حجب العدوان الإسرائيلي على لبنان بما يرافقه من قتل وتشريد وتدمير وحشي ممنهج الاهتمام عن ملفات أخرى أساسية واستحقاقات فبعد شهرين يحل موعد انتهاء ولاية التمديد لقائد الجيش جوزف عون من دون ان تلوح في الأفق معالم اي اتفاق سياسي بعد في شأن ملء الموقع العسكري الأول الذي شهد تجاذبا في التمديد السابق وتسربت بوادر إعتراض في الأشهر الماضية حول التمديد الثاني وصلت الى تدخل مجلس شورى الدولة في نزاعات فصدر قرار قبول الطعن بالتمديد للواء بيار صعب الذي فسر على انه خسارة جولة في معركة التمديد بين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وقائد الجيش جوزف عون، فقبول الطعن تم وضعه في خانة التمديد الثاني لقيادة اليرزة الحالية.
اما اليوم وعلى الرغم من الدخول في العد العكسي لاستحقاق القيادة بداية كانون الثاني فلا شيىء واضح بعد في شأن التعاطي مع هذا الملف وسط خشية مسيحية من تسلل الفراغ الى قيادة الجيش بعد الشغور الرئاسي وفي حاكمية مصرف لبنان وعلى ما يبدو فان التمديد لا يحظى بموافقة النائب جبران باسيل اذ تؤكد مصادر سياسية ان لقاء عين التينة بين باسيل والرئيس نبيه بري بحث في هذا الملف وقد صار معروفا ان رئيس المجلس لن يكون طرفا في اي نزاع في هذا الشأن ولن يدعو الى جلسة نيابية لإقرار التمديد كما حصل في التمديد السابق فالمسألة متروكة لمجلس الوزراء ولم يعرف اذا كان وزراء التيار سيسقطون تحفظ المشاركة في اجتماع الحكومة لهذا الغرض فيما المؤكد ان وزراء الثنائي الشيعي لن يدخلوا في اي جدل او نقاش حول المسألة مما يؤشر الى ان موضوع التمديد لقائد الجيش لن يكون سهلا ويمكن على الرغم من الأحداث الكبيرة التي تحصل ان يتحول الى مادة خلافية بين القوى السياسية كما جرى في التمديد الأول لحسابات معينة، مع العلم ان من عارض التمديد السابق “عالق” اليوم في قراره وسط الظروف الأمنية الخطرة والحرب من جهة و الخوف المسيحي من خسارة آخر المواقع المارونية في الدولة بعد الرئاسة الأولى مما قد يدفع قوى معينة لتقديم مراجعة ذاتية والتخلي عن معارضة التمديد الأمر الذي سيدفع الى الموافقة على التمديد او الذهاب الى جلسة حكومية إذا تأزمت الامور لتعيين قائد جيش جديد ومجلس عسكري.
مع ذلك لم تصدر اي إشارات او مواقف لكن مراجعة المواقف الماضية تظهر الاصطفافات والرغبة بالتمديد من عدمه فالنائب جبران باسيل يتصدر قائمة المعارضين لكن الدخول في مواجهة رفض التمديد اليوم مسألة فيها وجهة نظر على ضوء الأحداث والمتغيرات السياسية، مع ان الرئيس السابق ميشال عون أعطى قبل نحو شهرين مؤشرات سلبية عن قائد الجيش كما ان الامور وصلت الى نقطة اللاعودة بين وزير الدفاع وقائد الجيش في الفترة الماضية علما ان باسيل استخدم في التمديد الاول كل الوسائل لمنع تجديد ولاية قائد الجيش لأسباب تتعلق بالعلاقة المأزومة بين ميرنا الشالوحي واليرزة لكن مساعي رئيس التيار اليوم تصطدم بالظروف الأمنية الخطرة التي توجب ملء الفراغ بسبب الحرب الوحشية ضد لبنان والمخاوف من انفلات الوضع بسبب النزوح الكبير والحاجة الى استقرار المؤسسة العسكرية فالعدو الاسرائيلي يسعى الى الفتنة الداخلية وهز الاستقرار لاستكمال العدوان والتدمير.
من المؤكد في هذا السياق ان البطريركية المارونية ترفض الشغور في الموقع الماروني العسكري وان تؤول القيادة العسكرية الى ضابط من خارج الطائفة وعلى الأرجح ان الأمور اليوم تسلك الإتجاه الذي سارت به في التمديد الاول اذ تتخوف بكركي من الشغور وإجراء تعديلات على مستوى القيادة العسكرية لا تتناسب مع المرحلة الراهنة في حين يجب تحصين الجيش وعدم المس بقيادته الى حين انتخاب رئيس للجمهورية وسبق للراعي ان تحدث في معركة التمديد الأول عن “عيب” إسقاط قائد الجيش في ادق مرحلة من تاريخ لبنان وانتقال الصلاحيات لرئاسة الأركان فيما النائب وليد جنبلاط سبق ان رفض تسلم رئيس الاركان قيادة الجيش وعلى الأرجح لا يريد ان يحمل تبعات ردود الفعل والمواجهة مع القوى المسيحية وينقل عن محيطه ايضا انه يعارض إنتقال قيادة الجيش الى رئيس الأركان من منطلق رفضه ان يكون شريكا في اقتناص المواقع المسيحية وإخراج المسيحيين من المعادلة الوطنية.