IMLebanon

الراهب الماروني ** وعاشوراء

شكري للصديق الشيخ محمد علي الحاج، الذي دعاني لمشاركتكم هذه الايام العاشورائية المباركة ، وشكري  للشيخ محمد كاظم عياد، السيد مظفر رضوي ابن الشيخ مصطفى عياد، الشيخ محمد عياد، الشيخ مرتضى اياد.

وشكري لكم وصلاتي لاجلكم ليبقى نور عاشوراء مشعاً متجسداً في أقوالكم وأعمالكم وتفكيركم وسلوككم، لانه يوم ثورة الحق على الظلم، والعدل، على الفساد والخير على الشر والعطف على القساوة والرحمة على الكره.

سلام المحبة والنعمة معكم واشكر لكم حضوركم وصلاتكم وقبولي مشاركتكم هذه الايام المباركة.

ماذا يفكر كاهن راهب مسيحي ماروني كاثوليكي في ايام عاشوراء وفاجعة الحسين في كربلاء؟ كيف يقرأ هذه الاحداث واين تتقاطع مع غيرها من الاحداث والفواجع الكبرى الانسانية العالمية وخاصة فاجعة السيد المسيح في المسيحية؟

ماذا تقول هذه الايام لراهب وقد قال عنه القرآن انه أقربهم اليكم؟ وصوت الحزن والاسى يطن في اذنيه وقلبه مع اخوته الشيعة اولاد الحسين… سلام الله عليه.

احبائي انا ايضاً مثلكم وجه مسيحي انساني مدمىً… ووجه كربلائي مدمىً.

 –  وجهي ينزف دماً

وكربلاء الظلم لا تتوقف  –

وجهي ايضا ينزف دماً من الظلم والقهر والسبي والاضطهاد القائم اليوم في البلاد العربية وقياداتها وانني اسأل هل سيأتي الحسين يقود ثورة على الظلم والفساد ويوقف كربلائي وكربلاءكم؟ وما هي غاية هذه الاحداث؟

 –  كيف علينا الخروج؟  –

ولماذا هذه الفاجعة؟ وكيف علينا «الخروج» الى ما تمناه واستشهد لاجله الحسين وما اراد لنا من عدل ومحبة ونقاء وسلام وتراحم؟ الحسين «خرج» طالباً للعدل، ونحن، هل ان عاشوراء طقس استذكاري حنيني فقط؟ ام عيش حياتي وتغيير وثورة سلوك وافكار واقوال لنصل الى ملكوت العدل والرحمة والمحبة لانه كما يقول وانا من حسين وحسين مني ومعه ادفع لاجله انسانيتي.

القديس يوحنا: «كل محب مولود من الله وعارف لله. ومن لا يحب لم يعرف الله لان الله محبة هو (اولى، يوحنا 4/8-7) وعلينا كما قال يسوع: ان نحب اعداءنا ونصلي لاجل من يضطهدنا ونبارك من يلعننا لنعيش على الارض فرح السماء، واخوة التسـامح والـرضى وقبـول الاخر المفتـرق عنا، اي انه علينا الخروج من ذاتنا القديمـة الى ذاتنـا الجديدة ونقيم ملكوت العدل والمحبة والرحمة والسلام الذي استشهد لاجله الحسين ومن معه في كربلاء من مسلمين ومسيحيين، وانا من حسين وحسين مني.

 –  عاشوراء هي المحبة  –

عاشوراء هي المحبة والاحترام والشفقة والنبل والشرف، احترام الاشخاص المسبية كرامتهم وحقوقهم كما سبيت النساء في كربلاء، في فاجعة الحسين الثائر ضد الظلم والمستشهد لاجل الحق وما الى اليوم بعض المسلمين كـ«داعش» واخواته يشوهون الاسلام ويدنسونه بسبيهم النساء واخذ الاطفال غنائم حرب.

نحن اليوم في لبنان كثير منا فقراء تعساء مرضى مهجرون مسبية حقوقهم وكرامتهم ودماؤنا تهدر سوية في جنوبنا الغالي، ونحن لابسون ثياب العرس نستشهد كما استشهد العريس الجديد الى جنب حبيبه الحسين، او كما استشهد الخادم الامين جون المسيحي ومزج دمه النقي بدم الحسين الطاهر. نحن نموت ونستشهد ونقاوم مع شعبنا وجيشنا العطيم ونزرع البطولات والكروم وبركة الرحمن الرحيم.

 –  ماذا تقول عن ايام عاشوراء؟  –

عاشوراء تقول لنا اخرجوا من انسانكم القديم الى انسان الحق الجديد كما خرج الحسين. اخرجوا، استشهدوا مع الضحايا وليس مع الجلادين وصلوا قائلين: اللهم اجعل حظي مع الضحايا وليس مع الجلادين، لان الضحية تفتدي نفسها وتفتدي جلادها.

نحن اليوم نؤمن بأن تجاهل ظلام الدنيا لا يستطيع ان يطفىء نور شمعة واحدة.

ظلام الدنيا لن يطفىء نور محبة يسوع على الجلجلة الا شعلة ثورة الحسين في صحراء كربلاء. فأنيروا شعلة الحسين واضئوا ظلام العالم بالمحبة والسلام والحرقة والرحمة.

 –  لا خلاص الا بالمحبة  –

وحدها المحبة تخلص وتشفي ونحن علمنا الانجيل احبوا اعداءكم باركوا لاعنيكم ومبغضيكم لان الله محبة، لان من يقول انه يحب الله الذي لا يراه وهو يبغض اخاه الذي يراه فهو كاذب.

اخوك الجائع العاري، المشرد، المهجر، المريض، الفقير، المعدم، الوحيد، الحزين، الكئيب، المرذول، والناس كلهم عباد الله.

فارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء وسيقول لكم الله اذهبوا عني يا ملاعين لانني كنت جائعاً الى الحق في الانسان ولم تطعموني وعطشاناً الى الرحمة والعدل والرأفة ولم تسقوني وكنت عرياناً من الكرامة ولم تحترموا شخصي البشري وكنت غريباً مهجراً ولم تأووني، كنت انساناً مثلكم فرميتموني كالكلب على الطريق ولم تشفقوا علي، او كاكياس النفايات والزبالة التي في شوارعكم.

 –  يا احبائي تعرفون ذلك اكثر مني  –

عاشوراء واحدة من اهم الاحداث التاريخية انها النهضة العظيمة بوجه الفساد والرجس الذي يجسده يزيد وظلمه وجيشه وجيش ابن زياد وفحشه هو السائق السبابا نعم السبايا من كربلاء الى دمشق ولا فرق اليوم بين سبايا داعـش وغنائـمه وعار تلك الايام.

عاشوراء واقعة مأساوية وعلينا ان نجسدّها في حياتنا هي باقية حيّة لانها الهزيمة والثورة وارادة اصلاح وخير المجتمع والانسان في دروس من الشجاعة والصبر والتضحية والوفاء وبذل الذات والاخلاص لله وللانسان في سمو ذاتي يبلغ حد التصوف والخروج من الانانية وكخوف الحسين الذي لم يخرج أسراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وانما خرج لطلب الاصلاح في امة جده والامر بالمعروف والنهي عن المنكر هذه هي الشهادة الكاملة.

ايا حسيناه

يا حسيناه عليك السلام، لا تسأل عنا، فان الامور لم تتغير، قلوبهم معك وسيوفهم عليك فنحن لا قلوبهم معنا بل سيوف ظلمهم علينا فالى اين انت ذاهب وقد شاء الله ان يراك قتيلاً.

يا حسيناه

ارفع يا سيدي وحيدك وقدمه قرباناً مع قربان اوجاعنا وفقرنا وهو كملاك سيستشهد بين يديك. اللهم تقبل قربانك، ورمال الصحراء تشرب دماء الرجال والنساء عطاش يسيرون قرب المياه وقد منعوهم من الشرب والارتواء وبينهم النساء والاطفال الرضع ولتقم عاشوراء زمن حب وخلاص للبنان فنحن في وحدتنا بلا رئيس للجمهورية ايتام نموت في لهو من حولنا من مسؤولين يرمون علينا نفايات وزبالة الشوارع ويتركوننا نموت على ابواب المستشفيات واولادنا يشربون المياه القذرة والملوثة ويلعبون مع الامراض والجرذان في الشوارع دون مدارس.

فارحمنا يا الله وتقبل قربان اوجاعنا قربان رحمة وحنان. ارحمنا في فاجعتنا وآلامنا ولتكن امامك ذبيحة محبة وخلاص، خلاص بيوتنا وعيالنا ووطننا لبنان واجعلنا نسير في طريق الحق والتضحية التي خطها لنا الحسين في ثورة ضد الظلم والطغيان والفساد ونعرف ان الانسان هو غاية حب الله وعنايته ورحمته وسلام الله عليكم. واذكروني في دعاكم وصلاتكم. آمين.

القيت الكلمة مساء الخميس في حسينية مسجد الامام علي بن ابي طالب في الخندق الغميق