IMLebanon

ردّ لبنان الرسمي على مُقترح هوكشتاين واضح: “لا لخط 23 مُتعرّجاً إِلَّا لمنح لبنان كامل حقل قانا”

مُعادلة “لا غاز من كاريش من دون غاز من قانا” قد تفرض نفسها على التفاوض… وإلّا العودة الى التعديل

 

ينتظر لبنان وصول الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة بين لبنان والعدو الإسرائيلي آموس هوكشتاين الى بيروت خلال أيام، لإبلاغه الردّ اللبناني الرسمي على عرضه الأخير الذي اقترحه في 9 شباط الفائت، والذي كان متأكّداً أنّ لبنان سيرفضه كونه أعطاه أقلّ بكثير ممّا أعطاه “خط هوف” في العام 2011، ورسم بالتالي خطّاً متعرّجاً هجيناً لإعطاء العدو الإسرائيلي فقط كلّ ما يريده في المنطقة المتنازع عليها. كما للبحث في استكمال المفاوضات والعمل على إنهائها في أسرع وقت ممكن، منعاً لحصول أي تصعيد لن يخدم حالة الاستقرار الذي تعيشها المنطقة، ولأنّ لبنان يعوّل بالتالي على بدء الإستفادة من ثروته النفطية، لتحسين وضعه الإقتصادي السيىء، وإن كان الأمر يتطلّب سنوات، فيما لو بدأ اليوم بالتنقيب. فكيف إذا كان العقد مع شركة “توتال” الفرنسية قد جرى تأجيله حتى العام 2025 بسبب الضغط المفروض عليها من قبل الولايات المتحدة الأميركية؟! وماذا عن معادلة “لا للتنقيب عن الغاز في حقل كاريش ما لم يُنقّب لبنان في حقل قانا”، التي سبق وأن طرحتها المقاومة، وقام رئيس “التيّار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل بطرحها بالأمس “لا غاز من كاريش من دون غاز من قانا “؟!

 

أوساط ديبلوماسية مطّلعة، أكّدت أنّ ردّ لبنان على المقترح الأميركي سيكون واضحاً، وسيتمّ نقله الى الوسيط الأميركي فور بدء زيارته لبيروت بعد أيام. وسيكون على النحو الآتي: لبنان لم يطرح خلال محادثاته مع هوكشتاين أنّ الخط 23 هو خط تفاوضي، على ما هو عليه الخط 29، لكي يتمّ تعريجه واقتطاع أجزاء منه لمصلحة الْعَدُو، بل هو خط الحدود البحرية المودع لدى الأمم المتحدة في المرسوم 6433، والذي يحتفظ للبنان بحقّ تعديله، بحسب المادة الثالثة منه ، التي تنصّ على أنّ بإمكانه التعديل في ضوء أي معطيات جديدة. ولهذا، فإنّ لبنان لا يقبل الخط 23 متعرّجاً، إِلَّا في حالة واحدة وهي منحه حقل “قانا” كاملاً. كما يرفض اقتطاع القسم المحدّد في خريطة هوكشتاين لمصةلح العدو الاسرائيلي. وقد يقتضي هذا الردّ قيام الوسيط الأميركي بجولة مكوكية لإبلاغه الى “تلّ أبيب”.

 

أمّا أن يدعي “الاسرائيلي” اليوم بأنّ سفينة “إنرجين باور”، لا تُنقّب في منطقة متنازع عليها، وأنّ حقل “كاريش” غير متنازع عليه، وأن “أعمال التنقيب فيه قد انتهت منذ أشهر”، معلناً أن وصول السفينة هو تمهيد لبدء عمليات استخراج الغاز، فإنّ ذلك سيدفع لبنان الى المطالبة بأن يتمّ التحقّق من هذا الأمر. كذلك فإنّه بمجرد بدء أعمال الاستخراج من العمق حتى ولو في جنوب “كاريش”، فهذا الأمر وحده يعني أنّ “الاسرائيلي” يمكنه التعدّي على ما هو من حقًّ لبنان في شمال “كاريش”، من دون علم أحد سواه.

 

من هنا، لا بدّ لمعادلة “لا غاز من كاريش من دون غاز من قانا”، على ما أكّدت الأوساط نفسها، وإن كان الأمر سيتطلّب “لجوء لبنان الى استخدام القوة”، إمّا عن طريق الجيش الذي يملك الضوء الأخضر للحفاظ على سيادته من أي اعتداء أو عمل عدواني، أو عن طريق المقاومة، أو حزب الله الذي سبق وأن أرسى معادلة “لا للتنقيب عن الغاز في حقل كاريش ما لم يُنقّب لبنان في حقل قانا”. وكان نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم قد أعرب عن استعداد حزب الله لاتخاذ إجراءات “بما في ذلك القوة” ضد عمليات التنقيب “الإسرائيلية”، بمجرد أن تعلن الحكومة انتهاك “إسرائيل” لحدود لبنان البحرية.

 

وتتوقّع الاوساط أن يعود هوكشتاين بسقف منخفض عن السابق، كون بلاده لا تريد حرباً في المنطقة تؤدي الى وقف عمليات التنقيب واستخراج الغاز في منطقة الشرق الأوسط، بل على العكس تريد توقيع الاتفاق سريعاً لتحصل على حصتها من هذه الثروة النفطية التي تقدر بمئات مليارات الدولارات. كذلك إذا كان العدو الاسرائيلي يريد فعلاً التوصّل الى حلّ بالطرق الديبلوماسية، على ما يقول، فعليه أن يخفّض من سقف شروطه ومطالبه، ومن ادعاءاته التي تخالف الواقع عن انه لا يعمل في منطقة متنازع عليها، سيما أنّه يعلم بأنّه لا يمكنه الاستمرار في أعماله، في الوقت الذي يتمّ فيه الضغط على شركة “توتال” الفرنسية لكي تؤجل بدء عملها في البلوك 9 الى ما بعد ثلاث سنوات، الى حين انتهاء “الاسرائيلي” من شفط كلّ الغاز الموجود في منطقة النزاع. علماً انه بإمكان لبنان ان يفسخ العقد معها ويقوم بدورة تراخيص جديدة تجعله يبدأ بعمليات التنقيب والاستخراج في مهلة أقلّ من 3 سنوات.

 

وبرأي الأوساط عينها، فإنّ تهديدات الحزب تأخذها “الحكومة الإسرائيلية” على محمل الجدّ، الأمر الذي من شأنه أن يجعلها تتراجع عن مواقفها الأخيرة، كون المقاومة قد سبق وأن تعهّدت بأنّها ستتصرّف اذا ما رأت أنّ نفط لبنان في دائرة النفط، وهو هكذا اليوم، ولن يكون لقمة سائغة.

 

وقالت الاوساط إنّه فيما لو وصل التفاوض عبر الوسيط الأميركي الى حائط مسدود مع العدو الإسرائيلي، يبقى للبنان خيار أن يذهب الى تعديل المرسوم 6433 واعتماد الخط 29 كحدود بحرية له من أجل تحصين حقوقه في المنطقة الاقتصادية الخالصة، وإن كان هذا الأمر سيفا ذا حدّين. فاعتماد الخط 29 قد يجعل تخوين المسؤولين اللبنانيين أسهل في حال جرى التنازل عن متر واحد ضمنه، في حين أن بقاءه خطاً تفاوضياً يمكن لبنان من تحصيل خط ما يقع بين الخطين 23 و29.