا المطلب على محمل الجدّ، فانكبّ التقنيّون في الجيش اللبناني، على ما أفادت المعلومات، على دراسته وإعادة رسمه بما لا يتعارض مع الحقوق اللبنانية البحرية، وقد تمّ إنجاز هذا الأمر. كذلك أخذوا بالإعتبار أنّ ما طلبه الوسيط الأميركي لا يُلزم لبنان بتقديم أي تنازل فيما يتعلّق بالنقطة B1 الواقعة عند رأس الناقورة برّاً، والتي يحتاج لبنان الى تثبيت حقّه في ملكيتها، وإنهاء الإحتلال الإسرائيلي لها.. في الوقت الذي يتمسّك بها «الإسرائيلي» لحماية أمنه، وعلى ما يقول، كونها تطلّ بشكل مباشر على عدد من المستعمرات «الإسرائيلية» والمنتجعات السياحية الواقعة على شاطىء البحر. ويُخشى من وجود تعارض بين الحدود البحرية والبريّة، ومن إمكانية استفادة العدو الإسرائيلي من هذا الأمر.

وأكّدت المصادر بأنّ العدو الإسرائيلي اقترح على المسؤولين اللبنانيين ترسيم الخط الأزرق البحري، ولم يربطه بالخط الأزرق البرّي، لأنّ من شأن هذا الربط تعقيد مسألة التوصّل الى اتفاق سريع بين الجانبين، خصوصا وأنّ نقاط الخلاف الـ 13، استلزمت سنوات للتوافق على عدد منها، فيما تبقى النقاط الأخرى سبباً للنزاع حولها.

وتقول المصادر بأنّ مقترحات هوكشتاين قد تكون النقطة الأخيرة التي سيتمّ التفاوض حولها وتتوقّف حول موافقة العدو على استرداد لبنان لهذه النقطة البريّة، قبل أن يُرسل هوكشتاين عرضه الكامل الى المسؤولين اللبنانيين خلال الأسبوع المقبل، ليشرع بعد ذلك الى صياغة مسودة نصّ الإتفاقية وفق ما جرى التوافق عليه بين الجانبين، ومن ثمّ عرضها على كلّ منهما. بعد ذلك، تتمّ العودة الى طاولة الناقورة للتوقيع بشكل نهائي على اتفاقية الترسيم البحري، في حال جرت الأمور على ما يجب، ولم تحمل الردود «الإسرائيلية» أي مفاجأت سلبية من شأنها عرقلة توقيع الإتفاقية وتأجيلها الى أجلً غير مسمّى. في الوقت الذي سيجعل التوقيع عليها قريباً شركة «توتال» جاهزة للمجيء الى لبنان لمباشرة عملها في حقل «قانا»، ولبدء الإستثمارات النفطية فيه لاحقاً.

غير أنّ كلّ هذه الخطوات تتطلّب وقتاً، على ما أشارت المصادر السياسية، لهذا استبعدت إمكانية إنجازها والموافقة عليها في غضون أسبوعين فقط، فلبنان يتمسّك بالخط 23 وبالنقطة B1، كما بحقل «قانا»، وسينتظر ما سيكون عليه الردّ «الإسرائيلي» بعد تسليم الخط الذي رسمته قيادة الجيش الى هوكشتاين لنقله الى العدو الإسرائيلي. لهذا فإنّ المفاوضات مرجّحة لأن تستمرّ حتى تشرين الأول المقبل أي حتى الشهر الأخير من العهد، لا أن تنتهي قريباً. هذا إذا صدقت النوايا، ولم يكن العرض «الإسرائيلي» الجديد الذي أدخل فيه الخط الأزرق البحري، يهدف الى عرقلة المفاوضات وتأجيل توقيع الإتفاقية الى ما بعد الإنتخابات المرتقبة في تشرين الثاني المقبل.