تراقب البطريركية المارونية كل الأجواء المحيطة بالإستحقاق الرئاسي، وتعلم أن التوازن الحاصل قد يوصل إلى الفراغ ولا تتأمل بأن يُنتخب رئيس في جلسة 13 تشرين.
يعمل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على تفادي الفراغ، فهذا الأمر إن وقع سيكون له تأثير بالغ على كل الإستحقاقات.
ففي نظر بكركي، إنتخاب رئيس جديد للجمهورية هو الأساس لإنتظام عمل المؤسسات، فإذا تمّ الإنتخاب ستتشكل حكماً حكومة جديدة تسعى إلى وقف الإنهيار وإبتداع حلول، كذلك فإن إنتظام عمل المؤسسات سيؤدّي إلى إحترام كل الإستحقاقات الدستورية ومن ضمنها مثلاً الإنتخابات البلدية والإختيارية.
من هنا، فإن بكركي تركّز على إنتخاب رئيس، وقد وضع البطريرك الراعي المواصفات ومن ضمنها أن يكون سيادياً بامتياز، وهذه أبسط المواصفات التي يجب أن يتمتع بها رئيس الجمهورية.
لا يوجد لدى نواب الأمة ترف الوقت، فالاستحقاق الرئاسي بات داهماً، لذلك فإن البطريرك يرغب في تكثيف الجلسات حتى لو لم تؤدِّ إلى انتخاب رئيس.
ومن جهة ثانية، فإن الراعي يعلم أن للإنتخابات الرئاسية شقاً إقليمياً ودولياً، فأي إتفاق دولي ممكن أن يسهّل الأمور في بيروت ويساعد في أن يكون للجمهورية رئيسها، وإلا فإن ما تبقّى من ثقة لدى الدولة قد ينهار وهنا تدخل البلاد مرحلة جديدة من الفوضى.
وتحذّر بكركي من الفوضى المرتقبة والتي لن ترحم أحداً، خصوصاً مع تصاعد موجة الغلاء والتضخم، وإتجاه الوضع الإقتصادي نحو الاسوأ في ظل قدوم الشتاء وتأثر لبنان بالأزمة العالمية، لذلك لا بد من مبادرة النواب إلى إنتخاب رئيس للجمهورية سريعاً يضع حداً فاصلاً للإنهيار. وإذا كان البطريرك الراعي لا يوفر أي فرصة من أجل المساعدة على إنتخاب رئيس، إلا انه يرى أن العوامل الإقليمية والدولية ما زالت لا تساعد على الدخول في تسويات، مع إصرار الراعي كما أعلن في عظة الاحد على انتخاب رئيس سيادي بامتياز.
ومن جهة أخرى، يعلم الراعي أن للإستحقاق الرئاسي شقاً مسيحياً، من هنا يحاول البعض طرح فكرة جمع القادة الموارنة تحت عباءة البطريرك من أجل الوصول إلى إتفاق مبدئي.
لكن هذه الخطوة، بحسب مصادر كنسية، قد لا تؤتي ثمارها لأن حجم التباعد بين الموارنة على الخيارات الكبرى كبير جداً، لذلك لن تشهد بكركي في هذا الوقت أي قمة مارونية.
وإذا كان إجتماع القمة غير وارد، إلا أن الراعي سيكمل مشاوراته مع القادة المسيحيين بـ»المفرّق»، لذلك ستشهد بكركي سلسلة لقاءات ومباحثات مسيحية من أجل التوصل إلى حثّ الجميع على انتخاب رئيس يكون بالمواصفات المطلوبة التي تُعيد للدولة هيبتها وحضورها وتنقذ الشعب من المآسي التي يعيشها.
لن يدخل الراعي في لعبة الأسماء لأنه يعتبر أن التجارب الماضية لا تشجّع، كما أن هذا الأمر يقع على عاتق النواب المنتخبين حديثاً لا على المؤسسة الكنسية. من هنا، فإن الراعي يرمي هذه المسؤولية على المؤسسات الشرعية وعلى رأسها المؤسسة الأم، أي مجلس النواب، فهل يكون على قدر المسؤولية واللحظة التاريخية؟