IMLebanon

جولة هوكشتاين تُعيد المفاوضات البحرية إلى الخطّ 23

 

 

خلاصات أوليّة، أظهرتها جولة الموفد الأميركي أموس هوكشتاين على المسؤولين اللبنانيين، وهي:

 

أولاً، سقوط الخطّ 29 من خريطة التفاوض ولو أنّ زيارة الدبلوماسي الأميركي تأتي بعد أيام قليلة من توجيه لبنان رسالة إلى الأمم المتحدة، ردّاً على الرسالتين الإسرائيليتين الاعتراضيتين «على فتح لبنان دورة تراخيص هي الثانية للتنقيب عن النفط والغاز في المياه البحرية، تمتد الى المياه الاسرائيلية أي الى مساحة الـ860 كلم² المتنازع عليها بين الجانبين»، مع «التمسك بمساحة الـ 860 كلم² ما بين الخط 1 والخط 23»، وتحذير «الأطراف الثلاثة»، أي شركات التنقيب عن النفط من القيام بأي أعمال استكشاف أو تنقيب لصالح لبنان في هذه المنطقة.

 

ومع أنّ الرسالة اللبنانية لم تأت على ذكر الخطّ 29، لتكتفي بالمطالبة «بالامتناع عن أي نشاط في المناطق المتنازع عليها»، محذرة «من رفع مطالب لاحقة ومراجعة حدود منطقته الاقتصادية الخالصة كما تنص المادة 3 من المرسوم 6433 اذا فشلت المفاوضات غير المباشرة في تحقيق التسوية التفاوضية»، إلا أنّ أحد المعنيين يؤكد أنّ الخطّ 29، بالاسم، غير مثبت قانوناً، لكنّ الرسالة تذكّر بـ»الحجج القانونية التي عرضها لبنان على طاولة المفاوضات غير المباشرة في الناقورة والتي تسمح له بتوسيع نشاطاته الاقتصادية جنوباً»، ما يعني وفق المعنيين، تجاوز الخطّ 23 نحو 29 كما حاول الوفد اللبناني تثبيته على طاولة المفاوضات.

 

ولعل البيان الذي تقصّدت السفارة الأميركية تصديره في تغريدة رسمية بعد اللقاء الذي جمع هوكشتاين بقائد الجيش العماد جوزيف عون، هو الأكثر تعبيراً عن خروج هذا الخطّ من دائرة التفاوض. اذ رأت السفارة «حيث هناك إرادة هناك وسيلة، أن اتفاقاً على الحدود البحرية يمكنه أن يخلق فرصة تشتدّ الحاجة إليها لتحقيق الازدهار لمستقبل لبنان. لقاء مثمر بين كبير مستشاري الولايات المتحدة لأمن الطاقة العالمي آموس هوكشتاين وقائد الجيش جوزاف عون».

 

ويرى المواكبون في سطور البيان وكأن السفارة تقصّدت الإيحاء أنّ قيادة الجيش لا تشكّل عقبة أمام الصفقة المطروحة، ذلك لأنّ المؤسسة العسكرية كانت الأكثر حماسة لتكريس الخطّ 29 كخطّ تفاوض ولو أنّ السلطة السياسية رفضت تعديل المرسوم 6433، وبالتالي لم توثّق اعترافها بالخطّ 29 أمام الأمم المتحدة. فبدا البيان وكأنّه اعلان غير مباشر لتراجع الجيش عن هذا الخط، مع العلم أنّ المطلعين على موقف قائد الجيش يشيرون إلى أنّ الأخير أكد أمام الموفد الأميركي أنّ المؤسسة العسكرية تؤيد أي قرار تتخذه السلطة السياسية، والمؤسسة العسكرية قامت بالمهمة التقنية الموكلة إليها وفق القانون الدولي، وبالتالي أي قرار نهائي يعود للسلطة السياسية لان الجيش يلتزم قراراتها»، ويلفتون إلى أنّ هوكشتاين لم يكشف أمام قائد الجيش عن أي طرح جديد.

 

بالتوازي، كان الوسيط الأميركي يقول بوضوح في مقابلته التلفزيونية إنّ «النزاع هو بين الخطين 1 والخط 23».

 

ثانياً، لم يهمل هوكشتاين ورقة الاستثناءات التي يريدها لبنان لاستجرار الطاقة من الأردن والغاز من مصر، بحيث يمكن الاستنتاج أنّ واشنطن لا تزال تحاول توظيف هذه الحاجة للضغط على المسؤولين اللبنانيين لتسريع الوصول إلى صفقة يعتقد الموفد الأميركي أنّ فرصتها باتت متاحة.

 

ولذلك، يعتقد المراقبون أنّ طرح الموفد الأميركي لا يزال مربوطاً بملف الطاقة، وهو لجأ إلى الرأي العام لممارسة المزيد من الضغط على المسؤولين اللبنانيين، من خلال توجيه رسائل تهديد ولو ناعمة على عكس غيره من المسؤولين الأميركيين الذين اتسمت نبرتهم بالشدّة والوعيد.

 

ثالثاً، يحمل الموفد الأميركي أفكاراً جديدة لوساطته تحفظ مصالح البلدين النفطية، كما يقول مصدر رسمي لبناني معني بالملف، مشيراً إلى أنّ هذا الطرح ينطلق من المرسوم 6433، مؤكداً أنّ الرؤساء الثلاثة وجدوا في الاقتراح المقدّم اشارات ايجابية مهمة وتعبّر عن تقدّم ملحوظ، ويفترض أن يتمّ الاتفاق بين الثلاثة على ردّ السلطات اللبنانية، مع العلم أنّ الدبلوماسي نفسه نفى طرحه المقايضة بين الحقلَين قانا وكاريش أو إنشاء صندوق مشترك.

 

ويؤكد أحد المطلعين انّ مباحثات هوكشتاين لم تخرج عن الإتفاق الإطار الذي أعلنه رئيس مجلس النواب نبيه بري في تشرين الأول من العام 2020، بعدما أعاد الموفد الأميركي تبنيه للاتفاق منذ زيارته الأولى، مشيراً إلى أنّ جولته الأخيرة تعكس جدية في التعاطي مع الملف وبحثاً في العمق وبيّنت أنّ مصالح لبنان متقدّمة، ويفترض أن تستكمل بجولات جديدة.

 

الاتفاق الاطار

 

يذكر أنّ الاتفاق الاطار نصّ على الآتي:

 

1 – الاستناد إلى التجربة الإيجابية للآلية الثلاثية الموجودة منذ تفاهمات نيسان 1996 وحالياً بموجب قرار مجلس الامن رقم 1701، التي حققت تقدماً في مجال القرارات حول الخط الأزرق.

 

2 – في ما يخص مسألة الحدود البحرية، سيتم عقد اجتماعات بطريقة مستمرة في مقر الأمم المتحدة في الناقورة تحت راية الأمم المتحدة. ستعقد الاجتماعات برعاية فريق المنسق الخاص للأمم المتحدة لشؤون لبنان (UNSCOL). إن ممثلي الولايات المتحدة والمنسق الخاص للأمم المتحدة لشؤون لبنان مستعدون لإعداد محاضر الاجتماعات بصورة مشتركة، والتي ستوقع من قبلهم وتقدم الى إسرائيل ولبنان للتوقيع عليها في نهاية كل اجتماع.

 

3 – طُلب من الولايات المتحدة من قبل الطرفين (إسرائيل ولبنان) أن تعمل كوسيط ومسهل لترسيم الحدود البحرية الإسرائيلية – اللبنانية وهي جاهزة لذلك.

 

4 – حين يتم التوافق على الترسيم في نهاية المطاف، سيتم إيداع اتفاق ترسيم الحدود البحرية لدى الامم المتحدة عملاً بالقانون الدولي والمعاهدات والممارسات الدولية ذات الصلة.

 

5 – عند التوصل إلى اتفاقيات في المناقشات بشأن الحدود البرية والبحرية، سيتم تنفيذ هذه الإتفاقيات وفقاً للتالي:

 

5-1: على الحدود البرية، في ما يتعلق بالخط الأزرق: بعد التوقيع من قبل لبنان، وإسرائيل، و»اليونيفيل».

 

5-2: على الحدود البحرية، إمتداداً إلى الحد البحري للمناطق الإقتصادية الخاصة للأطراف المعنية سوف يتم مخرجات المناقشات النهائية للمحادثات المتفق عليها للبنان واسرائيل لتوقيعها وتنفيذها.

 

6 – تعتزم الولايات المتحدة بذل قصارى جهودها مع الطرفين المعنيين للمساعدة في تأسيس جو إيجابي وبنّاء مع الطرفين والمحافظة عليه، من أجل إدارة المفاوضات المذكورة أعلاه واختتامها بنجاح في أسرع وقت ممكن.