IMLebanon

الأملاك البحرية: رأي هيئة التشريع يقيّد النيابة العامة؟

 

 

صدر قرار هيئة التشريع والاستشارات بتطبيق قانون تعليق المهل على المعتدين على الأملاك البحرية العمومية، ما يمنح 12 يوماً اضافياً لتسديد الغرامات الواجبة عليهم. في غضون ذلك، بدأت النيابة العامة التمييزية بالتنسيق مع وزارة الأشغال بوضع اليد على التعديات الحاصلة ما بعد العام 1994، بينما رُدَّ طلبا وقف التنفيذ المقدّمان من «الميرامار» و»كوجيكو» ولم يتِمّ الأخذ بهما

 

أصدرت هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل يوم أول من أمس رأيها بشأن تطبيق القانون الرقم 160 القاضي بتعليق المهل القضائية والقانونية والعقدية على المدة المحددة للمعتدين على الأملاك البحرية العمومية. ورأت الهيئة أن تعليق مهل ما بعد 17 تشرين الثاني 2019 ينطبق أيضاً على الأملاك البحرية، إذ كان يفترض أن تسري المدة المحددة لتسديد الرسوم والضرائب لغاية 29 تشرين الثاني، ما يعني أنه سيتم منح المعتدين 12 يوماً اضافياً تبدأ من 1 آب وتنتهي بتاريخ الـ 12 من الشهر نفسه. جاء رأي الهيئة ليؤكد الرسالة التي أرسلها وزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار الى النيابة العامة التمييزية. هكذا، لم يعد بإمكان هذه النيابة العامة ملاحقة المعتدين بالرغم من ختمها خلال الأسبوع الماضي مبنيين بالشمع الأحمر ومصادرة أرض شاسعة في مرفأ ضبيه وأرض أخرى في مرفأ البوشرية – المتن الشمالي، إضافة الى معمل خفان بالقرب منه، وعدد من المرافئ غير الشرعية في طرابلس، كذلك مساكن سياحية يتم تأجيرها في الصرفند. لكنّ رأي هيئة التشريع سيقيّد عمل النيابة التمييزية، ولا سيما قرار النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات بوضع اليد على من تخلّف عن دفع الغرامات للتعديات الحاصلة ما قبل العام 1994، أقله الى حين انقضاء المهل في 12 آب، من دون أن يحول ذلك دون إزالة كل التعديات الحاصلة ما بعد العام 1994. فوفق القانون 64 الصادر في العام 2017 لمعالجة التعديات، يفترض ازالة كل تلك الحاصلة ما بعد العام 1994 مهما كان وضعها. وفعلياً بدأ المحامي العام التمييزي القاضي غسان خوري بالإعداد لوضع اليد على هذه المساحات المعتدى عليها بالتنسيق مع وزارة الأشغال. الا أنه وبحسب المصادر، طلبت الوزارة بعض الوقت لإعداد آلية الاسترداد. عن ذلك، يقول الوزير ميشال نجار لـ»الأخبار» إن لائحة التعديات التي ستتم إزالتها جاهزة وتشمل 207 مخالفات ممتدة على كامل الأراضي اللبنانية، لكن يجري العمل حالياً على وضع آلية للاسترداد، إذ لا يمكن معالجة كل المخالفات بالطريقة نفسها، لاختلاف المنشآت ووضعها. فبعضها تجب إزالته وبعضها يمكن الاستفادة منه، وبعضها عبارة عن منشآت سكنية، ولكل حالة ظرفها الخاص. أما في ما خص رأي هيئة الاستشارات، فيشدّد نجار على أنه «يلتزم بالقانون وما زال بإمكان الذين لم يسددوا الرسوم الواجبة عليهم، وعددهم 681، التقدم للمعالجة والحصول على مراسيم اشغال». ألا تسمح المراسيم الصادرة عن الدولة بترسيخ ملكية هؤلاء المعتدين على الأملاك العامة وتقونن وضعهم المخالف؟ «المرسوم لا يعطي صاحبه أيّ حقّ بالتملك وفقاً للقانون، ويمكن للدولة استرجاع أملاكها متى تشاء»، يجيب نجار. أما إذا لم يسددوا الرسوم ضمن الـ12 يوماً، «فذلك لن يعفيهم من دفع غرامة قيمتها ثلاثة أضعاف الرسوم الأساسية، مع إزالة المخالفة ووضع اليد على المساحة المشغولة».

 

 

من جهة أخرى، ترى النيابة العامة التمييزية أن المهل القانونية لن تغير في الواقع شيئاً؛ المخالفون لن يدفعوا، وبالتالي ستتم ملاحقتهم عاجلاً أو آجلاً. المشكلة الرئيسية هنا تكمن في لوائح وزارة الأشغال القديمة التي لم يجرِ تجديدها. بمعنى آخر، ثمة عدد كبير من المخالفات مسجل بأسماء مواطنين تركوا هذه الأماكن؛ منهم من توفي وباتت في عهدة أحد أقاربه، ومنهم من تخلى عنها طوعاً وهجرها، ولكن ذلك لا يعفيه من الضريبة الواجبة عليه. فعدة أسماء وشركات تجري ملاحقتها اليوم تحت عنوان التهرّب الضريبي، وهو ما ينطبق على حالة منتجع الميرامار في القلمون لصاحبه محمد أديب، شقيق زوجة الوزير السابق أشرف ريفي. وبعد أن امتنع أديب عن تسديد الواجب عليه، وحصل على قرار من مجلس شورى الدولة قبل أن يلتجئ الى محكمة البداية في طرابلس، ردّت المحكمة طلبه وأحالته مجدداً الى مجلس الشورى. هكذا، رُدَّ طلب وقف التنفيذ ولم يجر العمل به، وباتت ملاحقة الشركة بتهمة التهرب من دفع الضرائب أمراً مشروعاً، وصولاً الى إقفال إدارة المنتجع كاملاً. كذلك الأمر بالنسبة إلى شركة كوجيكو التي يرأس مجلس إدارتها وليد البساتنة (أحد مستوردي النفط الى الدولة اللبنانية) ويسهم فيها رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط ونجله تيمور، حيث لم يتم الأخذ بقرار وقف التنفيذ، وتم منح الشركة مهلة لدفع الـ5 مليارات الواجبة عليها أو إقفالها. أيضاً سينسحب الاقفال على بعض الأبنية التابعة لمنتجع البالما في الشمال، علماً بأن المنتجع لم يسمح لموظفي وزارة الأشغال سابقاً بالدخول الى الموقع لتحديد مساحات الأبنية المخالفة التي يجري إنشاؤها. ومن بين التعديات الحاصلة بعد العام 94، تلك التي حصلت حديثاً ما بين عامَي 2011 و2012 وعددها 61 مخالفة، ومن بينها أبنية تابعة لبلاج الحكيم في رأس مسقا – الكورة، ونورث مارينا (لم يسمح لموظفي الأشغال بالدخول أيضاً)، ومنتجع كاستل ماري في جبيل، ومطعم الجزيرة في كسروان. أما لائحة الغرامات غير المسددة التي فرضت على الأملاك العمومية البحرية الحاصلة ما بعد 1/1/1994 فتشمل مطعم الصياد في عين المريسة، وفندق ومسبح السان جورج في المنطقة نفسها، وشي سامي في حارة صخر، وبلدية صيدا، وشركة الشمال السياحية في القلمون، ومسبح فاميلي بيتش في خلدة، وشركة أشادا للتعهدات في ذوق مصبح، والشركة الوطنية للتعهدات في ضبيه. وتضم هذه اللائحة 107 أسماء، بلغت قيمة الغرامة المفروضة عليها 24 ملياراً و596 مليوناً و710 آلاف ليرة لبنانية، علماً بأن هذه اللائحة غير مكتملة، ويفترض بوزارة الأشغال خلال مدة شهر أن تكون قد نقحت اللوائح كاملة، وأعدت آلية وضع اليد والاسترداد. في حين تعتري هذا الإجراء مسألة أساسية، وهي أن قسماً كبيراً من التعديات الحاصلة يعود لأفراد بنوا منازل على مساحات عامة، وتحتاج الى حل جذري بالتنسيق ما بين وزارتي الأشغال والشؤون الاجتماعية.