Site icon IMLebanon

مساعي بكركي للحوار تصطدم بتصلّب “الوطني الحرّ” و”القوات”… ومخاوف من انتقال الشغور الرئاسي الى المواقع المارونيّة الكبرى

 

 

يجمع أكثر من فريق سياسي على ان لا رئيس جديد للجمهورية ما لم تتوافق عليه الكتلتان المسيحيتان الأقوى برلمانيا، أي “التيار الوطني الحر” وحزب “القوات اللبنانية”، ومع ذلك فإن أي خطوة من هذا النوع غير مطروحة ومستبعدة، في ظل الانقسام والتباعد السياسي الكبير بين الطرفين، الذي يجعل الجمع مستحيلا بين ما تريده “القوات” رئاسيا ورغبة “الوطني الحر” الرئاسية.

 

من هذا المنطلق، تحركت بكركي قبل وقوع الفراغ الرئاسي، لكن مساعيها لتوحيد وجهات النظر حيال الملف الرئاسي بين القيادات المارونية اصطدمت بالكثير من العوائق، فاقتصر دورها على استمزاج مواقف المسؤولين الموارنة وتطلعاتهم الرئاسية، من دون ان يوفق الكاردينال بشارة الراعي في الوصول الى قواسم مشتركة او نقاط التقاء، وعليه فان بكركي كما يقول العارفون استغنت عن فكرة طاولة الحوار لجمع القيادات المسيحية، واستبدلتها باللقاءات السياسية وإطلاق “عظات التأديب” للمسؤولين، علهم يبادرون الى فك الحصار عن كرسي الرئاسة.

 

ويسجل ان الراعي خطا خطوات قاسية في موضوع الاستحقاق مؤخرا، في أعقاب خروج الرئيس ميشال عون من قصر بعبدا وعدم انتخاب رئيس للجمهورية، معنفا السياسيين بالقول “لم يريدوا إنتخاب رئيس فكان انجازهم اقفال القصر الجمهوري وتنزيل العلم وتسليم حكومة مستقيلة، ولبنان منذ خمسة أشهر في أخطر مرحلة من تاريخه إقتصادية وماليا واجتماعيا، ووصف الراعي السياسيين” ان من صنعوا الحرب ما زالوا يحكمون، وصناع الحروب لا يصنعون السلام.

 

هذا الكلام كما يقول المتابعون، ليس إلا بداية التصعيد الذي ستنتهجه بكركي لاحقا ازاء استمرار تعطيل انتخابات الرئاسة، ومن المتوقع ان يزداد العصف السياسي من بكركي تعبيرا عن استيائها من تكرار سيناريو الجلسات الانتخابية الرئاسية، فالراعي متخوف من اختطاف الاستحقاق الرئاسي وانسحاب الشغور في الرئاسة الى شغور ثان في المواقع المارونية الأخرى في الدولة، يعني حاكمية مصرف لبنان وقيادة الجيش ورئاسة مجلس القضاء الأعلى لحسابات بعض الأفرقاء، فيتم إقصاء الدور المسيحي وسقوط الجمهورية، ولذلك تتوقع المصادر ان تكمل بكركي خطابها التصعيدي الذي يشمل المعطلين، وفي مقدمهم القيادات المسيحية التي لم تتجاوب مع نصائح الصرح وصرخاته التحذيرية.

 

وعلى الرغم من انسداد الأفق، فان بكركي لن تبادر الى أي خطوة سواء كانت بدعوة القيادات المارونية الى حوار لأنها غير مجدية، كما لن يقع الراعي في محظور تسمية أي مرشح رئاسي كما فعل البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير، عندما طلب منه تسمية مرشحين للرئاسة فقدم لائحة للفرنسيين ولم تحترم رغبته في النهاية. من هذا المنطلق، لن تتدخل بكركي مباشرة بالاستحقاق، ولن تقف خلف أي مرشح، لكن لديها مواصفات عبّر عنها الراعي لرئيس الجمهورية المقبل، من دون الدخول في لعبة الأسماء او تسمية أحد، مع الأخذ بالاعتبار عدم موافقتها على المرشح الرئاسي الاستفزازي أيضا.

 

لم توفق بكركي في تبريد الجبهات المارونية وجمع المسؤولين الموارنة حول مرشح جامع، لأن لكل فريق سياسي مرشحه وأجنداته السياسية ومقاربته الاستحقاق من ناحية الشعبوية واستقطاب الساحة المسيحية، ويعتبر العارفون ان طرح النائب جبران باسيل لحوار مسيحي – مسيحي مجرد كلام غير صالح للتطبيق، لأنه لن يسير بمرشح “القوات” والمعارضة النيابية، كما لا يمكن ان يقبل باسيل مرشح هذا الفريق. في حين يعتبر كثيرون ان الظروف السياسية اليوم لا تتشابه مع زمن التسوية الرئاسية الماضية، التي مشت بها “القوات” وأدت الى انتخاب ميشال عون رئيسا، لان رئيس تكتل لبنان القوي يضع “فيتوات” على ترشيح شخصية من فريق ٨ آذار، سليمان فرنجية مثالاً، ويحصر الترشيحات بشخصه وبمن يريده، فيما “القوات” تتطلع الى رئيس “سيادي” يشبه المرشح ميشال معوض، ولا تزال تتمسك به لغاية اليوم.