سعيدة «أم الصبي». الكنيسة المارونية تتلمس فرح اللبنانيين جميعا. لا تعتبر ان انهاء الشغور الرئاسي مكسبا مسيحيا بل وطني بامتياز، ولكنها لا تنكر بأن «لا بد للمسيحيين بأن يشعروا بأن شيئا من هيبتهم عاد مع عودة الحياة الى قصر بعبدا. تقول مصادر مقربة من بكركي: «استعيدت الهيبة ويبقى استعادة الدور، وهذا يحصل بالممارسة الحكيمة التي يجب ان يعتمدها الرئيس العتيد فيمنع أحدا من وضع العصي بالدواليب».
من هنا يأتي تشديد أوساط كنسية على وجوب «عدم الاكتفاء بكل الايجابية التي حملها خطاب القسم. فالمطلوب الاستفادة من الدفع القوي الذي أحدثه هذا الخطاب داخليا وخارجيا من اجل المضي قدما»، وأما الأهم، برأيها، فيتعلق بضرورة ان «يتعاون الجميع مع فخامة الرئيس ميشال عون لكي يتمكن من تحقيق المطالب التي ما فتئ يتمسك بها ويدافع عنها».
تنفست الكنيسة الصعداء «فقد ولت أيام التهميش»، لا سيما ان البطريرك بشارة بطرس الراعي «ناضل كثيرا من أجل إنهاء الفراغ». تتابع الاوساط أن جو البلد «ممتاز ونأمل ان يستمر كذلك».
المشهد الذي «يكبر القلب»، يتمثل بدخول الرئيس الى القصر على السجاد الاحمر، تقول مصادر مقربة من بكركي، وتعتبر ان انتخاب عون «مدخل لشراكة حقيقية في السلطة ولاحترام تام للدستور والميثاق. فهذا لم يكن ممكنا لو بقي الشغور قائما». وتتوقف عند نقاط عديدة من شأنها استكمال دائرة التفاؤل. من الاستشارات النيابية الملزمة الى التناغم الحاصل بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة الموعودة لسعد الحريري. وتقول: «اذا صفت النيات، فإن هذا يشكل دفعا جديدا للبلد؛ واما المكلف بترجمة وصيانة هذا الدفع فهو العهد الجديد بقيادة الرئيس عون».
في بيانهم الشهري، رأى المطارنة الموارنة أن «انتخاب الرئيس الجديد اليوم يأتي في لحظة مصيرية من حياة الوطن، وهو في الوقت عينه مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتق الرئيس والحكومة العتيدة لمواجهة أولى المهمات وهي إعادة جمع شمل شتاتنا الوطني الذي مني لبنان بتبعاته خلال السنوات الماضية. وهذا مسعى يقتضي مؤازرة جميع اللبنانيين، لا سيما الأحزاب والكتل السياسية، من أجل حياة وطنية أفضل وفجر جديد واعد».
وقارب المطارنة خطاب القسم، فاعتبروا ان «الرئيس الجديد وضع في برنامج عهده ما يصبو إليه اللبنانيون، وهو الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي والإداري، مع تفاصيل مقومات هذا الاستقرار المتعدد الأبعاد»، راجين أن «يتحقق هذا البرنامج بالتعاون مع الحكومة العتيدة والمجلس النيابي وسائر مؤسسات الدولة».
وشدد المطارنة على ان «العبرة تبقى في الانتقال إلى مرحلة جديدة من الممارسة السياسية تعيد الثقة بلبنان على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي، وتضع مؤسسات الدولة على السكة السليمة بعيدا عن المحاصصة والزبائنية والفساد، ما يحقق الدولة القادرة والقوية والمنتجة».
كل هذا المشهد الذي يدعو الى التفاؤل يقتضي، برأي المطارنة «الإسراع في تشكيل حكومة كفوءة وقادرة على رفع التحديات، تعمل بروح الوحدة وخدمة الخير العام». كما يقتضي «وضع قانون جديد للانتخاب يؤمن عدالة التمثيل، كما ورد في خطاب القسم، ويعيد تجديد الطبقة السياسية ويعكس مقتضيات الميثاق والدستور، ويفسح في المجال لقوى جديدة وروح جديدة بالوصول إلى المجلس النيابي».
وأمل الآباء «أن تكون المرحلة المقبلة مرحلة انصراف إلى القضايا الحيوية التي تعني حياة اللبنانيين المباشرة وفي مقدمها حقهم بالعيش بكرامة في دولة يؤدون لها واجباتهم لتعطيهم حقوقهم في المقابل».