IMLebanon

طمُوحات رئــاسة الجُمهوريّة تــؤثّــر على معركة الحُكومة «لعـنـة» مَنـصـب الرئـاسة تُلاحــق الــقادة المَـــوارنــة… وتُشتّتهم !

 

في الوقت الذي نجح القادة المُسلمون في تأمين الحد الأدنى من التوافق في ما بينهم، لتسهيل ولادة الحُكومة، يُواجه القادة المسيحيّون إنقسامات قديمة – جديدة حادة، بشكل يُهدّد بتحجيم دورهم أكثر فأكثر على مُستوى المُعادلة الداخليّة، حيث تُوجد مُحاولات حثيثة حاليًا لتأمين عمليّة تكليف رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بتشكيل الحُكومة المُقبلة، باغلبيّة كبيرة من النوّاب المُسلمين وبمن حضر من النوّاب المسيحيّين. فما هي الخلفيّات الحقيقيّة لهذا الموقف المسيحي الضعيف؟

 

بحسب وزير مسيحي سابق لعب دورًا مُهمّا في الرابطة المارونية في السنوات الماضية، إنّ الإنقسامات بين المسيحيّين، وخُصوصًا الموارنة، سببها ما أسماه لعنة منصب الرئاسة التي تُلاحق القادة الموارنة! وأوضح أنّ رئيس تيّار المردة الوزير السابق سليمان فرنجيّة سيُصوّت لصالح تكليف رئيس «تيّار المُستقبل» الخميس، لأنّه يُحضّر الأرضيّة المناسبة لترشّحه لمنصب رئاسة الجمهوريّة في الإنتخابات المُقبلة، ويتوقّع أن يُبادله «المُستقبل» بالمثل حينذاك، وهو بالتالي حريص على الحفاظ على افضل العلاقات الشخصيّة مع الحريري في مُختلف الظُروف، حتى لو إختلف الجميع معه، لأنّه يُدرك أهميّة تصويت الأغلبيّة السنّيّة لصالحه في معركة الرئاسة المُقبلة.

 

وتابع المصدر المسيحي نفسه أنّ رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» سمير جعجع يُخطّط بدوره لمعركة الرئاسة على طريقته، عبر خريطة طريق تبدأ بالرهان على تراجع شعبيّة «التيّار الوطني الحُرّ» في مُقابل تقدّم شعبيّة «القوّات»، وبالتالي تمرّ بالفوز بأكبر كتلة نيابيّة مسيحيّة في الإنتخابات النيابيّة المُقبلة والتي يُفترض أن تسبق معركة رئاسة الجُمهوريّة بعدّة أشهر. وأضاف انّ خطة جعجع تقضي بأن ينطلق من هذا الفوز النيابي والشعبي الكبير المأمول، للمُطالبة بتطبيق مبدأ إختيار الزعماء الأقوى في طوائفهم، مُجدّدًا في إنتخابات العام 2022 الرئاسيّة، مع التذكير أنّ هذا الشعار بالتحديد كان قد أوصل العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا، قبل اربع سنوات. وكشف المصدر نفسه أنّه من بين الأسباب الرئيسة لإستمرار توتّر علاقة جعجع – الحريري، رفض رئيس «المُستقبل» التنسيق مع رئيس «القوّات» من اليوم، بالنسبة إلى معركة رئاسة الجُمهوريّة المُقبلة، حيث يُريد جعجع أن يكون التفاهم بشأن مبادئها واضحًا بين «القوات» و«المُستقبل» من اليوم، الأمر الذي يتهرّب من تقديمه الحريري.

 

ولفت المصدر الوزاري السابق نفسه إلى أنّ «التيّار الوطني الحُرّ» الذي يعمل حاليًا من خلف الكواليس على عرقلة تكليف الحريري لرئاسة مجلس الوزراء، بحجّة غياب الميثاقيّة المسيحيّة، ينطلق ايضًا من حسابات رئاسيّة. وأوضح المصدر نفسه أنّه في حال غضّ «التيّار» عينه على مُحاولات تكليف الحريري من دون مُشاركة «التيّار» ومباركته، يكون قد وجّه ضربة قاضية لطموح النائب جبران باسيل الرئاسي، لانّه بكل بساطة إنّ تكليف الحريري بإتفاق رباعي يجمع ما بين «الثنائي الشيعي» و«المستقبل» و«الإشتراكي» إضافة إلى بعض الكتل الصغيرة والنوّاب المُستقلّين، سيفتح الطريق أمام «سيناريو» مُماثل سيُوصل رئيس «تيّار المردة» إلى قصر بعبدا بدلاً من باسيل، بعد سنتين. وتابع المصدر أنّ مُعارضة «التيّار» ستبقى حازمة ورافضة لتجاوز دوره، حتى لا يقضي على فرصته الرئاسيّة التي تراجعت كثيرًا بعد التطوّرات الأخيرة في لبنان.

 

وأشار الوزير المسيحي السابق إلى أنّه حتّى رئيس حزب «الكتائب اللبنانيّة» النائب المُستقيل سامي الجميّل الذي إستقال مع نوّاب حزبه من البرلمان في الماضي القريب، يُخطّط من جهته لتوسيع قاعدته الشعبيّة في الإنتخابات النيابيّة المقبلة، مُراهنًا على خطابه المُتماهي مع شعارات الحركات الإحتجاجيّة الشعبيّة في الشوارع. وقال المصدر إنّه حتى لوّ أنّ النائب الجميّل لا يُخطّط لمعركة رئاسة الجُمهوريّة في الدورة المُقبلة، فإنّ عينه على توسيع نُفوذه النيابي والشعبي في مرحلة أولى، للوُصول إلى الهدف الأعلى في مرحلة تالية.

 

ورأى المصدر الوزاري المسيحي السابق أنّ بقاء خيارات القادة الموارنة السياسيّة رهن طُموحاتهم الرئاسيّة، ومعاركهم على زعامة الشارع المسيحي، سيُؤدّي إلى تدمير ما تبقى من نُفوذ مَحدود لهم في الدولة. وقال إنّ مُقاربتهم لمشاريع الإنتخابات النيابيّة تنطلق من هاجس كسب المزيد من الأصوات على طريق الرئاسة، ومُقاربتهم الحالية للعلاقات مع باقي القوى السياسيّة تنطلق أيضًا من هاجس كسب المزيد من الحلفاء على طريق الرئاسة. وأضاف أنّ هاجس معركة رئاسة الجُمهوريّة بين القادة الموارنة، فرّق القوى المسيحيّة الحزبيّة والمُستقّلة، وأبعد في ما بينها، الأمر الذي جعل موقفها ضعيفًا جدًا ضمن الصراع الدائر حاليًا خلف الكواليس على خط عمليّتي التكليف والتشكيل. وختم المصدر نفسه كلامه بالتمنّي أن يتخلّى المسيحيّون عن منصب الرئاسة يومًا ما، لأنه أعمى بصيرة قادتهم، وجعلهم يُقدّمون مصالحهم وطموحاتهم الشخصية على مصلحة المُجتمع المسيحي، ولأنّه قسّم القادة الموارنة وجعلهم يتلهّون في صراعاتهم ،في الوقت الذي يُقرّر الآخرون مصيرهم عنهم!