IMLebanon

انتخابات الرهبانية المارونية: هل «يُزكي الروح القدس» نعمة الله الهاشم؟

… وفي اليوم الرابع (12 آب)، سينتخب 320 راهباً رئيساً جديداً للرهبانية اللبنانية المارونية، خلفاً للأباتي طنوس نعمة إضافة إلى أربعة مدبرين عامين، ليُشكلوا طوال ست سنوات مجمع الرئاسة العامة للرهبانية اللبنانية، وذلك بعد انتهاء أعمال المجمع العام التي بدأت يوم الثلاثاء في مقر الرئاسة العامة، دير مار أنطونيوس ــ غزير، جرى خلالها تقويم الولاية السابقة من قبل الرهبان المجمعيين ووضع تصور للمرحلة المقبلة.

أجراس كنائس الأديرة «البلدية» (اللقب الذي تُعرف به الرهبنة المارونية) ستُقرع غداً بعد أن تنتخب الهيئة الناخبة، بالاقتراع السري، وبـ«وحي من الروح القدس والحبر الأعظم» في روما رئيسها الجديد. أسماء عدّة جرى التداول بها، إلا أنّ مصادر مُطلعة على الواقع الرهباني تُرجح كفة المدبّر العام نعمة الله الهاشم، «الأب غير المصبوغ سياسياً والمستقل. نجح في الإدارة وهو أسهم في تزكية اسم طنوس نعمة سابقاً، كذلك لا يُمانع الفاتيكان وجوده على رأس الرهبانية المارونية». العمل يتركز حالياً على «تشكيل لوبي يعمل على الإتيان بمجلس مدبرين (يبرز منهم حتى الساعة رئيس جامعة الروح القدس الأب هادي محفوظ) من طينة الهاشم نفسها». إضافةً إلى توزيع إدارات الأديرة والجامعات والمدارس والمستشفيات التي تديرها الرهبانية على هذا الفريق.

نعمة الله الهاشم هو من الداعين إلى التركيز على الشق الأكاديمي

الانقسام «السياسي» وفرز الرهبان بين تيارات متصارعة، الذي ساد انتخابات عام 2010 انحسر حالياً. باستثناء بعض «الإخوة العمليّين» الذين لا يحق لهم التصويت لأنهم «لم يحصلوا على الأسرار التي تُخولهم إقامة القداس»، يُشارك في التصويت كل الرهبان الذين أتموا نذورهم. ثقلهم يتركز في جبيل والشوف والشمال.

الرهبانية المارونية هي من أهم المؤسسات المسيحية على الصُعد كافة. كانت لسنوات طويلة «مُحرك» الرأي العام لهذه الجماعة. وعلى الرغم من تراجع دورها السياسي وانكفاء «اللوبي» الرهباني «المتطرف» الذي كان مُسيطراً خلال الحرب الأهلية، إلا أنها عملت على تطوير نفسها أكاديمياً واجتماعياً. ثلاثة رهبان حلبيين أنشأوا في عام 1695 هذه الرهبانية، قبل أن يضعوا في عام 1700 قوانينهم التي أعاد الأب ميخائيل إسكندر صياغتها في الـ1727. الهدف الأساسي من إنشاء هذه الرهبانية كان «لمواجهة سلطة بكركي، فبرزت معادلة جيش بكركي مقابل جيش روما». عدا عن رغبة الكرسي الرسولي إنشاء مؤسسات مسيحية فاعلة تُشكل ضمانة لمجتمعاتها. الدور الكبير الذي لعبته الرهبانية كان ابتداءً من سبعينيات القرن الماضي مع المؤتمر الدائم للرهبانيات، وصولاً إلى الحرب الأهلية مع الأباتي شربل قسيس والأباتي بولس نعمان، اللذين كانا الذراع اليمنى للجبهة اللبنانية. انقسمت الرهبنة التي باتت تلعب دوراً سياسياً أكثر منه أكاديمياً وتواجهت مرات عدّة مع سلطة بكركي، دون أن يُحرك الفاتيكان ساكناً. علماً أنه منذ القرن السابع عشر، يُعتبر البابا الرئيس الأعلى للرهبانية اللبنانية المارونية. لا يزال الكرسي الرسولي «يتدخل» في شؤون «البلدية» عبر تعيين زائر رسولي يكون أشبه بوصي لإدارة شؤون الرهبانية.

بدأ تراجع الدور السياسي للرهبنة مع اغتيال بشير الجميّل، ثم الاعتداء على الأب بولس نعمان خلال عهد الرئيس السابق أمين الجميّل. بعد «الفضيحة المالية» التي «ميزت» عهد باسيل الهاشم و«اتهام» يوحنا تابت ببيع جامعة «الروح القدس» لرئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، قبل أن تُفض العقود وتتكبد الجامعة خسائر مالية كبيرة، وكل ما حُكي عن لعب الأب يوسف مونس دوراً سياسياً، صدر تعميم يمنع الرهبانيات من تعاطي السياسة. تُرجم هذا القرار في حرم جامعة «الكسليك»، حيث منعت الإدارة تلاميذها من ممارسة أي نشاط سياسي، باستثناء تسهيلها مشاركتهم في تظاهرة 14 آذار 2005.

مع الوقت، خفّ وهج «الجناح المتطرف» في الرهبنة. حالياً الغلبة لـ«الجيل الجديد»، الذي ينتمي إليه الهاشم، وهم من الداعين إلى التركيز على الشق الأكاديمي والابتعاد عن السياسة.